
جريمة المرفأ: القرار الاتهامي يتضمن مذكرات توقيف
خمس سنوات مرّت على جريمة العصر، تفجير 4 آب، نحو عام ونصف العام منها أمضاها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار مكفوف اليد، ممنوعاً، من قِبَل الطبقة السياسية الوقحة، من استكمال عمله في التحقيق وصولاً إلى الحقيقة!
لكن الحقيقة، كالشمس، لا يمكن للأصابع الملطخة بالدم، والفساد والكذب والرياء إخفاؤها …
ولأن القاضي البيطار، يؤمن بالحقّ والعدل، أكمل المشوار الصعب، هو الذي قال يومًا قبل تسلّم ملف المرفأ: “يمكن قدري إستلم هالملف” وعندما غاص في تفاصيله، وفي عزّ محاربته بدعاوى الرد والنقل والمخاصمة، وفي عزّ تهديد رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا له “بالقبع” قال البيطار: “حياتي مش أهم من حياة كلّ اللّي ماتوا بالتفجير” وأكمل المسيرة!
وها هو البيطار، يصل إلى آخر المشوار!
فالقرار الاتهامي أنجز وسيصدر قريبًا، قبل نهاية العام بحده الأقصى، وما هو أكيد، أن أهالي الشهداء لن يحيوا بعد اليوم الذكرى الأليمة لموت أبنائهم، إلا والحقيقة في جعبتهم!
القرار الاتهامي، بحسب معلومات “نداء الوطن”، مؤلف من مئات الصفحات التي تروي حقيقة ما حصل بالتفاصيل، بالوقائع والحوادث وسيضع القرار نقاط الحقيقة على حروف العدالة، وستبان تلك الحقيقة ساطعة كدم الضحايا والجرحى الذين سقطوا، لا بل ارتفعوا، في تلك الجريمة!
ولكن ثمة من يسأل: “لماذا لم يصدر المحقق العدلي القرار الاتهامي بعد؟”
أولًا، ينتظر البيطار الأجوبة عن ست استنابات وجهها إلى ست دول عربية وأوروبية، بهدف طلب مساعدتها في الحصول على معلومات مرتبطة بصلب التحقيق.
هذه الاستنابات سطرها البيطار منذ فترة وأرسلتها النيابة العامة منذ شهرين تقريبًا إلى الدول المعنية وذلك بعد ترجمتها وحتى الساعة، لم يتسلم البيطار أي أجوبة عن أسئلته، لكنه يعطي نفسه فترة شهرين للحصول على الأجوبة التي تساعد في تحصين القرار الاتهامي، علمًا أن عدم حصول لبنان على أجوبة، لا يعني عدم قدرة البيطار على إصدار القرار الاتهامي!
ثانيًا: لم يعمد البيطار إلى إصدار القرار الاتهامي بعد، لأنه لا يريد أن يتعرض القرار للطعن في المجلس العدلي!
لماذا؟
لأن في حق البيطار دعاوى رد ونقل وارتياب مشروع ومخاصمة قدمها الكثير من المتضررين من وصول البيطار إلى الحقيقة، وعلى رأسهم السياسيون، بهدف وقف التحقيق وعرقلته بحجة أنه مسيَّس!
أضف إلى ذلك، دعوى اغتصاب السلطة التي رفعها مدعي عام التمييز السابق القاضي غسان عويدات في وجه البيطار وأي من هذه الدعاوى لم يبت بعد، لذلك ينتظر البيطار أن يبت بهذه الدعاوى، ليصدر قرارًا اتهاميًا محصنًا غير قابل للطعن!
علمًا أن دعاوى الرد والنقل تنظر فيها الهيئة العامة لمحكمة التمييز بينما دعوى اغتصاب السلطة تنظر فيها هيئة اتهامية خاصة أنشئت لهذه الغاية، على رأسها القاضي الياس عيد.
أما عندما يصدر البيطار القرار الاتهامي، فيحال على المجلس العدلي، الذي عليه أن ينظر بالقضية ويغوص في تفاصيل الاتهامات التي أصدرها البيطار ويدقق فيها.
وعلمت “نداء الوطن” أن البيطار، وفي متن قراره الاتهامي، يتوقع أن يعمد إلى إصدار مذكرات توقيف وإلقاء قبض بحق عدد من المتهمين، وسيكون من مسؤولية الضابطة العدلية، التي يترأسها وزير الداخلية أحمد الحجار، تنفيذ هذه المذكرات بأمر من مدعي عام التمييز جمال الحجار.
وزير الداخلية أبدى استعداده للتعاون المطلق لتنفيذ القانون، وبانتظار أن يفعل مدعي عام التمييز الأمر نفسه، اتصلت “نداء الوطن” بوزير العدل عادل نصار الذي أكد ضرورة صدور القرار الاتهامي وضرورة حصول المحاسبة بعد صدور القرار!
وقال: “ملف تحقيقات المرفأ كان أولوية بالنسبة إلي عندما عينت وزيراً للعدل وأخذت على عاتقي تحريك الملف وتحريره من العرقلة وهذا ما فعلته”. وعندما سألناه عن الدعاوى المرفوعة ضد البيطار أجاب نصّار: “أنا لا أتدخل في عمل القضاء لكنني مسؤول عن تسريع وتيرة العدالة وعدم السماح بعرقلتها”.
وختم نصار: “أؤكد أنه إذا لمست أي عرقلة سياسية للملف سأكون لها بالمرصاد!”.
على أي حال، في الشكل تبدلت الأمور، فالدولة البوليسية التي كانت تحكم الملف ولّى زمنها، وبتنا اليوم أمام دولة صديقة للملف، ووزراء ونواب يسيرون مع أهالي الضحايا، يداً بيد، في مسيرتهم السنوية، وصولًا إلى الحقيقة …
نعم، المشهد تبدّل، على أمل أن يلاقي التبدل في الشكل التبدل في المضمون، كي لا تغتال العدالة بنيران صديقة هذه المرة.