
واقع استيراد السيارات المتضررة في لبنان: سلامة غائبة أم تنظيم ناقص؟
يُعد استيراد السيارات المستعملة في لبنان قطاعًا نشِطًا منذ سنوات، ويشكّل مصدر رزق لعدد كبير من التجار في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما الساحلية منها، حيث يُسمح باستيراد السيارات المستعملة إلى لبنان وفق شروط تحددها وزارة المالية ومديرية الجمارك. ويمنع القانون استيراد السيارات التي تعرضت لأضرار جسيمة، خصوصًا في الهيكل الأساسي.
وتعتبر السيارات الأميركية المستعملة الأكثر تفضيلًا لدى اللبنانيين رغم تعرض الكثير منها لحوادث، تليها السيارات الألمانية واليابانية، وتفرض السلطات اللبنانية المعنية رسومًا جمركية وضريبة على القيمة المضافة، تختلف بحسب سنة الصنع، نوع المحرك (بنزين، ديزل، كهرباء)، والسعة الليترية.
جملة تحديات
يواجه هذا القطاع جملة من التحديات أبرزها: ضعف الرقابة على حالة بعض السيارات، غياب نظام شفاف لفحص تاريخ السيارة، ارتفاع كلفة التصليح وقطع الغيار، من دون أن ننسى أن التضخم وانهيار الليرة أثّرا سلبًا على حركة الاستيراد والبيع.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة إيلي قزي في حديث لـ “نداء الوطن” أن القانون 348 لا يزال ناقصًا، ويفتقر إلى الكثير من المعايير “هذا القانون يحتاج إلى إعادة النظر فيه، كي يصبح قادرًا على الإحاطة بكل ما يحتاجه عملنا اليومي، وكما هو معروف هناك الكثير من القوانين منها ما يتم احترامها والتقيد بها ومنها لا”.
ويتابع: “معظم دول العالم وليس لبنان فقط، تقوم بشراء سيارات مستعملة من خلال المزاد، وكلها تعرضت لحوادث بسيطة، وفي لبنان هناك تجار يستوردون هذه الفئة من السيارات وتجار يستوردون السيارات التي تعرضت لضربة قوية”، مذكرًا بأنّ القانون يمنع على التجار إدخال سيارات مستعملة طال الحادث هيكلها الداخلي، مضيفًا “إننا نستورد السيارات المتضررة فقط بهيكلها الخارجي، وهذا ما لمسنا أنه يساهم في تحريك العجلة الاقتصادية في البلد”.
ويكشف قزي أن هناك الكثير من القطاعات تستفيد من وجود السيارات المستعملة، كالحاجة إلى ضوء أمامي وخلفي، وأبواب ودفاع أمامي وخلفي أيضاً، فيما تراجعت عملية شراء السيارات المتضررة كثيرًا نظرًا لتكاليفها العالية وأرباحها القليلة .
وفي لبنان، يبدو أن هناك مواطنين يرون في تجربة شراء سيارة مستعملة من الخارج، توفيرًا على جيبهم في بداية التجربة، وتحقيق أرباح يرونها مضمونة وسريعة، ومن بين هؤلاء شربل .ك.( 33 عامًا ) الذي يرسل مبلغًا من المال لأحد أقاربه ويدعى بيار ( 55 عامًا ) الذي يملك موقفًا مخصصًا للسيارات المستعملة في ولاية تكساس الأميركية، كثمن لسيارة يختارها من خلال الصور التي يرسلها إليه عبر تطبيق الواتس آب .
وبعدها يقوم بيار بإرسالها عبر “كونتينر” حيث لا تتوجه السفينة التي تحمله إلى لبنان إلا بعد أن تصبح حمولة الـ “كونتينر” كاملة، وعند وصولها يقوم شربل بدفع الرسوم الجمركية والتكاليف الخاصة بـ “مكتب تخليص المعاملات” الموجود في مرفأ بيروت.
ويشرح شربل: “على الرغم من أن هذه العملية تستغرق شهرين، لكنني أكون واثقًا من أن هيكلها الداخلي غير متضرر (بما فيه الشاسي) بعد أن يكون بيار قد قام بفحصها بخبرته. وعندما أتسلمها أقوم بإدخالها إلى كاراج حدادة وبويا ومن ثم إلى كاراج كهرباء سيارات، وهذه العملية تستغرق حوالى الشهر ثم أعرضها على صفحتي على الفايسبوك، حيث يشتريها أحد عشاق النوع الذي تنتمي إليه. فهي أحيانًا تكون رانج روفر سبورت سوبر شارج، وأحيانا bmw، وأحيانً مرسيدس، أو أودي، أو تويوتا لاند كروزر”.
ويكشف شربل أنه يحقق من هذه العملية حوالى 10 آلاف دولار كل ثلاثة أشهر: “الحمدلله، الأمور ماشية وأنا أثق بخيارات بيار التي يرسلها إليّ، وعشاق السيارات ذات الطراز 2018 وما فوق كثر في لبنان”.
بالعودة إلى قزي، يشدد على أن الكل اليوم بات لديه درجة من الوعي والإدراك، فهناك الـ carfax، تضع رقم الشاسيه يمكنك الكشف عن الكثير من المعلومات، ولن يغامر أي كان بشراء سيارة لا يستطيع بيعها، حيث أن الشاري يسأل صاحب السيارة عن حالتها، فيقدم له صورًا كيف كانت وكيف أصبحت .
بالإضافة إلى أن تصليح السيارات المتضررة من هيكلها الداخلي مكلف، وكل القطع مكلفة، وفي حال اكتشف الزبون ذلك لا يشتريها، لذلك تراجعت عملية شرائها من التجار وفق تعبيره .
وفي ما يتعلق بالقانون 348 في لبنان فهو قانون صادر سنة 2001، يتعلق بتنظيم استيراد السيارات المستعملة وهو ينص على تحديد عمر السيارة، ويمنع استيراد السيارات المستعملة التي تتجاوز 8 سنوات من سنة الصنع بالنسبة لسيارات الركاب (وقد تم تخفيض هذه المدة في بعض الفترات بقرارات وزارية استثنائية).
من حيث المبدأ، يمنع استيراد السيارات التي تعرضت لأضرار جسيمة، خصوصًا تلك التي تم تصنيفها بـ”salvage” أو “junk” في سجلات بلد المنشأ (أي المتضررة بالهيكل الأساسي).
وهذه السيارات تُشكّل خطرًا على السلامة العامة، كالمركبات المصدومة على هيكلها الأساسيّ أو تلك التي تعرّضت للتلحيم أو التوصيل أو الحريق أو الغرق أو التآكل بشكل يؤثّر على متانتها أو ميزانيتها، وكذلك استيراد أنصاف المركبات سواء مقدّماتها أو خلفيّاتها، منعا لإعادة جمعها بواسطة التلحيم أو التوصيل عند دخولها الأراضي اللبنانية.
ويختم قزي: “إننا كقطاع سيارات مستعملة، نستورد أهم السيارات في العالم، نستوردها من الولايات المتحدة الأميركية، ممنوع استعمالها هناك إذا لم تكن مجهزة بكافة متطلبات السلامة العامة، وتتمتع بمواصفات عالمية، ويهمنا أن أهم السيارات المتواجدة اليوم في لبنان هي من أميركا، وهناك شركات معروفة هي من يستورد السيارات ” الأنتيكة ” وتبيعها في السوق ، والطلب في السوق حاليًا هو على السيارات المستعملة أكثر من السيارات الجديدة، فيما الدولة تجني رسومًا جمركية على السيارات المستعملة أكثر من تلك التي تفرضها على السيارات الجديدة”.