الحكومة اللبنانية «تَقبض على جمر» السلاح في جلسة الثلاثاء

الحكومة اللبنانية «تَقبض على جمر» السلاح في جلسة الثلاثاء

المصدر: الراي الكويتية
30 تموز 2025

… أغسطس لناظِره قريب. فهل يكون «آب اللهّاب» في حال استمرَّ ملفُّ سحْب سلاح «حزب الله» يراوح في دائرة مناوراتٍ داخلية تجاه الخارج تُخْفي تَهَيُّبَ السلطةِ بتَّ هذا العنوان الشائك في ضوء «الأسلاك الشائكة» التي يزنّره بها الحزب، أم تنجح المساعي التي تُبذل في سدِّ الفجوة التي تَظَهَّرَتْ بقوةٍ بين المقاربة الشديدة الحَذَر من لبنان الرسمي، وبين التحذير – وربما الأخير- الذي وجّهه الموفد الأميركي توماس براك لبيروت بأن وقتَ الكلام انتهى والمطلوب التنفيذ «الفوري» للتعهداتِ في شأن السلاح؟

هذا السؤال خيّم فوق لبنان الذي بدا مَسْكوناً بقلقٍ مع «كاتمِ صوتٍ» من أبعاد التقاطعات، المعلَنة وغير المعلَنة، عند أن قضيةَ سلاح «حزب الله» باتت البابَ، في الفترة القريبة، إما إلى انفراجةٍ تَفتح أمامه بوابة الاحتضان العمليّ، عربياً ودولياً، وإما إلى انفجارٍ جديدٍ بالنار الإسرائيلية، وربما إلى عزلةٍ خارجية اعتُقِد أنها مَضَتْ.

ولم يكن عادياً في الساعات الماضية ارتسامُ لقاءات واتصالات «متسلسلة» عَكَسَتْ ما هو على المحكّ في حال لم يَحزم لبنان أمره ويَخرج من رماديةٍ رَفَع بإزائها براك أخيراً، وبمنشوره عبر منصة «اكس» إنذار «دقت ساعة الحقيقة… أبيض أو أسود».

فمن زيارة رئيس الحكومة نواف سلام غداة عودته من باريس لرئيس البرلمان نبيه بري، إلى لقائه اليوم رئيس الجمهورية جوازف عون قبيل سفر الأخير إلى الجزائر، حيث التقى نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، وبينهما زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للزعيم الدرزي وليد جنبلاط ثم الاجتماع غير المعلَن بين الأخير وسلام… تحركات غير عادية كان الرابط بينها استكشاف إمكان عقد جلسةٍ لمجلس الوزراء يُدرج عليها موضوع حصْر السلاح لإقراره فيكون ذلك بمثابة «رصاصة انطلاق» سباق تفكيك الترسانة العسكرية لحزب الله من كل لبنان وفق خريطة طريق كان سلّمها وتتيح جدْولة هذه العملية ضمن إطار زمني محدَّد بدقة ولا يتجاوز خط النهاية فيه نوفمبر أو ديسمبر.

وبعد مناخاتٍ متضاربة، أعلن سلام «تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة (الخميس) إلى الثلاثاء المقبل، بسبب الدعوة إلى جلسة تشريعية (الأربعاء)، تزامناً مع الموعد الأسبوعي لجلسة مجلس الوزراء ومشاركة الحكومة فيها».

وأشار إلى أن «مجلس الوزراء سيعقد جلستين الأسبوع المقبل، وسيكون على جدول أعمال الجلسة الأولى موضوع استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على كل أراضيها بقواها الذاتية حصراً، والذي بدأ النقاش بشأنه في جلسة 17 ابريل، إضافة إلى البحث في الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر نوفمبر 2024، والتي تضمنت ورقة براك أفكاراً في شأن تطبيقها».

وبدا من المبكر الجزم بمآلاتِ مثل هذه الجلسة، وهل سيعمد لبنان من خلالها:

– إلى تأطير أي قرارٍ في ما خص السلاح بالصيغةِ نفسها التي قدّمها المسؤولون لبراك في زيارته قبل أقل من أسبوع، والتي لم تتضمّن أي مهلة زمنية لبتّ هذا الملف وارتكزت على «التزامن والتوازي» بين مسألتيْ السلاح وانسحاب إسرائيل من التلال الخمس وإعادة الإعمار، قبل أن يضيف بري شرط التزام تل أبيب بوقف النار لنحو 15 يوماً بما يعبّد الطريق أمام مسارٍ حواري مع «حزب الله».

