عون المتناغم مع بري ينتظر رد باراك: ساعد الله الجنوب وأهله

عون المتناغم مع بري ينتظر رد باراك: ساعد الله الجنوب وأهله

الكاتب: غادة حلاوي | المصدر: المدن
27 تموز 2025

من غير الممكن، وأنت تدخل قصر الرئاسة زائرًا، أن تحصر الملفات التي تطلب أجوبة حولها. قبلك وبعدك، زوّار ورُسُل وإعلاميون قصدوا رئيس الجمهورية، كلٌّ لغايةٍ في نفسه. جوزاف عون، المنتخب حديثًا، يبدو سلسًا، غير متكلّف، يقول الأمور بصراحة رغم قساوة الواقع. يسأل عن الجنوب، يتحدث عنه بحنين، متمنيًا أن يكون الله في عون ناسه وأهله. يؤكد العمل على انسحاب إسرائيل ووقف عدوانها ويأمل ان يتحقق ذلك.
خلال استقباله، صارح عون الموفد الأميركي توم باراك بأن وقف العدوان الإسرائيلي وانسحاب إسرائيل من لبنان ضروريّان كمدخل لمعالجة سلاح حزب الله. وهو ينتظر ردّ إسرائيل على الورقة. الضغوط كبيرة، والخوف من أن يتدهور الوضع اقتصاديًا أو أن تحدث اعتداءات إسرائيلية جديدة.
كما صارح حزب الله بأنه لا متسع من الوقت، وسط التهديدات والتحذيرات الدولية التي تحاصر لبنان. وفي انتظار جواب باراك على الورقة التي تسلّمها من لبنان، يواصل عون قنوات الحوار مع حزب الله، بدفع من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
بين بعبدا وعين التينة علاقة ودّ وتفاهم تصل إلى حدّ التناغم في المواقف. علاقة وطيدة نشأت بين الرئاستين الأولى والثانية. بري، الذي عاصر رؤساء جمهورية كُثُر، لا يتردد أمام زوّاره في الإشادة بعون، ويعتبر انتخابه خيارًا صائبًا للغاية.
عون، من ناحيته، ومنذ وصوله إلى بعبدا، أتقن فنّ السير في زواريب السياسة المحلية وامتلك مفاتيحها. خلفيته كقائد جيش صارم في قراراته، لم تمنعه من مقاربة ملفات البلد الشائكة بمرونة، انطلاقًا من موقعه كرئيسٍ للجمهورية يُفترض أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وللجميع.
في العلاقة مع حزب الله، لا بدّ من الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي يقبل فيها الحزب بالحوار بشأن سلاحه مع رئيس الجمهورية، ويريد “تسليفه” ما يساهم في إنجاح عهده. بالمقابل، يصرّ عون على التعاطي الهادئ مع حزب الله، متفهّمًا هواجسه، من دون أن يعني ذلك التغاضي عن وجوب حلّ موضوع السلاح، خصوصًا الثقيل منه، الذي لا يفيد المقاومة ولا يمكن لها استعماله.

 

الحوار هو المطلوب
يعرف، ضمنًا، أن هناك من يريد له التصادم مع حزب الله لنزع سلاحه، ومن يحاول التشكيك بنوايا العهد وقدراته. ورغم ذلك، فللرئيس رأي يقول: إن المطلوب هو الحوار، ولو كان بطيئًا، مع حزب الله. ولا بدّ أن نصل إلى نتيجة ما لصالح لبنان، يتمناها قبل أن تتوسّع إسرائيل في عدوانيتها. لا ينتقد ولا يُبدي تململاً، لكن بين سطور ما يقوله يظهر عتب، أو ربما تمنٍّ، لو كان البحث أسرع، تلافياً لما هو أصعب.
تعيينات بلا تدخّل
رئيس انتُخب قبل ثمانية أشهر، لن يكون من العدل مساءلته عن ملفات متراكمة من الهدر والفساد والتعيينات والمحاصصة. ومع ذلك، فقد تجد لكلّ سؤالٍ جوابه. يجزم أنه لم يتدخل في أيٍّ من التعيينات التي أُقِرّت، وتلك التي ستُقرّ قريبًا، ومن بينها التشكيلات القضائية. يترك لكلّ صاحب شأن البتّ في الأمور وفق صلاحياته. في التعيينات الإدارية، ترك للوزير المختص تحديد الأسماء وفقًا للآلية، ولم يتدخل في التسميات، لكنه في المقابل يدرك أن للبلد خصوصيته في التوزيع الطائفي.
الرئيس الماروني، الذي كسر حدة الثنائية المسيحية السياسية، يتحسّب البعض لفكرة خوضه الانتخابات النيابية. ولأجل ذلك، يُهاجَم عهده. منهم من يعلن مواقفه المعارضة له صراحة ولا يتردد، ويتحضر للتصعيد إزاء الحكم والحكومة، ومنهم من يقولها سرًّا، وفي كلتا الحالتين، لكلّ ما يُقال خلفياته الانتخابية التي يصرّ على النأي بالرئاسة عنها، مؤكدًا أنه لن يكون طرفًا، ولا يطمح إلى تشكيل قوة مسيحية ثالثة. همّه البلد، والمشاكل المتراكمة التي لا يمكن تحمّل وزرها أو حلّها في غضون أشهر.
لكلّ مشوارٍ بداية، ومعالجات كثيرة وُضعت قيد التنفيذ، وأبرزها أموال المودعين، الملف الذي يصر على معالجته سريعًا، جازمًا أن المودعين لن يخسروا أموالهم. مسار طويل وُضع على سكة المعالجة، ستبدأ نتائجه بالظهور تباعًا.

 

تحرّك خارجي مدروس
منذ انتخابه، جال رئيس الجمهورية على دول عربية وخليجية عدّة. ثمار تلك الزيارات بدأ لبنان يتلمّسها، وكان آخرها إعلان البحرين إعادة تمثيلها الدبلوماسي مع لبنان. دولٌ عدّة أبدت استعدادها للوقوف إلى جانب لبنان، وأخرى لا يفصح عنها الرئيس، لا تزال متحفّظة، وقرارها مرهون بشروط داخلية لم تتحقق بعد.
عين لبنان على سوريا؛ الوضع مقلق. الإيجابي فيه هو كيفية تطويق خطاب الفتنة في الداخل، والسلبي أن لبنان لا بدّ أن يتأثر بوضع سوريا.
يتابع الرئيس كل التفاصيل المتعلقة بالبلد، وتلك المتعلقة برئاسة الجمهورية، والانتقادات التي يتعرض لها عهده وخلفياتها الانتخابية. ورشته كبيرة، ومشواره صعب، ولا وقت لديه إلا للعمل. ويكفيه أن يعلّق على القيل والقال بابتسامة عريضة وإيماءة بالرأس تختصر المشهد.