ماكرون أحاط زيارة سلام باهتمام استثنائي… تدقيق في الخطوات الإصلاحية والتجديد لليونيفيل

ماكرون أحاط زيارة سلام باهتمام استثنائي… تدقيق في الخطوات الإصلاحية والتجديد لليونيفيل

المصدر: النهار
25 تموز 2025

علمت “النهار” أن المبعوث الأميركي توم برّاك الموجود في باريس سيلتقي اليوم الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لتبادل الآراء والتنسيق معاً حيال المرحلة التالية من وساطتي البلدين في لبنان

اتخذت الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الحكومة نواف سلام لباريس أمس دلالات مهمة وبارزة، أولاً لجهة الإحاطة الدافئة واللافتة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بضيفه وحرصه على الاطلاع منه على أدق التفاصيل المتصلة بالملفات السيادية والإصلاحية من كل جوانبها، وثانياً لظهور فرنسا مجدداً في دور الشراكة الفعالة مع الولايات المتحدة الأميركية في الانخراط بمعالجة الملف اللبناني، بما يساهم على الأقل في الدفع قدماً نحو بلورة اتجاهات مشتركة أميركية فرنسية حيال المرحلة الطالعة الصعبة والمعقدة في لبنان.

وأفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استقبل بعد ظهر أمس رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى غداء عمل في قصر الاليزية بحفاوة حيث عانقه لدى وصوله إلى باحة القصر تحت المطر وأحاطه بذراعه وسار معه إلى باب القصر حيث أخذا صورة معاً. وانتهى الغداء بلقاء منفرد بين الرئيسين. ثم توجّه سلام مع القائم بالأعمال زياد طعان والسفيرة هند درويش ومدير البروتوكول لحود لحود إلى دار السفارة اللبنانية في باريس حيث عقد سلام لقاء مع الصحافة اللبنانية قبل مغادرته إلى المطار عائداً إلى بيروت. وأبرز ما أعلنه رئيس الحكومة هو أن الرئيس ماكرون رغب في الاستماع عن مسار الإصلاحات التي نفذتها الحكومة اللبنانية حتى الآن. فأوضح سلام أنه قال إن الحكومة تبنّت رفع السرية المصرفية التي تم التصويت عليها، ثم وضع مشروع إعادة هيكلة المصارف وهو القانون الذي سيقر في الحكومة الأسبوع المقبل، أما بالنسبة لقانون الفجوة المالية التي تهم الفرنسيين بشكل خاص لتنظيم مؤتمر إعادة الإعمار، فقال سلام إن لدى الحكومة أمل بأن تنجز مشروع قانون في وقت قريب وأيضاً إصلاح القضاء، وطلب مساعدة فرنسا في قطاع إصلاح الإدارة وتخريج كبار الموظفين في الدولة. كما تحدث مع ماكرون عن انطلاق تأليف الهيئات الناظمة للطيران المدني والكهرباء وهيئة الرقابة المالية.

وعن نزع سلاح “حزب الله” وإذا كان لدى الحكومة خطة، قال سلام: هناك اتفاق الطائف الذي ينصّ على بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وعلى حصرية السلاح والاتفاق الأخير لوقف الاعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل ينص على سحب السلاح بدءاً من جنوب الليطاني ولكنه لا يعني فقط في الجنوب. وقال إن قرار الحرب والسلم أصبح بيد الدولة. وذكر أن الفرنسيين تكلموا عن ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان وهم مستعدون للمساعدة. وعن التجديد لليونيفيل، قال سلام إن هناك احتمالاً ألا يسدّد الأميركيون المستحقات المالية لتمويل اليونيفيل، علماً أنهم يخفضون مشاركتهم في منظمات للأمم المتحدة العديدة، ولم يستبعد إدخال تعديلات على نص قرار تجديد القوة الدولية ولكن لا تغيير في مهمتها، وأكد أنه مطمئن إلى أن الفرنسيين مسؤولون عن صياغة القرار.

وقال سلام إن مهمة الموفد الأميركي توم برّاك لم تنته، فهو عائد إلى لبنان وأن ليس هناك موعداً لمؤتمر إعادة الإعمار الذي تريد تنظيمه فرنسا.

وفي السياق، علمت “النهار” أنه تم تعيين جاك دو لاجوجي الاقتصادي المالي الفرنسي إلى جانب المبعوث الفرنسي الوزير السابق جان إيف لودريان، وقد زار لبنان للنظر في الإصلاحات المالية. وسبق لدو لاجوجي أن كان ممثل المالية في الشرق الأوسط في بيروت في عهد الرئيس شيراك وهو يعرف جيداً السياسيين اللبنانيين . وعلم أيضاً أن توم برّاك الموجود في باريس سيلتقي اليوم لودريان لتبادل الآراء والتنسيق معاً حيال المرحلة التالية من وساطتي البلدين في لبنان.

