
خاص- حصرية السلاح + إصلاحات = مساعدات
بزيارته الأخيرة الى الجزائر يكون رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون قد قام بثلاث عشرة زيارة لدول عربية وأجنبية منذ انتخابه رئيسًا للبلاد قبل 7 أشهر في 9 كانون الثاني الماضي، أي بمعدل زيارتين خارجيتين كل شهر تقريبًا.
الرحلة الخارجية الأولى أرادها رئيس الجمهورية الى المملكة العربية السعودية في 2 آذار حيث سعى مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإصلاح العلاقات بين البلدين، على أمل صدور قرار بالسماح للرعايا السعوديين بزيارة لبنان، وهو ما لم يتحقق الى اليوم. كما طلب عون إعادة تفعيل دعم عسكري سعودي للجيش بقيمة ثلاثة مليارات دولار، الا ان الجانب السعودي لم يتفاعل إيجابًا مع الطلب.
في 28 آذار كانت الرحلة الثانية لرئيس الجمهورية، وكانت وجهتها هذه المرة فرنسا. في باريس التقى عون نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون وتركزت المحادثات حول الإصلاحات المطلوبة من الحكومة اللبنانية، اضافة الى التحضيرات لمؤتمر باريس للدول المانحة لمساعدة لبنان في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، بالإضافة الى إنعاش الوضع الاقتصادي وإخراج لبنان من أزمته الخانقة. لا نتائج أيضًا من الزيارة لأن مؤتمر باريس ما زال في علم الغيب، وكذلك الاصلاحات.
في 15 نيسان زار عون قطر والتقى أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي تربطه به معرفة سابقة. المحادثات تناولت جميع الملفات، إلا أن النتائج اقتصرت على مواصلة قطر مساعدتها الجيش، بالإضافة الى وعود غير محددة بأرقام وتواريخ ومرتبطة بتطور الوضع الداخلي اللبناني.
في 30 نيسان زار رئيس الجمهورية دولة الإمارات العربية المتحدة والتقى رئيسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وكان تشديد على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية.
في 12 أيار زار عون الكويت والتقى أميرها الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وكان اتفاق على تفعيل العلاقات الأخوية بين البلدين.
في 19 أيار زار عون مصر والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أكد حرص بلاده على دعم إعادة إعمار لبنان وصون سيادته الكاملة، مشيرا الى استمرار الاتصالات المصرية لدفع إسرائيل الى الانسحاب من جنوب لبنان.
في 10 حزيران زار رئيس الجمهورية الأردن والتقى الملك عبدالله الثاني، وكان اتفاق على تعزيز العلاقات وتكثيف الجهود العربية للتوصل الى سلام عادل وشامل قائم على أساس حل الدولتين. وقال عون ان المحادثات تناولت دعم المؤسسات اللبنانية، وخصوصًا الجيش، بالإضافة الى ملف اللاجئين السوريين.
في 13 حزيران قام عون بزيارة رسمية الى الفاتيكان التقى خلالها البابا لاوون الرابع عشر، علمًا انه كان قد شارك في قداس تنصيب البابا في 14 ايار، والتقى حينها الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا. وقبل ذلك أيضًا، وتحديدًا في 25 نيسان، زار عون الفاتيكان حيث شارك في تشييع البابا فرنسيس، وعقد أيضًا هناك سلسلة من اللقاءات الجانبية مع مسؤولين دوليين.
في 9 تموز زار عون قبرص والتقى الرئيس نيكوس كريستودوليدس، وتركزت المحادثات على الترسيم البحري بين البلدين والتعاون الاقتصادي المستقبلي، وخصوصًا في قطاعَي الكهرباء والإنترنت.
في 22 تموز زار رئيس الجمهورية مملكة البحرين حيث التقى الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي أكد دعم بلاده لسيادة واستقرار ووحدة لبنان ورفض أي تدخل في شؤونه.
في الموازاة كان رئيس حكومة العهد الأولى نواف سلام يقوم بست زيارات خارجية منذ تشكيل حكومته في 8 شباط: الزيارة الأولى كانت الى المملكة العربية السعودية كضيف على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال عيد الفطر. وفي 14 نيسان زار سلام دمشق على رأس وفد وزاري حيث ناقش ملفات الحدود والتهريب واللاجئين والمفقودين. في 16 أيار مثل سلام لبنان في القمة العربية في بغداد، ثم شارك في 27 أيار في القمة الإعلامية العربية في دبي. وفي 24 حزيران زار سلام قطر والتقى أميرها، حتى كانت محطته الأخيرة في فرنسا حيث التقى الرئيس ماكرون وبحث معه في تطورات مؤتمر باريس لدعم لبنان المتعثّر انعقاده حتى الآن.
وغنيّ عن القول أن كل زيارة للرئيسين عون وسلام كانت تضم عددًا من الوزراء، ما يعني أن أركان السلطة صرفوا الكثير من الجهد والوقت في زيارات خارجية، على أمل ترميم علاقات لبنان مع اشقائه وأصدقائه، بعدما أمعن “حزب الله” في تخريب هذه العلاقات على مدى عقود من جهة، كما في محاولة الحصول على مساعدات خارجية لإعادة إعمار ما دمرته حروب الحزب المتتالية من جهة ثانية.
هذا التعداد للزيارات الخارجية لا يهدف بالتأكيد لإجراء “جردة محاسبية” لتكلفة هذه الزيارات لأنها ليست الهدف من الموضوع. هذا التعداد يهدف في الأصل الى إقناع المسؤولين بأن الحل يبدأ من حارة حريك وليس من أي مكان آخر، بدليل فشل هذه الزيارات في تحقيق أهدافها، باستثناء الحصول على وعود مؤجلة بالحصول على المساعدات المطلوبة، بعد تنفيذ لبنان التزاماته لجهة حصرية السلاح بيد الدولة والقيام بالإصلاحات المطلوبة تمهيدًا لوضع الاقتصاد على السكة الصحيحة.
كلمة السر الأميركية، التي لم تعد سرًا، والتي تم تعميمها على الأشقاء والأصدقاء واضحة ومختصرة ومُلزمة للجميع عربيًا ودوليًا: لا مساعدات قبل تنفيذ الالتزامات. لذلك باتت الآية الكريمة من الإنجيل “مرتا، مرتا، إنك تهتمين بأمور كثيرة وتضطربين، والمطلوب واحد” تنطبق بالحرف على العهد وحكومته الأولى، لأن المطلوب داخليًا وخارجيًا واحد: سلاح “حزب الله”.