
شتائم وتخوين وخطاب ذكوري ضد مستشارة وزارية سورية
تعرضت مستشارة وزير الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية، سِمة عبد ربه، لحملة تخوين وشتائم واسعة في مواقع التواصل، عقب منشور لها انتقدت فيه تعامل الحكومة مع التطورات الأمنية والإنسانية في محافظة السويداء، ووصفت المدينة بـ”المنكوبة”، معتبرة أن الاستجابة الرسمية غائبة بالكامل، ودعت إلى تدخل أممي وأردني لتقييم الوضع وتقديم الدعم الإنساني.
وتحدثت عبد ربه عن “ازدواجية المعايير” في تعامل السوريين مع طلبات التدخل الخارجي، حيث شبّهت ما يجري اليوم في السويداء بما سبق أن حدث في إدلب والغوطة في زمن النظام البائد. هذا الموقف، فتح عليها باباً من الاتهامات بالخيانة، إلى جانب موجة شتائم عنيفة طالت شخصها وكونها امرأة، ورافقتها إساءات جندرية وطائفية، على نحو يعكس ما وصفه ناشطون بـ”البنية الذكورية المهينة” في الخطاب العام السوري، لا سيما حين يكون الصوت النقدي نسائياً.
وفي منشور توضيحي لاحق، أعربت عبد ربه عن استغرابها من “حجم العنف اللفظي الذي استُقبلت به ملاحظات مهنية حول الوضع الإنساني في السويداء”، مشيرة إلى أن الهجوم لم يتوقف عند حدود الانتقاد، بل انحدر إلى لغة “الصرف الصحي العابر للطوائف والمناطق”، على حد وصفها، مؤكدة أنها لم تكن تسعى لمنصب أو شهرة، بل كانت مساهمتها تطوعية، بهدف دعم نهضة سوريا من موقعها كمواطنة.
وأعلنت عبد ربه في ختام منشورها استقالتها من منصبها كمستشارة وزارية، مشددة على رفضها لكل أشكال العنف، لا سيما الخطاب التحريضي والذكوري الذي يستهدف النساء في الفضاء العام.
حملة تضامن
إلا أن ناشطين في وسائل التواصل أعربوا عن استنكارهم للحملة الشرسة التي طالت عبد ربه، وعبّروا في منشورات متفرقة عن تضامنهم معها ورفضهم لخطاب التخوين والسباب والتهجم الشخصي، لا سيما حين يمارس بحق امرأة. واعتبر بعضهم أن ما تتعرض له النساء السوريات المعروفات بمواقفهن الوطنية والمساندة للثورة السورية من شتائم نابية وتحريض ممنهج، يكشف عمق الأزمة الذكورية في المجتمع، مطالبين بوضع حد لهذه الانتهاكات المتكررة بحق النساء الناشطات.
خطاب ذكوري وأصوات نسوية
تكشف هذه الحملة مجدداً حجم التحديات التي تواجه النساء في المجال العام السوري، حيث يتحول أي رأي نقدي صادر عن امرأة إلى مساحة مباحة للتهجم الشخصي والجنسي والطائفي، في ظل غياب بيئة حامية لحرية التعبير ومناهضة العنف الجندري.
ورغم أن منشور عبد ربه لم يتضمن موقفاً سياسياً جذرياً، بل ركّز على البعد الإنساني للأزمة في السويداء، فإن الهجوم العنيف ضدها يعكس حساسية الملف الطائفي والسياسي، كما يسلط الضوء على الانقسامات العميقة في الوعي السوري، وازدواجية الخطاب تجاه قضايا العدالة والدعم الخارجي.
من هي سمة عبد ربه؟
سمة محمد عبد ربه هي خبيرة في السياسات العامة والحكم الرشيد، تحمل الجنسيتين السورية والكندية، ولديها أكثر من 25 عاماً من الخبرة في تطوير السياسات والإدارة الحكومية في عدد من الدول العربية والدولية. عملت سابقاً في شركات استشارية بارزة مثل “Kearney“، وشغلت مناصب حكومية واستشارية في الإمارات والعراق، كما ساهمت في تصميم استراتيجيات وطنية وتأسيس كيانات حكومية جديدة.
تخصصت عبد ربه في مجالات متعددة تشمل إعداد السياسات العامة والتحول الرقمي وتمكين المرأة والعلاقات مع القطاع الخاص والدبلوماسية الثقافية. وهي حاصلة على ماجستير في الدبلوماسية من جامعة “SOAS” في لندن، إلى جانب شهادات في الترجمة، وعلم الآثار من جامعة دمشق.
تتقن عدة لغات من بينها العربية، الفرنسية، الإنكليزية والإسبانية والتركية والإيطالية واليابانية، ولها إصدارات مترجمة في الأدب والفكر السياسي، من بينها ترجمات لروايات فواز حداد، وكتب فكرية مثل “لماذا يخسر الغرب الحرب على الإرهاب؟”.