استعدادًا لثلاثة سيناريوهات: الحزب يمنع الهواتف المحمولة

استعدادًا لثلاثة سيناريوهات: الحزب يمنع الهواتف المحمولة

الكاتب: حسن فقيه | المصدر: المدن
30 تموز 2025

سؤال يتردد بكثرة في هذه الأيام: ما موقف  حزب الله من التهديدات الإسرائيلية والمطالبات الداخلية بضرورة تسليم سلاحه قبل انقضاء المهل المحددة أميركيًا، وإمكانية حدوث عدوان إسرائيلي جديد؟ كيف يتجهز أمنيًا؟ وما هي خططه العسكرية للميدان؟ وكيف يواجه سياسيًا؟ هل يأخذ موضوع المهل على محمل الجد، أم أنه يعتبرها في إطار الضغط؟

تفسير الحزب

تضع مصادر حزب الله الأمنية الحديث عن مهل لسحب السلاح في إطار “تأويل الكلام والضغط”. وبالتالي، تقول لـ”المدن”، “قد يكون بالفعل هناك مهل محددة بُحثت مع الدولة، لكن يجري تضخيم الأمر إعلاميًا. فكما لا يصح التعامل معه باستخفاف، فإنه لا يجوز أن يمتد ليشكّل عامل قلق يومي للبنانيين الذين يعيشون مرارة العدوان المستمر على قراهم وبلداتهم”.

وهنا تحديدًا، تجزم المصادر بأنّ المهل الإسرائيلية لن تُرغم حزب الله على التنازل؛ فاقترابها من نهايتها لا يمنح تل أبيب حق فرض شروطها أو شنّ عدوان على لبنان”، وتؤكد أنّه، وفقاً للكلام السياسي الذي يسمعه الحزب، فإن الأمور لا تزال قابلة للأخذ والرد، والوصول إلى حل سياسي عبر التفاوض”.

سيناريوهات الحرب

وعما إذا كانت الحرب احتمالاً مستبعداً تقول المصادر: “لا يمكن نفي أو تأكيد أي أمر، لأن المسألة مرتبطة بالعدو الإسرائيلي، ومن يعرف إسرائيل يعرف أنها عدوانية إلى أبعد حد. نعم، قد يصعّد الإسرائيلي عدوانه بالتزامن مع المهل التي حُكي عنها، في إطار الضغط على لبنان. وتبقى الاحتمالات كلها مفتوحة، ولكن حزب الله يعي ذلك بوضوح ويستعد له أيضًا”، كاشفاً عن أن قيادة حزب الله الجهادية وضعت ثلاثة سيناريوهات للمرحلة المقبلة:

السيناريو الأول: بقاء المعادلة كما هي، أي استمرار الاغتيالات في الجنوب، مع ضربات محدودة، وخروقات واستطلاع يومي.

السيناريو الثاني: توسيع إسرائيل دائرة الاستهدافات لتشمل الجنوب والبقاع والضاحية في وقت واحد، من دون الانجرار إلى حرب شاملة.

السيناريو الثالث: اندلاع حرب موسّعة شبيهة بما جرى في أيلول 2024.

ويؤكد المصدر الأمني الحزبي أنّ الترجيح الأكبر ينحصر في الاحتمالين الأول والثاني، إذ إنّ ما يجري في سوريا يُشغل إسرائيل عن لبنان، فيما الأميركي لن يمنح نتنياهو الضوء الأخضر لحرب شاملة قد تؤدي إلى فقدان لبنان، الذي يبدو اليوم وكأنه تحت رعاية أميركية.

كيف يستعد الحزب ؟

وحول استعداداته للحرب مجدداً، توضح المصادر الحزبية الأمنية “أن الحزب لم يتوقف عن تحضير عناصره لإمكانية عودة الحرب من جديد، خصوصًا أنّ حرب أيلول أظهرت بعض نقاط الخلل التي يسعى الحزب إلى تداركها”. ولكن، ماذا عن السلاح؟ تجيب المصادر: “لدينا ما يكفي. تضررنا نعم، ولكن لو أنّ هذا السلاح لا يقلق إسرائيل، فلماذا تسعى إذًا للقضاء عليه؟ السلاح غير قابل للحل إلا في إطار نقاش وحوار داخلي حول الاستراتيجية الدفاعية”.

