42 دعوى ضد البيطار لم يُبتّ بها: متاهة “المرفأ” الجهنمية

42 دعوى ضد البيطار لم يُبتّ بها: متاهة “المرفأ” الجهنمية

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن
26 تموز 2025

في كلّ مرة نظنّ فيها أن قضية المرفأ وصلت إلى خواتيمها المرجوة، نصطدم بواقع تأجيلٍ أو ثغرةٍ واحدة، تُطيح بكل هذا الرجاء. اليوم وعلى بعد أيامٍ قليلة من ذكرى تفجير المرفأ الخامسة، بات من المؤكد أنّ لا قرار اتهاميًّا سيصدر في المدى القريب، رغم كلّ الآمال المُتداولة. وهذا مرده طبعًا للعقبات المتراكمة، فضلًا عن عدم البت بالدعاوى المرفوعة ضد المحقق العدلي في القضية، القاضي طارق البيطار، وهذا الأمر قد يُعتبر الثغرة الأكبر والأخطر في حال وصل الملف إلى المجلس العدلي، وهو ما قد يُتيح للمدعى عليهم من الساسة والأمنيين استغلالها، لعرقلة محاكمتهم في القضية.

تأخر البت بالدعاوى

ظاهريًا، يبدو لأي مُتابع بأن المسار القضائي لقضية المرفأ يسير بوتيرة سريعة. فالنيابة العامة التمييزية عاودت التعاون مع البيطار، والمُدعى عليهم حضروا جلسات استجوابهم، وغالبية المطلوبين إلى التحقيق مثلوا أمام البيطار. فجأة، حُرّك الملف وسلك طريقه السليم بعد سنوات من العرقلة. لكن، يبقى السؤال الأهم اليوم. لماذا لم يُبتّ بعد بالدعاوى المرفوعة ضد البيطار وتحديدًا دعوى اغتصاب السلطة؟ ولا سيما أن الجميع بات على علمٍ أن البيطار يتجهز لإصدار قراره الاتهاميّ. 

في الواقع، يواجه البيطار أكثر من 42 دعوى ردّ ومخاصمة وارتياب مشروع ضدّه. فضلاً عن دعوى اغتصاب السلطة المرفوعة ضده من المدعي العام التمييزي السابق غسان عويدات. لكن المُستغرب، أن الهيئة الاتهاميّة التي شُكلت منذ نيسان الماضي للبت في الاستئناف المُقدّم من عويدات حين طُلب منه تصحيح الادعاء (دعوى اغتصاب السلطة) المقدم ضد البيطار، لم يُحوّل إليها الملف بعد. مع العلم أن قرار هذه الهيئة له أهمية كُبرى في مسار التحقيقات.

فضلاً عن أن الهيئة العامة لمحكمة التمييز الناظرة بدعاوى المخاصمة، ومحاكم التمييز الموكل إليها البت بدعاوى الرد والنقل، لم تبت بأي دعوى أيضًا، وهنا يجب أن نذكر أنه مضى على هذه التشكيلات أسابيع قليلة فقط. لكن الهيئة الاتهامية شُكلت منذ أكثر من ثلاثة أشهر ولم يُحوّل إليها الملف بعد. 

وللتوضيح أكثر، فإن البيطار تمكن خلال الأسابيع الأخيرة من إنهاء كل جلسات الاستجواب وكان من المفترض أن يصدر قراره الاتهامي قبل نهاية هذا العام. لكن ثمة عواقب عديدة منعته من ذلك، وأهمها أنه حوّل 6 استنابات قضائية لعدة بلدان طلب منهم الحصول على بعض المعلومات، والحصول على إجابات رسمية  يستغرق بعض الوقت. وبعدها، سيحتاج إلى مُطالعة النيابة العامة التمييزية قبل أن يختم تحقيقاته. والمُتوقع أن المُطالعة قد تستغرق ما لا يقل عن شهرين بسبب ضخامة الملف الذي يضم أكثر من ثلاثة آلاف صفحة، وفي الخطوة الأخيرة، يتخذ البيطار الإجراءات القانونيّة بحق المُدعى عليهم ويُحوّل الملف للمجلس العدلي لبدء المحاكمة. هذا يعني أن القرار قد يحتاج لأشهر عديدة وقد تمتد هذه الفترة للعام 2026 في حال لم يُبتّ بالدعاوى المرفوعة ضده. 

ثغرة قانونية؟

المجلس العدلي مُعطّل حاليًا، بسبب عدم تعيين قضاة فيه. والبت بكل الدعاوى يعتبر عاملًا أساسيًا في هذا الملف، لأنه قد يصب في مصلحة البيطار فُيعطيه كامل الصلاحية. وعليه، يصبح قراره الاتهامي مُدعومًا ومتينًا فور وصوله للمجلس العدلي. وإما قد يكون ضد البيطار، فيُسحب الملف منه وتلقائيًا يُمنع استكمال تحقيقاته، إلى حين اختيار محقق عدلي آخر ليبدأ من نقطة الصفر وفي هذه الحالة قد يستغرق الأمر سنوات طويلة لتحقيق العدالة في هذه القضية. 

ولذا، فإن وصول الملف للمجلس العدلي قبل البت بكل هذه الدعاوى، سيكون”ثغرة” قانونيّة ستستغلها السلطة السياسية وجميع المدعى عليهم. وبإمكانهم أن يطلبوا حينها من قضاة المجلس العدلي، توقيف المحاكمة لحين البت بالدعاوى المرفوعة ضد البيطار، فيُصاب المجلس العدلي بشللٍ كامل، ولا تُنفّذ أي من الإجراءات القانونية التي قد يتخذها البيطار بحق المدعى عليهم، فلا يُلقى القبض على أي أحدٍ. 

فهل سيُبتّ بالدعاوى قبل إصدار القرار الاتهاميّ؟ وهل ستُحقق العدالة أم ستُدفن هذه القضية؟