
تعديلات قانون الانتخاب: تأخّر حكومي و”لا صوت يعلو على صوت السلاح”
في 18 حزيران الماضي، عقدت فرعية قانون الانتخاب اجتماعها الأخير. ومنذ ذلك الحين، تأجّلت الجلسات أكثر من مرة، إمّا بانتظار ما يمكن أن يرد من الحكومة، أو بفعل الجلسة التشريعية مرة، وجلسة مساءلة الحكومة مرّة أخرى. اليوم تعود اللجنة إلى الالتقاء، فهل سمحت المهلة الفاصلة في تقريب وجهات النظر المتباعدة في مقاربة قانون الانتخاب؟
من المفترض أن تواصل اللجنة نقاشها من المكان الذي وصلت إليه. إذ من المقرر أن تعرض لتعديلات الحكومة كما سبق وأن وعد وزير الداخلية سابقًا. إلاّ أن التدقيق يظهر أن هذه التعديلات لم تطرح رسميًا على طاولة مجلس الوزراء، لتتم إحالتها بصيغة مشروع قانون إلى مجلس النواب. ما يعني أن اللجنة ستجد نفسها أمام “لا قرار حكومي” كانت تنتظره لتحديد الخطوة الثانية من نقاشاتها. وهي ستستمع من وزير الداخلية أحمد الحجار إلى ما وصلت إليه الاجتماعات الوزارية التحضيرية في هذا الخصوص. في حين يخشى كثيرون من استمرار المماطلة على هذا الصعيد، ما يعرّض الانتخابات برمّتها إلى الخطر.
في المقابل، لم تحصل أي لقاءات أو اتصالات بعيدة من الإعلام، أو خارج طاولة اللجنة، لتقريب وجهات النظر، بحسب أحد المشاركين في الجلسة، والذي أشار لـ “نداء الوطن” إلى أن “لا صوت يعلو على صوت السلاح هذه الأيام. بينما كنّا مطووشين بإصلاح المصارف واستقلالية القضاء والاجتماعات الدائرة في هذا الخصوص، والتركيز كان على الإصلاح المالي والقضائي في المرحلة السابقة”.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أن هناك مراوحة في نقاش قانون الانتخاب وفي حسم أي توجّه ستسلكه الأمور في ضوء وجود 7 اقتراحات قوانين على الطاولة. ووجهات النظر لا تزال تراوح بين من يريد تعديل القانون الحالي ومن يريد تطبيق اتفاق الطائف كاملًا، مع ما يعنيه ذلك من حصرية السلاح، ولامركزية إدارية، وصولًا إلى قانون انتخاب يتضمّن مجلس شيوخ ومجلس نواب.
ووفق النقاشات الدائرة، والمعلومات الواردة عن توجّهات كل طرف، فلا اتفاق حتى الآن على تعديل قانون الانتخاب الحالي. فـ “القوات اللبنانية” تريد الغاء المقاعد الـ 6 للاغتراب، بينما يتمسّك “التيار الوطني الحر” بها. و”حزب الله” يرفض إعطاء المغتربين حق الاقتراع لـ 128 نائباً، بحجّة عدم إمكانية الحملة الانتخابية خارج لبنان. وهو في المقابل يريد إعادة النظر بالدوائر الانتخابية واعتماد صوتَين تفضيليين بدل الصوت الواحد المطبّق في دورتَي 2018 و2022.
ما سبق يعني أن ما يطرحه طرف يرفضه الآخر. وهي معادلة، في حال استمرت، ستعرقل التقدّم. وإذا لم ينجح القرار السياسي في ردم الهوّة بين المتباعدين، سنكون أمام مشكلة عدم القدرة على تطبيق قانون الانتخاب الحالي، وعدم توافر التوافق على تعديله.
فللتذكير، تنص المادة 112 من قانون الانتخاب المقر في العام 2017، على أن “المقاعد المخصصة في مجلس النواب لغير المقيمين هي ستة، تحدد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين وهي موزّعة كالتالي: ماروني، أرثوذكسي، كاثوليكي، سني، شيعي، درزي، وبالتساوي بين القارات الست”.
وهي النقطة الأساسية التي جرى توقيع عريضة نيابية في شأنها من قبل كتل أساسية ونواب مستقلين لإلغائها، وطرح تعديلها على جدول أعمال الجلستَين التشريعيتَين السابقتين، إلاّ أن رئيس مجلس النواب نبيه بري رفض ذلك، معتبرًا أن نقاشات قانون الانتخاب تتم في اللجنة الفرعية.
لا شك أن اللبنانيين استبشروا خيرًا بفتح النقاش بقانون الانتخاب قبل سنة من موعد انتخابات 2026، ليعرفوا على أي أساس سيختارون ممثليهم في البرلمان. إلاّ أن “سير السلحفاة” الذي يأخذه منحى النقاشات، يطرح مخاوف عدة. فهل يحصل خرق سياسي قريب ينعكس تعديلات تقنية مطلوبة على قانون الانتخاب؟ أم ستبقى المراوحة تتحكّم بالنقاشات، إلى حين تبيان الخيط الأبيض من الأسود على صعيد حصرية السلاح بيد الدولة؟