جلسة السلاح هل تُفجّر الحكومة أم الحرب؟

جلسة السلاح هل تُفجّر الحكومة أم الحرب؟

المصدر: الراي الكويتية
31 تموز 2025
– بخاري من عكار: المستقبل جميل للبنان بإذن الله
– سموتريتش: القرى الشيعية التي دُمرت لن يُعاد إعمارها

بين «ولا في الأحلام» التي رَفَعها «حزب الله»، بإزاء أي سحْب لسلاحه عنوةً، وبين «لا إعمار ولا انسحاب ولا أمان لأي منطقة في لبنان» التي أعلنها وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بدا أن بيروت حُشِرتْ مجدداً في «عنق زجاجةٍ» إما تَتَلَمَّسُ طريقَ الخروج منها الثلاثاء المقبل، وإما يشتدّ التفافُ الحبل حول عنق البلاد برمّتها في ظلّ إعلان واشنطن «انتهى وقت الكلام ولتبدأ الأفعال».

ومنذ أن أعلن رئيس الحكومة نواف سلام عن جلسة لمجلس الوزراء في 5 أغسطس المقبل لاستكمال «البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً، وبحث الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية (اتفاق 27 نوفمبر) والتي تضمّنت ورقةُ السفير توماس براك أفكاراً بشأن تطبيقها»، «رُبطت الأحزمة» في بيروت:

– رَصْداً للسيناريوهات التي تحوط بـ «جلسة السلاح» ومآلاتها المحتملة، في ضوء أكثر من «محاكاةٍ» لِما قد تَشهده يَجْري التحسّب لها عبر اتصالاتٍ لتعطيل أي «صواعق» قد تحوّل هذه المحطة بمثابة «عبوة» تنفجر بين أيدي الحكومة وتالياً بالبلد.

– و«تنقيباً» عما يعبّر عنه «ترفيعُ» ملف السلاح للمناقشة على طاولة السلطة التنفيذية من مناخاتٍ شديدة الخطورة تَبَلَّغَها لبنان بحال بالَغَ في انتظارِ «وَصْفاتٍ» خارجية لمشكلةٍ يبدأ حلُّها من الداخل وبأنْ تَحزم السلطةُ أمْرَها وتنطلق في تنفيذ ما تعهّدت به في بيانها الوزاري وخطاب القسَم لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون.

ورأت أوساطٌ سياسية أن إقدامَ رئيس الحكومة، بعد اتصالات ولقاءات عدة أبرزها مع عون، على تحديد موعدٍ لجلسة تبحث قضية السلاح، يؤشّر بوضوحٍ في جانبٍ منه إلى أن الوقائع المحيطة بهذا الملف تبدّلتْ بقوةٍ في ضوء معطييْن أفضياً عملياً إلى تَجاوُز أمْرين:

– ففي المعطيات فَرَضَ «الإنذارُ» الذي وجّهه براك إلى لبنان الرسمي بمنشوره «إلى الأفعال دُر وفوراً» نفسه على الداخل خصوصاً في ضوء «النفَس» الذي اعتمده الموفد الأميركي، قبل أن يَكتمل نِصابُ القلق الرسمي مع ما سمعه المسؤولون، بمَن فيه سلام، مِن باريس بأنّ «الخطرَ على الأبواب» لجهة إمكان الانزلاق مجدداً إلى «حلقة نارٍ» تتوثّب لها إسرائيل.

– أما ما تَجاوزتْه المستجدات، فهما الحاجةُ إلى انتظارِ تَسَلُّم الـ «لا» الرسمية من برّاك للجواب الذي سلّمتْه إياه بيروت الأسبوع الماضي على ملاحظاته حول ردّها الأول على مقترحه المتعلق بسحب السلاح ضمن مهلة زمنية محدَّدة، والطرح المكمّل الذي قدّمه رئيس البرلمان نبيه بري لجهةِ أن توقف إسرائيل خروقها لاتفاق وقف النار لـ 15 يوماً في مقابل إقناع الحزب بإطلاق مَسارِ حوارٍ حول سلاحه يفتح الطريق أمام المراحل التي تَضَمّنتها ورقة براك.

وبين حدّيْ المطالبة الأميركية بالتزامٍ رسمي من لبنان وعبر الحكومة بنزْع السلاح يكون فاتحةَ الطريق لتنفيذ تعهدات بيروت بتفكيك البنية العسكرية للحزب في كل البلاد، ورفْض الأخير أي خطوة في اتجاه النقاش في سلاحه قبل التزام تل أبيب الجانب المتعلق بها من اتفاق وقف النار، بدت الحكومةُ وكأنّها «بين ناريْن»، من دون أن يُعرف هل وكيف «ستنجو» من جلسة الثلاثاء التي لن يكون ممكناً أن تَخرج بما هو أقلّ من إقرار بندٍ واضح في ما خصّ السلاح (وربما إحالة وضع الجدول الزمني على المجلس الأعلى للدفاع) وإلا انكشفتْ بالكامل أمام الخارج وعلى التحفز الإسرائيلي لاستئناف الحرب.

