
ماذا تريد إيران من لبنان؟
لم يأتِ رفض حزب الله تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، استنادا لوقف الاعمال العدائية بينه وبين اسرائيل، تنفيذاً للقرار١٧٠١، وللبيان الوزاري للحكومة المشارك فيها بوزيرين، هكذا من هباء وانما بايعاز مكشوف من النظام الايراني، الذي اعلن اكثر من مسؤول فيه عن عزم بلاده، اعادة بناء قدرات الحزب من جديد، ليتمكن من تجاوز نتائج الضربات العسكرية الاسرائيلية، التي استهدفت بنيته السياسية والعسكرية، في حرب الاسناد التي شنها لدعم حركة حماس ضد اسرائيل، وليصبح قادرا على مواجهة قوات الاحتلال الاسرائيلي وينتصر عليها، وهو ما يتناقض كليا، مع المواقف التي اعلنها وزير خارجية ايران عباس عراقجي خلال زيارته الاخيرة للبنان، وتاكيده للمسؤولين ان بلاده تدعم سيادة واستقلال لبنان، ولا تريد ان تتدخل في شؤونه الداخلية.
ليس هذا فحسب، بل يواصل النظام الايراني ارسال الاسلحة الى الحزب عن طريق التهريب براً، بعد انقطاع الطرق المعتادة سابقا، اثر سقوط نظام بشار الاسد، ومنع الطيران الايراني من الهبوط في مطار رفيق الحريري، ويتم الكشف عن شحنات الاسلحة الايرانية المهربة للحزب داخل الاراضي السورية وعلى الحدود اللبنانية السورية باستمرار وتتم مصادرتها، في حين تجري محاولات لتهريب الاموال للحزب، بطرق ملتوية ايضا.
هذه الوقائع تؤشر بوضوح على نيات النظام الايراني، بتعطيل انطلاقة الدولة اللبنانية، لتنفيذ التزاماتها بحصر السلاح بيد الشرعية دون غيرها، وبسط سيطرتها على جميع الاراضي اللبنانية، تجاوبا مع مطالب غالبية الشعب اللبناني، والدول الشقيقة والصديقة، لمساعدة لبنان لتجاوز ازماته المتعددة، وليعاود النهوض نحو الافضل، ما يُبقي وضع لبنان معلقاً، وفي حال من الفوضى وعدم الاستقرار، لاسيما اذا استمر الاحتلال الاسرائيلي جنوبا، وتعطلت عملية اعادة الاعمار، ما يؤدي الى خلق بيئة مؤاتية لاهتزاز الاوضاع الامنية من جديد، واعادة تفلُّت سلاح الحزب، ولو بنسب متفاوتة عن السابق، بحجة مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ايضا.
طموح النظام الايراني والحزب باعادة لبنان ساحة متفلّتة، كما كان الوضع عليه سابقا قبل حرب الاسناد، ومحاولة استعمال لبنان ورقة ايرانية بواسطة الحزب، لمقايضة مصالح النظام الايراني مع الغرب والولايات المتحدة الاميركية تحديدا، واستعماله ورقة بالمفاوضات المتوقع انعقادها قريبا، تبدلت هذه المرة، بعد التبدلات وتغيير موازين القوى، لغير صالح الحزب وايران معا.
اصبح واضحا ان وراء رفض الحزب تسليم سلاحه للدولة،قراراً ايرانياً،بات يرتب على المسؤولين اللبنانيين، مطالبة النظام الايراني، مباشرة او عبر سفيره بلبنان، انهاء الازدواجية بالتعاطي مع الدولة اللبنانية، وتنفيذ سياسة عدم التدخل بالشؤون الداخلية للبنان، وبذلك يخطو خطوة اساسية ومهمة، باتجاه تسليم السلاح للدولة، باعتبار ان قرار تسليم السلاح ايراني محض وليس قرارا محليا، كما اظهرت الوقائع على الارض.