وكثرت في الأيام الماضية الأحاديث حول جهوزية عالية للحزب، ومنع عناصره من استخدام الهاتف من صمن اجراءات أمنية احترازية متخذه. وهنا تشير مصادر حزب الله الأمنية لموقع “المدن” إلى أنّ الحزب على جهوزية منذ مدة، نظرًا لطبيعة الأوضاع وطباع العدو الغادرة. وهذه الإجراءات ليست جديدة، بل مُطبقة منذ وقف إطلاق النار، وعلى مراحل وبشكل متتالٍ. لافتاً إلى أن “الحزب في حالة استنفار”، كما كان دومًا، نظراً لوجود إسرائيل على حدوده. وإجراءاته الأمنية التي يتخذها مع عناصره اليوم ليست جديدة، وهي تراعي الوضع الحالي. نعم، لم تكن بهذا القدر وباتت تشمل عددًا أكبر نسبة لطبيعة المرحلة وتزايد مخاطرها. والحزب لا يريد أن يقع في نفس الفخ الأمني مجددًا. وعند السؤال عن كلفة الحرب المقبلة، إن حصلت، بعد كل ما تعرّض له لبنان، يُجاب: “كلفة الاستسلام أكبر، وبكثير“.

تقدم بَرّي جديد؟

في اعتقاد مصادر الحزب أن الملف السوري جعل الأميركي يعيد النظر في ملفات المنطقة، فما حدث في السويداء لم يكن عاديًا، ولن يمر مرور الكرام، ولا يمكن فصله عن ملف لبنان. لكن، ماذا إذا حصل تقدم إسرائيلي برّي في منطقة جنوب الليطاني، التي سلّمها الحزب بمنشآتها للجيش اللبناني؟ تقول المصادر الحزبية الأمنية في هذا الصدد إنها لا تعتقد أنّ عدوانًا بريًا سيحصل في الجنوب، لأن إسرائيل لم تعد تحتمل تلك المفخخات والكمائن والخسائر التي منيت بها في غزة ولبنان. لكنها قد تقوم بالتوغّل من ناحية جبل الشيخ شرقًا.

ويتابع حديثه قائلاً “إذا حصل تقدم بري من الجنوب مجددًا، فإن أهالي الجنوب هم حزب الله وحركة أمل وكل القوى الوطنية المقاومة، والتصدي حتمي إلى جانب الجيش اللبناني. المهمة صعبة والحرب مكلفة، ولكن لن نسمح بالتشكيك بقدراتنا، فمجاهدو حزب الله لم يستشهدوا جميعهم، والعدد كبير وكافٍ لخوض أي مواجهة دفاعية”.

مخاوف المعارضة

على الضفة المقابلة، يقف معارضو حزب الله في الداخل، ويرفعون راية التحذير من تبعات حرب جديدة قد تكون أوسع من سابقاتها. وتقول مصادر معارضة في حديثها لـ”المدن”، إن حزب الله كان يعرف، ومنذ اليوم الأول للاتفاق، أنه غير متوازن، لكنه قبله مُرغمًا بعد الانكسار العسكري واغتيال أمينه العام. وتشير إلى أن الاتفاق يقضي بأن يعلن الحزب، في الأول من آب، استعداده لتنفيذ القرار الأممي 1701، ويترافق ذلك مع إعلان الحكومة الخطة التي تتضمن خطوات نزع السلاح.

لكن مراوغة حزب الله، بحسب تعبير المصدر، تجر لبنان إلى الهاوية، ولا يمكن استبعاد أي سيناريو قد يحدث خلال الأيام المقبلة لإجبار لبنان على التنازل.

مهلة التأجيل

ويضيف المصدر أنّ موقف الحكومة اللبنانية حتى الآن يتجه نحو عدم الصدام مع حزب الله: “ونحن لا نريد صدامًا، لكن لا يمكن أن نبقى متفرجين، وتعنت الحزب يجرّنا من جديد إلى عدوان إسرائيلي قد يكون أقسى من سابقه“.

وتكشف المصادر أن لبنان طلب تمديد المهلة إلى آخر الشهر، وينتظر رد إسرائيل عبر المبعوث الأميركي. لكنها تضيف أنّ أميركا ترى أن الدولة اللبنانية غير مؤهلة لوضع شروط، وكذلك حزب الله. ويسأل المصدر: ماذا سيحدث إذا وافقت أميركا وإسرائيل على التأجيل، ووصلنا إلى نهاية آب دون حلول؟ والدلالة أننا نؤجل الأزمة بدل حلها.