مفوض الحكومة الجديد في المحكمة العسكرية:سيمسح اللطخة السوداء

مفوض الحكومة الجديد في المحكمة العسكرية:سيمسح اللطخة السوداء

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن
2 آب 2025

لم يكن تعيين القاضي كلود غانم مفوضًا للحكومة في المحكمة العسكرية قرارًا مفاجئًا في الأوساط القضائية. ففي التشكيلات القضائية التي حُفظت في الأدراج ولم تُوقع عام 2017، نتيجة الكيديات السياسية، سُميّ غانم لهذا المنصب تحديدًا. وبعد إقرار التشكيلات القضائية الأخيرة والاتفاق عليها، أعيد تسميته لهذا المنصب الذي سيتولاه في السادس عشر من أيلول المقبل. 

من هو كلود غانم؟ 

ابن بلدة بسكنتا. ولد في الواحد والعشرين من آب في العام 1969. متزوج، وأب لثلاث فتيات: كلويه، جويه، أودريه. ربيب بيتٍ متواضع، كان والده يعمل في إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي). وعمه إيميل محام، أما عمه جورج فكان قاضيًا عسكريًا.

في بداية مسيرته التعليمية، كان يتمنى دراسة الطب، وأن يصبح طبيبًا للأسنان. لكنه تخصّص في إدارة الأعمال، ونال شهادة الدراسات العليا من الجامعة اليسوعية. غادر إلى فرنسا للاستقرار هناك، وبدأ العمل في شركة فرنسية. لكنه كان شديد التأثر بعمه “إيميل” الذي ترك بصمة كبيرة في حياته الشخصية والمهنية. ولطالما كرّر أمام أصدقائه أنه “لا يرفض أي طلبٍ لإيميل”، وهذا ما حصل، بعد أن اتصل به عمه طالبًا منه ترك فرنسا والعودة إلى لبنان لدراسة الحقوق والدخول إلى المعهد القضائي ليصبح قاضيًا. فعاد إلى بيروت، ودرس الحقوق في جامعة الحكمة ودخل المعهد القضائي. 

مراكز قضائية

في العام 1999 بدأت مسيرته القضائية. وتبوأ أول منصب له، حين عُيّن قاضيًا منفردًا في عاليه، وتنقّل في مراكز عدة بعدها، وهي: قاضي العجلة في العام 2002، قاضي تحقيق في بعبدا عام 2003، محام عام في جبل لبنان (2004-2017)، معاون مفوض الحكومة (2017-2025)، رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل بالتكليف (2025)، وفي التشكيلات القضائية التي أقرت في الثلاثين من تموز الجاري، عُيّن مفوضًا للحكومة لدى المحكمة العسكرية. 

في بداية مسيرته المهنية، لم يكن شغوفًا بالعمل القضائي، لكنه أحبّ القضاء العسكري، واعتبره من أهم المراكز القضائية في كل لبنان، وكان يطمح أن تُتوّج مسيرته القضائية بتولي منصب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وهذا تمامًا ما حصل.   

مرحلة جديدة

اليوم، تدخل المحكمة العسكرية مرحلة جديدة مع إقرار التشكيلات القضائية. وفي أيلول المقبل، سيتوزع كل قضاة لبنان في مراكزهم الجديدة. أكثر من 90 بالمئة من المراكز تغيرت، وهذا ما يوحي بدخول الجسم القضائي في مرحلة مختلفة عن السابق.

في العقود الأخيرة، أثار أداء المحكمة العسكرية جدلًا واسعًا بين اللبنانيين. إذ لم تعد مهتها النظر في القضايا العسكرية فقط؛ بل توسعت صلاحياتها لتطال شريحة كبيرة من المدنيين، وتخصصت في النظر في قضايا الأسلحة والذخائر والعمالة والإرهاب. ومنذ ذاك الوقت، تعرضت العسكرية لانتقادات كثيرة ومطالبات مستمرة بتقليص هذه الصلاحيات، بسبب اتهامها بتلفيق الملفات. ووُصم دورها بالتوقيفات العشوائية وبالمحاكمات غير القانونيّة في الكثير من الملفات الحساسة، كأن دورها قد ترسَّخ لتنفيذ أهداف سياسية تُطلب منها، حتى تحولت مع السنوات إلى شبحٍ أمنيّ يُطارد مجموعة من المدنيين. 

يترقب اللبنانيون أداء المحكمة العسكرية في المرحلة المقبلة، بعد إقرار التشكيلات القضائيّة. هذه التغيرات التي تزامنت مع عهد رئيس الجمهورية جوزاف عون الجديد، ومع التبدلات السياسيّة في لبنان. 

داخل المحكمة، ملفات أمنية كثيرة، وقضايا دسمة كالإرهاب والعمالة، وملفات أخرى حُفظت في الأدراج، ولعل المسؤولية الكبرى التي تقع على غانم اليوم، هي تغيير صورة سوداء طُبعت في أذهان اللبنانيين. خصوصًا أن غالبية القضاة يشيدون بعمله القضائي، وبأنه لا يساهم في “فبركة” أي ملفٍ، وجلّ ما يُطلب منه أن يكون عادلًا فقط في بلدٍ ساد فيه الظلم. وأمام هذا الاختبار، يبقى السؤال الأهم: هل ستسحب مطرقة العسكرية من يد الأحزاب السياسية؟