وكتب سلام على صفحته لدى مغارته باريس عائداً إلى بيروت: “أشكر فرنسا على دعمها المتواصل للبنان وأمنه وسيادته وازدهاره. أعود إلى بيروت مطمئناً نتيجة التزام الرئيس ماكرون بمساعدة لبنان والتجديد لقوة اليونيفيل وتعزيز علاقاتنا الثنائية لا سيما في مجالات الأمن والاقتصاد والتعليم والثقافة”.

وفي غضون ذلك، كان لرئيس الجمهورية جوزف عون موقف بارز أمام وفد كبير من مفتي المناطق تقدمه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، إذ قال “إننا أمام مفترق طرق مفصلي وقد يكون مصيرياً، وحدتنا وتعاوننا وتضامننا هم الأساس، ولكن للأسف بعضهم لا يملك حس المسؤولية، ويسعى إلى تسويق جو عاطل جداً، ويصر على تسريب شائعات لا أساس لها”. واعتبر “أن لكل جماعة لبنانية قيمة مضافة تقدمها للبنان، وخاصة جماعة السنَّة التي تعطيه قيمتين كبيرتين: الاعتدال في الداخل، وتأكيد انتماء لبنان إلى محيطه العربي”. وشدّد رئيس الجمهورية على “أن اللبناني قد تعب ولم يعد قادراً على تحمّل أي حرب إضافية، ونحن لا نريد أن نأخذ البلد إلى دم بعد، لدينا فرص كبيرة جداً، وأنتم تشاهدون كيف أن إخواننا العرب يفتحون أياديهم ويأتون إلينا. علينا أن نربح هذه الفرص، وننقل بلدنا من وضع إلى آخر”. وشدّد على أن “لا خوف على لبنان. طمئنوا اللبنانيين أن لبنان بخير ولا عودة إلى لغة الحرب. وسقفنا لبنان. وبوجود أشخاص بوعيكم وحسكم الوطني، أنا مطمئن أن لبنان لن يذهب إلا إلى حالة الاستقرار والازدهار”.

بدوره، أكد المفتي دريان “أننا في لبنان نعيش كأسرة واحدة لا يفرقنا أحد، وهذه فرصة لنؤكد وحدتنا الوطنية التي هي أقوى سلاح في وجه أطماع العدو الصهيوني بأرضنا. القرار 1701 نفذ من جانب لبنان فقط، ولم تقم إسرائيل بتنفيذه، وإنما على مدى السنوات الماضية خرقته كثيراً. ولبنان التزم بالاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار، ولكن إسرائيل لم تلتزم به إلى الآن، ولها خروقات واعتداءات يومية على أهلنا في الجنوب وفي المناطق اللبنانية. أكدنا مع فخامة الرئيس أن أقوى سلاح في وجه إسرائيل وأطماعها واعتداءاتها، هو وحدة اللبنانيين، ومن أجل ذلك أكدنا أن لبنان بوحدته لن يستطيع أحد أن يمرّر أي مشروع تقسيمي أو تفتيتي يفرّق بين أبناء الوطن الواحد. صوت الاعتدال والوسطية يجب أن يسود عند كل اللبنانيين”.

وعلى الصعيد الميداني، برز تصعيد إسرائيلي لافت أمس، إذ شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي مساء سلسلة غارات عنيفة على الريحان وإقليم التفاح ومنطقة بين الزرارية وأنصار وأطراف سجد. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن الغارات استهدفت مستودعات اسلحة ومنصة قذائف صاروخية لحزب الله. وكانت أغارت مسيّرة إسرائيلية على بيك أب في بلدة عيتا الشعب بعد الظهر متسببة بمقتل مصطفى حاريصي. كما أغارت مسيّرة بصاروخ على منطقة حرجية في أطراف بلدة بيت ليف، ما أدى إلى اشتعال حريق، قبل أن تطلق صاروخاً ثانياً لمنع فرق الإطفاء من السيطرة على النيران.

وأطلق الجيش الإسرائيلي الرصاص من تلة الحمامص باتجاه محيط رعاة الماشية في منطقة العمرة. ونفذ تفجيرين في محيط الموقع المستحدث في الأراضي اللبنانية في تلة الحمامص بالتزامن مع عملية توسعة وتحصين الموقع. وتوغلت قوة إسرائيلية حوالى الرابعة فجر أمس، داخل الأراضي اللبنانية في بلدة حولا، حيث اخترقت الحدود بمسافة تقدّر بنحو 800 متر. وخلال العملية، نفّذت تفجيراً أدى إلى تدمير غرفة تستعمل للمواشي قبالة موقع العباد.

وفي سياق أمني آخر، أعلنت قيادة الجيش أمس، أنه ضمن إطار الرصد والملاحقة الأمنية للتنظيمات الإرهابية، نفّذت مديرية المخابرات سلسلة عمليات أمنية وأوقفت بنتيجتها المواطنين (ا.س ) و(و.س) و(ب.ف) لتاليفهم خلية تؤيد تنظيم داعش الإرهابي، وتبيّن خلال التحقيقات الأولية أن الخلية تخطط للقيام بأعمال أمنية ضد الجيش بتوجيهات من قياديين خارج البلاد.