خاص – جلسة الثلاثاء: “بلا ولا شي”

خاص – جلسة الثلاثاء: “بلا ولا شي”

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
31 تموز 2025

كان من المفترض أن تنعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل أسابيع، للبحث في موضوع حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. ولكنّ رئيسي الجمهورية جوزف عون والحكومة نوّاف سلام، فضّلا الردّ المباشر على مقترحات الموفد الأميركي توم برّاك، خشية من أن يؤدّي طرح الموضوع على مجلس الوزراء، إلى تفجير الجلسة، وربّما تفجير الحكومة أيضاً.

ولكن بعد الردّ السلبي الذي تلقّاه برّاك على مطلب تحديد جدول زمنيّ لسحب السلاح، ارتفع مستوى الضغط الأميركي على لبنان، الذي قيل إنّه أُعطي مهلة إضافية لا تزيد عن الشهر، من أجل إحالة الملفّ على الحكومة، التي تمثّل في المبدأ معظم الأطراف، وهي المخوّلة، حسب الدستور، البتّ في القرارات، وليس “ترويكا الرؤساء”. وبتأثير  هذا الضغط، قرّر رئيس الحكومة طرح الموضوع على جدول الأعمال، تحت عنوان “حصرية السلاح”، وهو ما نصّ عليه في الواقع كلّ من خطاب القسم والبيان الوزاري. وهكذا، يرفع سلام المسؤوليّة عنه أمام الأميركيين، وأيضاً أمام الأطراف الداخلية، التي تطالبه منذ فترة بإحالة الملفّ على مجلس الوزراء، وباتّخاذ قرار يجدول تسليم الأسلحة.

ولكنّ الجلسة المتوقّعة الثلاثاء محفوفة بالمخاطر. لذا، أتى عنوان البند المطروح للبحث عموميّاً، ولم يتطرّق مباشرة إلى سحب السلاح أو جدولة تسليمه. ويبدو أنّ سلام توافق مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على وضع هذا البند على جدول الأعمال، ولكن مع الحرص على عدم الدخول في التفاصيل والجداول الزمنية، منعاً لتفجير الحكومة.

إلّا أنّ الأمين العام لـ “حزب الله” نعيم قاسم، استبق الجلسة الموعودة بشنّ حملة على الحكومة، معتبراً إنّ “الحزب” أعطى الدولة كلّ شيء، ولم يعد هناك من شيء يعطيه، قائلاً بالحرف إنّه لن يسلّم السلاح لإسرائيل. وبناء عليه، فإنّ “الحزب” لن يشارك في هذه الجلسة، إذا عُقدت، لأنّ احتمال تأجيلها ما زال وارداً. أمّا وزراء حركة “أمل” فيشاركون في المبدأ، على ألّا يكون هناك تصويت على جدول زمني لسحب السلاح. وهذا ما وعد به سلام برّي، على ما تقول المعلومات التي حصل عليها موقع beirut24.

في المقابل، تقول مصادر إنّ وزراء القوّات اللبنانية وحزب الكتائب في شكل خاصّ، سيطرحون أن تقوم الحكومة بوضع جدول زمني لجمع السلاح، وأن تحيل العمليّة التنفيذية على المجلس الأعلى للدفاع. وقد كان هذا الموضوع من بين الأمور التي بحثها رئيس حزب القوّات سمير جعجع في زيارته الأخيرة لوليد جنبلاط، الذي سبق أن أعلن وجوب حصر السلاح في يد الدولة. وسيصرّ وزراء القوّات والكتائب على السير بالجدول الزمني، وعدم الاكتفاء بالشعارات التي تؤكّد على حصرية السلاح، ولكن من دون خطة تنفيذية لذلك. أمّا جنبلاط، فيفضّل عدم حصول اصطدام مع الثنائي الشيعي، ويكتفي بإعلان موقفه المؤيّد لتسليم السلاح.

وتعتقد المصادر إنّ تصعيد القوّات لن يصل إلى حدّ إعلان استقالات من الحكومة، مع أنّ هناك تلويحاً بذلك. إذ ليس من مصلحة القوّات الاستقالة من الحكومة في هذا الظرف، لأنّ العمل من الداخل أكثر فاعلية من العمل في صفوف المعارضة، خصوصاً في هذه المرحلة.

في أيّ حال، سيحرص رئيسا الجمهورية والحكومة على عدم تفجّر الجلسة. لذا، سيكون الطرح من باب تأكيد وجوب بسط سلطة الدولة وتطبيق القرار 1701 واتّفاق وقف النار، وهو ما يعتبر “الحزب” أنّه نفّذ الجزء المطلوب منه. وهذا يعني إعادة تكرار ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري، ولكن هذه المرّة من على طاولة مجلس الوزراء.

وما يخشى منه سلام، هو أن يقدّم وزراء الثنائي استقالاتهم، في حال طرح جدول زمني لنزع السلاح. وعندها تفقد الحكومة “ميثاقيّتها”، حسب مفهوم الثنائي، الذي سيرفض الاعتراف بأيّ قرار يصدر عن “سلطة فاقدة للميثاقية”، ما يعرّض عمل الحكومة للشلل.

إذا، اجتماع مجلس الوزراء الثلاثاء لن يقدّم ولن يؤخّر، وسيظلّ الحديث عن السلاح في إطار إعلان المبادئ. لكن، هذا لن يرضي واشنطن بالطبع، وستواصل الضغوط القصوى على لبنان، وتلجأ إلى مختلف الوسائل للوصول إلى مرادها. ولكن الأطراف اللبنانية تعرف أنّه الملفّ اللبناني سيبقى معلّقاً على مصير المفاوضات مع إيران. لذا ستكون جلسة الحكومة “بلا ولا شي”، كعنوان هذه الأغنية للراحل زياد الرحباني.