وفي حال تم اعتماد مثل هذه «الحياكة»، لا يُعرف كيف سيكون موقف قوى رئيسية معارضة، وتالياً ماذا سيكون الوقْع الخارجي لأي التفافٍ لبناني جديد على الكلام الأميركي المباشر الذي أطلقه براك وكان سأل قبله رداً على مطالبته في بيروت بضماناتٍ من إسرائيل في شأن وقف النار «وهل تضمنون حزب الله بأنه سيسلّم سلاحه»؟

– أم ستتخذ الحكومة قراراً واضحاً بحصْر السلاح ضمن مهلة زمنية محددة ومجدوْلة، بما يحتوي «العاصفة الآتية» مسبقاً ويؤدي إلى حرْف مسارها؟ وهل سيكون ذلك متاحاً في ضوء موقف «حزب الله» الذي يربط أي نقاش حول سلاحه بالانسحاب الإسرائيلي أولاً وإطلاق الأسرى ووقف الاعتداءات وبدء الإعمار ثم نقاش داخلي من ضمن البحث في إستراتيجية دفاعية؟

تهديدات إسرائيليةفي موازاة ذلك، نقلت قناة «الحدث» عن مصدر أمني إسرائيلي «أن الجيش لن يتردد في ضرب أي مستوى في قيادة حزب الله إذا تعرض للتهديد»، موضحاً أن تل أبيب ستستهدف أي محاولة لإعادة تأهيل الحزب أو تلقي دعم خارجي، ومؤكداً أنه سيتم إحباط أي محاولة للتعاون المباشر بين «حزب الله» وفصائل فلسطينية في لبنان.وبحسب المصدر، فإن «الاغتيالات ستستمر مستقبلاً مع متابعة دقيقة لأي قائد جديد في حزب الله وأن الاستهدافات تقتصر على الأهداف العسكرية للحزب وليس السياسية»، مشدداً على أن الضرر الذي تعرض له الحزب كبير وتعافيه سيستغرق سنوات، مع رصد محاولات منه لإعادة بناء منظوماته.وترافق ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ 500 غارة في لبنان «وقتلنا أكثر من 230 عنصراً لحزب الله خلال 243 يوماً من وقف النار»، لافتاً إلى «أن الحزب يواجه حالياً صعوبات في ملء المناصب القيادية وغير قادر على الدخول في مواجهة طويلة مع الجيش الإسرائيلي».عون في الجزائرولم تحجب هذه المناخات، زيارة الرئيس اللبناني للجزائر حيث التقى الرئيس عبدالمجيد تبون وعقد معه مباحثات تناولت العلاقات الثنائية وأوجه التعاون بين البلدين.وقال عون بعيد وصوله الى الجزائر: «زيارتي تأتي تعبيراً عن عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين بلدينا، وتأكيداً على أهمية تعزيز التعاون في شتى المجالات. إن الجزائر قدمت للبنان على مدى العقود الماضية، الدعم السخي والمساندة الثابتة في أصعب الظروف، وكانت حاضرة وسباقة في مساعدة لبنان، واللبنانيون لن ينسوا مواقف الجزائر في مجلس الامن خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان، إضافة إلى المساعدات العاجلة التي أرسلت إلى بيروت بعد انفجار المرفأ في العام 2020، ناهيك عن الدعم النفطي وغيره، واحتضان مئات الطلاب اللبنانيين لمتابعة دراستهم في المدارس والجامعات والمعاهد الجزائرية في مختلف الاختصاصات».وأضاف ان الزيارة، تتناول «سبل تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والإعلامي، وتعزيز التبادل في مجالات التعليم والصحة والتكنولوجيا. كما سنتناول القضايا العربية المشتركة والتحديات الإقليمية، انطلاقاً من إيماننا بضرورة العمل العربي المشترك الذي يحقق الحلول السلمية ويطلق الحوار البنّاء في كل القضايا التي تهم شعوبنا».