ولم يكن عابراً ما نُفل عن مسؤولين لبنانيين ودبلوماسيين لجهة ضغوط أميركية مكثفة لإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء يلزمه بنزع سلاح «حزب اللّه» قبل استئناف المحادثات بخصوص وقف العمليات الإسرائيلية، وأنه إذا لم يقدّم الوزراء اللبنانيون التزاماً علنياً، فإن الولايات المتحدة لن ترسل برّاك إلى بيروت، ولن تَضغط على إسرائيل، كاشفة أن بري، طلب من واشنطن ضمان وقف إسرائيل ضرباتها، لكن تل أبيب رفضت.

وفي وقت اختصرت الأوساط السياسية الموقف الأميركي بأنه بات على طريقة «نفِّذ ثم اعترض»، وسط رَصْدٍ للكلمة التي سيلقيها اليوم عون لمناسبة عيد الجيش، لم يكن ممكناً استشراف الاحتمالات التي تحوط بجلسة الثلاثاء وإمكانات أن تكون «ناجحة ومنتجة» في ضوء تَعَدُّد السيناريوهات والأسئلة التي سابقت الاتصالات المكثفة التي تستمرّ في ملاقاة الثلاثاء المفصلي.

… فهل يَحضر وزراء «حزب الله» و«أمل» الجلسة؟ وإذا غابا هل تفقد ميثاقيتها وتالياً تطير قبل أن تُعقد، أم هل يَحضر وزراء «أمل» لوحدهم فيؤمنون الميثاقية وربما يصوّتون مع قرار حصْر السلاح؟ أم يشارك وزراء الثنائي معاً ويتحفّظون عن القرار بحال جاء متفلّتاً من «أرانب» معتادة؟ وهل يمكن للحكومة اتخاذ قرارٍ بحجم قضيةِ الترسانة العسكرية للحزب من دون غطاءٍ أقلّه من بري بما يسحب فتيل أي صِدام داخلي؟ وكيف ستوفّق الحكومة بين تَفادي الدوس على «لغم» مثل هذا الصِدام وبين إقناع الخارج بأنها حسمت أمرها في قضية السلاح؟ وهل مازال ممكناً تَصَوُّر خروجها بصيغةٍ «بلونِ» الجواب الذي قُدم إلى براك، أي «خالي الدسم» في ما خص المهلة الزمنية والذي يصرّ على بدء تل أبيب بالخطوة الأولى خصوصاً في ضوء تسريباتٍ عن أن بري يسعى إلى تخريجة تحت عنوان «التزام سقف البيان الوزاري» مع ما ينطوي عليه ذلك من «توليفةٍ» تلعب على الأولويات وفق مفهوم «الثنائي»؟ أم أن دون ذلك أيضاً خطرُ انفجار الحكومة بضغطٍ من مكوناتٍ رئيسية فيها مناهضة لحزب الله مثل «القوات اللبنانية»؟

وبين سطور هذه الأسئلة – السيناريوهات، تؤكد الأوساطُ نفسها أن ثمة نقطةً جوهرية يجدر التوقف عندها وتتمثّل في أن براك سَبَقَ أن اشترط لاعتبار أن لبنان بدأ يضع ملف السلاح على سكة السحْب، أن يوافق «حزب الله» علناً على القرار الذي يريد أن يصدر عن مجلس الوزراء، ما يعني أن أي «رسم تشبيهي» للجلسة الحكومية لا يرتكز على «نعم» من الحزب لن يكون كافياً لواشنطن، رغم أنه قد يَضع «خطاً فاصلاً» بين لبنان الرسمي والحزب في حال اختارت إسرائيل العودة إلى الحرب خصوصاً بعدما كانت أوحت بأنها هذه المَرة قد لا توفّر بنى تحتية لبنانية.

سموتريتش

وفي موازاة موقفٍ بارز وغير مفاجئ من سلاح «حزب الله» أعلنه ميشال عيسى، مرشّح الرئيس دونالد ترامب لمنصب السفير فوق العادة والمفوض لدى لبنان، خلال جلسة الاستماع أمام لجنة العلاقات الخارجية، وأكد فيه أن «نزْع سلاح الحزب بالكامل ليس خياراً بل أمر ضروري والوقت المناسب للتحرّك هو الآن»، أطلّ وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، معلناً أنّ «الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من خمس نقاط نتواجد فيها داخل الأراضي اللبنانية»، مؤكداً «القرى الشيعية التي دُمرت لن يُعاد إعمارها».

«حزب الله»

أما «حزب الله» الذي تحدّث أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، غروب أمس، فكان لاقى هذه المناخات بلسان النائب في كتلته حسين جشي الذي شدد على أنّ «نزع سلاح المقاومة بالقوّة لا يمكن تحقيقه أو حتى رؤيته في الأحلام»، داعياً إلى «التخفيف من لهجة وحدة التعاطي مع هذا الأمر».

بخاري في عكار

وفي سياق آخر، زار السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري، منطقة عكار حيث التقى العديد من فاعلياتها الدينية، على تنوُّعها، والاجتماعية.

وشدد بخاري على «ضرورة الحفاظ على جميع المكونات الموجودة في لبنان»، مشيداً بـ «نموذج العيش الواحد المتجلي في عكار كما في سائر المناطق اللبنانية». وقال إن «المستقبل جميل للبنان بإذن الله».