
سباق بين توفير مخارج وعدم الاصطدام مع المجتمع الدولي في «ملف السلاح»
تقترب الحكومة اللبنانية من لحظة المواجهة للواقع من خلال طرح موضوع السلاح على طاولة مجلس الوزراء، وهي استفادت من سفر رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى الجزائر وانعقاد جلسة مجلس النواب في الموعد الأسبوعي لجلسات الحكومة اليوم من أجل تأجيل الجلسة إلى الأسبوع المقبل، لكسب بعض الوقت على أمل إجراء مزيد من الاتصالات وانتظار بعض المواقف.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر وزارية لـ «الأنباء» إنه «يجري البحث عن مخارج على قدم وساق، في ظل الاستحقاقات والمخاطر الداهمة، حيث يتوقع أن تترافق الاتصالات مع موقف لرئيس الجمهورية في كلمته بمناسبة عيد الجيش غدا، كما أن المجلس سيقر الإصلاحات المطلوبة في رسالة إيجابية من الدولة».
وأضافت المصادر أنه في وقت طالب رئيس المجلس نبيه بري عبر الموفد الأميركي توماس باراك بوقف الغارات الإسرائيلية للبدء بالخطوة الأولى نحو تسليم السلاح وبسط سلطة الدولة، فإن الرد الإسرائيلي لم يقتصر على الرفض، بل جاء بالتهديد بتوسيع الاستهداف ليطول القيادات العسكرية لـ «حزب الله» على كامل الأراضي اللبنانية، وأن هذه التصفيات ستستمر لأي قائد أو مسؤول جديد في المجال الأمني والعسكري مستقبلا في الحزب.
ونقل بعض زوار الرئيس بري، قوله ان باراك من أشد الديبلوماسيين الأميركيين حنكة، ووصفه باتباع أسلوب التدرج في عرض المطالب، وصولا إلى طرح مخرج وحيد يمثل وجهة النظر الأميركية والفريق الآخر (إسرائيل). وأشاروا إلى محاولة باراك انتزاع موقف إضافي من الرئيس بري، وكان جواب الأخير ان «الموقف الرسمي اللبناني تسلمته من رئيس الجمهورية (العماد جوزف عون، قبل يوم من لقاء باراك والرئيس بري)».
وذكروا ان رئيس المجلس يعمل على تبريد الأجواء، ونقلوا عنه تماسك السلطة السياسية الرسمية واعتمادها أعلى درجات التنسيق والتشاور، مشيرا إلى ان بعض التباينات في وجهات النظر لا ترقى إلى درجة الاختلاف.
كذلك نقل زوار السرايا عن رئيس الحكومة نواف سلام بذله جهودا مكثفة مع الخارج، لعرض وجهة النظر اللبنانية، القائمة على ضرورة الحصول على مقابل من إسرائيل هو من البديهيات كوقف النار فعليا والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة. وقالوا انه يواظب على الاتصالات في الداخل للوصول إلى مخارج تجنب البلاد المواجهة مع المجتمع الدولي، وتنقلها إلى مرحلة جديدة من الاستقرار النقدي والاقتصادي، ليلعب لبنان دوره كنقطة وصل كما كان منذ الاستقلال وقبله.
وترى المصادر أن الضغوط الدولية تزداد على الحكومة اللبنانية لاتخاذ الخطوات المطلوبة في هذا المجال. وفيما شددت وزارة الخارجية الفرنسية على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية باتخاذ قرارات حاسمة في موضوع السلاح لتجنب العودة إلى ما قبل وقف إطلاق النار، ليتماشى مع الموقف الأميركي المتشدد والذي يزيد الضغوط على الحكومة، فإن السفير الأميركي الجديد المقترح للبنان ميشال عيسى وهو من أصول لبنانية، أطلق مواقف عالية النبرة تجاه سلاح «حزب الله» في جلسة سماع من قبل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي تمهيدا للتصويت على تعيينه لاحقا، مشيرا إلى «أن نزع هذا السلاح هو ضرورة وليس خيارا، وأن الحزب ومن يرعاه يمنعان أي نهوض اقتصادي ويقوضان سيادة الدولة».
وذكرت المصادر أن الأيام المقبلة، وقبل عرض أي اقتراح بشأن تسليم السلاح أمام مجلس الوزراء، ستشهد سلسلة اتصالات تضمن عدم الوصول إلى أي اصطدام، من خلال إيجاد مخارج تكون مقبولة بالحد الأدنى من جميع الأطراف المعنية بهذا الملف داخليا وخارجيا، لأن أي مواجهة ستعيد الأمور إلى نقطة الصفر.
وتحدثت عن مساع حثيثة رئاسية وحكومية ونيابية، لإبعاد شبح الضربات الإسرائيلية المحتملة، عبر تلبية مطالب المجتمع الدولي، ونقل البلاد من حالة الحرب، إلى حالة أخرى مختلفة متاحة من بوابة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ومؤسساتها الرسمية.