
انتقاد جعجع لـ”الدوّامة اللبنانيّة” يتصاعد ولا استقالات
الامتعاض المعبّر عن عدم امتنان حزب “القوات اللبنانية” إزاء أداء الرئاسات اللبنانية بعد تلقّيها ورقة الوساطة الأميركية، يقلّل من أيّ تأثّر سياسيّ مذهول في القدرة على تحقيق تطوّر استراتيجيّ في الملفات المصيرية. خفُت الرمق “القواتيّ الشاخص نحو ما يمكن لبنان الرسميّ أن يتّخذه من تدابير تمنع تسرّب دخان الحروب العشوائية وتلملم الأسلحة غير الشرعية المبعثرة في الخنادق. كاتف رئيس “القوات” سمير جعجع العهد الرئاسيّ المنتخب والحكومة اللبنانية في أشهر من الطموحات السياسية الخلّابة قبل أن تحين برهة الانتقاد الصاخب من جعجع غير المحبّذ نمط الدولة ومضمونها في الردّ الأوليّ ثم الأخير على الورقة الأميركية. ما لم تستسغه “القوات” بادئ ذي بدء كان الاكتفاء بالتشاور بين الرؤساء الثلاثة من دون توزيع الورقة الأميركية على الوزراء رغم حضور سلطة تنفيذية قائمة بكامل صلاحياتها ومجلس نيابيّ قادر على متابعة الطروحات. شجب جعجع “ضرب الدستور والمؤسّسات اللبنانية بعرض الحائط”، فيما “إن مركز القرار التنفيذي في الدستور هو في الحكومة وإن المركز التشريعي هو في المجلس النيابي”.
بحسب أروقة “القوات” السياسية، كان من الأمثل أن يبتّ مجلس الوزراء في قرار الدولة اللبنانية بعد الورقة الأميركية ويكلّف المجلس الأعلى للدفاع تنفيذ احتكار الدولة للسلاح وتفكيك كلّ بنية “حزب الله” العسكرية. ولا إغفال على نطاق “القوات” أنّ الدستور اللبناني ينصّ بوضوح على سلاح واحد للدولة اللبنانية، بما يفرض أن تتحمّل مسؤوليتها في إنهاء حالة السلاح غير الشرعي. ويشجب الإعلام القواتيّ الرسميّ لـ”النهار” إبقاء السلاح مع “حزب الله” ما يبقي على فئات من اللبنانيين مهجّرين ويحول من دون إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية نتيجة مشاركة “حزب الله” في حرب الإسناد.
أكثر من ذلك، ما أسباب انتقاد جعجع لما تضمّنه الردّ اللبناني على المقترحات الأميركية واعتباره متماهياً مع “حزب الله”؟ في التأكيد “القواتيّ”، “كان من المهم اتخاذ الدولة اللبنانية قراراً في بسط سلطتها على كامل أراضيها والانتقال من الأقوال إلى التنفيذ من دون الاكتفاء بموقف سياسيّ فحسب. لكنّ عدم التنفيذ يعني أنّ التوجّه الحربيّ لا يزال في يد إسرائيل و”حزب الله”، وأنه لا يمكن للدولة أن تحتكر قرار الحرب انما إبقاء لبنان ساحة على غرار الوضع الحالي”. وتبقي “القوات” على النداءات الهادفة إلى تطبيق للدستور اللبناني وفرض نزع السلاح. ولا يزال من المبكر الحديث تهيئة “قواتية” للاستقالة من الحكومة، لأن هذا القرار ليس على الطاولة، مع تحبيذ “قواتيّ” لاتخاذ الموقف من داخل مجلس الوزراء رغم اشتكاء معراب من حكومة غير متجانسة، لكن المهم تلافي الانجرار نحو جولة حربية.