خاص- “الحزب” ينحني لتمرير العاصفة

خاص- “الحزب” ينحني لتمرير العاصفة

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
4 آب 2025

لو لم تبلُغ الضغوط الأميركية درجة قصوى، لما كان مجلس الوزراء لينعقد الثلاثاء، لبحث”حصرية السلاح”. ولو لم تلامس هذه الضغوط “حزب الله” نفسه، لما رضي بفكرة انعقاد جلسة للحكومة تُخصّص لهذا الموضوع. فالتهديدات التي وصلت، لا تشمل فقط ترك لبنان لمصيره، وعدم حصوله على أيّ استثمارات أو مساعدات خليجية أو دولية، إنّما تلوّح بعدم القدرة على ردع إسرائيل عن تنفيذ أيّ هجوم واسع على لبنان، أو منع حدوث أيّ مشاكل مع سوريا.
وكانت الورقة الأميركية، التي اعتُبرت ورقة نهائية لا تفاوض حولها بعد الآن، قد دعت إلى وضع جدولة زمنية لسحب سلاح كلّ المنظّمات، وحصره بالقوى العسكرية اللبنانية. ولم يعد في استطاعة رئيس الجمهورية جوزف عون أن يتحمّل لوحده وِزر ملفّ السلاح، بعدما كان قد قرّر أن يحلّه عبر حوار ثنائي مع “الحزب”. فتقرّر عقد جلسة لبحث الموضوع، تزيل عن كاهل الرئيس تحمّل المسؤولية منفرداً، وترمي بهذا العبء على مجلس الوزراء مجتمعاً، لكونه السلطة التنفيذية المقرِّرة. وهو يكون بذلك قد لبّى أيضاً طلبات أحزاب لبنانية، دعته إلى إحالة الموضوع على الحكومة، التي لها الحقّ في اتّخاذ القرارات، وهي بالتالي حائزة على ثقة مجلس النوّاب المنتخب من الشعب.
ولكن، هل ستتمكّن الحكومة من التصويت على قرار تنفيذيّ بتسليم السلاح، يتضمّن مواعيد زمنية محدّدة لذلك؟
لا تجزم أيّ من المصادر التي تحدّثنا إليها بما يمكن أن تؤول إليه الجلسة. فالمفاجآت واردة، ولو أنّ هناك قناعة بأنّ مجلس الوزراء لن يكون قادراً في جلسة الثلاثاء، على إصدار قرار يتضمّن جدولة زمنيّة لسحب السلاح. وما يجري العمل عليه هو صيغة تنصّ على حصريّة السلاح. وهذا ما هو وارد في أيّ حال في اتّفاق الطائف، وفي القرار 1701، وفي اتّفاق وقف النار الأخير. كما أنّه وارد في خطاب القسم وفي البيان الوزاري. ولكن كلّ ذلك ظلّ بالنسبة إلى “الحزب” حبراً على ورق، تارةً يفسّره كما يحلو له، وتارةً يربط التنفيذ بشروط لا تنتهي.
وتعتقد المصادر أنّ من الصعب الخروج بصيغة واضحة وحاسمة، وأنّ من المرجّح أن يُتّفق على نصّ يشدّد على مبادئ بسط سلطة الدولة على كلّ أراضيها، وحصريّة السلاح، وطبعاً وجوب انسحاب إسرائيل من التلال الخمس ووقف العمليّات ضدّ لبنان. أمّا الخطة التطبيقية لذلك فغير واضحة، على رغم أنّ رئيس الحكومة نوّاف سلام أكّد أنّ الجلسة ستضع الآلية التنفيذية لحصريّة السلاح.
ويحرص رئيسا الجمهورية والحكومة على عدم تفجير الجلسة. لذا، تتكثّف الاتّصالات للوصول إلى صيغة مقبولة من كلّ الأطراف. فالحزب لن يقبل بتحديد مواعيد لسحب سلاحه، تحت تهديد استقالة الثنائي الشيعي من الحكومة، فيما تظهر بوادر تصعيد في الشارع مع الدعوات المتواترة إلى التظاهر أمام السراي، رفضاً لنزع سلاح “حزب الله”.وفي المقابل، تصرّ القوّات اللبنانية والكتائب وبعض الوزراء على ضرورة تحديد جدول زمني. وبين الموقفين، لا يُعرف ما هي الصيغة التي ستخرج بها الجلسة، والأهمّ ما إذا كانت هذه الصيغة كافية لإرضاء الأميركيين، ورفع كأس الحرب عن لبنان.
ولكنّ، مجرّد انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لبحث ملفّ السلاح، يُعتبر زيادة في مستوى الضغط على “الحزب”، ونقلاً للموضوع إلى مستوى رسمي جديد، هو الحكومة. واستناداً إلى مصدر قريب من القوّات، فإنّ عرض الموضوع على الحكومة هو المسار الصحيح لمعالجته. وهذا الأمر سيخلق ديناميّة معيّنة، بحيث يتشكّل توافق وطني حول نزع السلاح، ويصبح “الحزب” وحيداً بتمسّكه بموقفه. وإذا ما اتّخذت الحكومة موقفاً، فإنّها ستحظى بدعم عربي ودولي، ما يزيد من عزلة “الحزب”.
ولا يعتقد هذا المصدر أنّ التهديد بحرب أهليّة هو تهديد جدّي، إذا ما أقدم الجيش على تطبيق سحب السلاح في شكل تدريجي، خصوصاً إذا ما كان هناك تأييد شعبي ورسمي وخارجي لذلك.
كما أنّ “الحزب” يدرس الموقف الدولي والإقليمي جيّداً. وهو يدرك أنّ عليه الآن الانحناء قليلاً لتمرير العاصفة. ولكنّه يحاول في الوقت عينه إبعاد شبح الحرب الإسرائيلية الواسعة من جديد. إذ لم تعد بيئته، سواء في الجنوب أو الضاحية أو البقاع، قادرة على تحمّل أعباء القصف والدمار والتهجير. وهو يخشى أيضاً تنامي النفوذ السنّي على خلفية التعاطف مع الحكم الجديد في سوريا، وربّما يجد غطاء لنفسه في إطار الليونة التي يبديها.
ولكنّ القرار النهائي في كلّ ذلك يبقى في يد إيران. فهي من تقرّر، و”الحزب” ينفّذ. وعلى نتائج المفاوضات المحتملة مع واشنطن يتوقّف مسار الأمور في لبنان.