ماذا بين بلدية طيردبا والسوريين؟ “غلطة” الشاطر بمليونين

ماذا بين بلدية طيردبا والسوريين؟ “غلطة” الشاطر بمليونين

الكاتب: خضر حسان | المصدر: المدن
6 آب 2025

دفعت البلديات ثمن انهيار سعر صرف الليرة، وهي في الأصل تعاني نقص التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع التنموية. وفي محاولة منها لسدّ العجز المالي، استندت البلديات إلى ما توفّره برامج دعم النازحين السوريين والمجتمعات المضيفة، فضلاً عن الأموال الضئيلة التي تأتيها من الصندوق البلدي المستقل، وهي مبالغ تتّصف بالقلّة والـ”لا عدالة في التوزيع” على حدّ وصف وزير المال ياسين جابر. 

وكذلك، رفعت البلديات نسبة الرسوم المستوفاة على الوحدات السكنية، أو ما يعرف بـ”المسقّفات”، وأيضاً رسوم جمع النفايات. لكن بلدية طيردبا في قضاء صور، قرّرت استيفاء رسم “بدل إقامة” من النازحين السوريين المقيمين ضمن نطاقها الجغرافي.

رسم بدل إقامة

زادت الحرب الإسرائيلية من الأعباء المالية على البلديات، فبات صعباً عليها تسيير أمورها. ولتوفير المزيد من التمويل بما يكفي لتغطية النفقات، رفعت البلديات رسومها. ومن ذلك على سبيل المثال، مبلغ 450 ألف ليرة شهرياً بدل جمع النفايات، ومليونا ليرة سنوياً بدل “مسقّفات”، مع الإشارة إلى أنّ النازحين السوريين يدفعون الرسوم عينها كاللبنانيين. لكنّ بلدية طيردبا أضافت إلى هذه الرسوم “بدل إقامة” للنازحين السوريين.

وفي التفاصيل، حصلت “المدن” على صورة إيصال صادر عن البلدية، بتوقيع أمين الصندوق، يثبت استيفاء البلدية مليون ليرة من النازح السوريّ (فريد. س) وزوجته (صباح. ح)، ومع أنّ استيفاء هذا الرسم “الشهري” مثبت بالأرقام ومدوَّن في وثيقة، فإنّ نعنوع وضعَ الأمر في سياق “الغلطة”، وأوضح لنا أنّ هذه الرسوم هي “بدل جمع النفايات وليست بدل إقامة، وأن الشاب الذي حرَّر الإيصال، أخطأ في الكتابة وسجّل عليه أنّ المبلغ هو بدل إقامة”، وأكد نعنوع أنّ “الأمر قد عولج”.

رسم بدل اقامة للسوريين (المدن)

 

أبعد من الغلطة

ما اعتبره نعنوع “غلطة” هو فعلياً أبعد من ذلك بكثير، فالمبلغ المالي المستوفى لا يمكن إدراجه في خانة جمع النفايات، لأن البلديات تستوفي شهرياً 450 ألف ليرة بدل الجمع وليس مليون ليرة، إلاّ إذا كانت البلدية تستوفي من سكّانها اللبنانيين المبلغ عينه، وهذا ليس واقعياً. كما أنّ الإيصالات تصدر عادةَ باسم ربّ العائلة وليس باسمه واسم زوجته، ما يثير التساؤلات عما إذا كان المبلغ يعني استيفاء مليون ليرة عن كل فرد بالِغ يعيش في البلدة، وليس على كلّ عائلة، أو وحدة سكنية، علماً أنّ في البلدة، وفقاً لنعنوع، “أكثر من 500 سوري”.

توازيًا، هذه “الغلطة” تفتح الباب أمام امتعاض الجهات الدولية المانحة التي تموّل برامج دعم النازحين السوريين، والتي تستفيد البلديات بقسم منها . فاستيفاء بدل إقامة، وبمبالغ مرتفعة، يعني استنزاف الأموال التي تقدّمها تلك الجهات، بغير وجه حق، ما قد يدفعها إلى إعادة النظر في آلية صرف أموال المساعدات، ولاسيما تلك المتعلّقة بالبلديات.

كا أنّ إدراج هذا البدل تحت خانة “الإقامة” يعني أنّ النازحين السوريين يدفعون بدل إقامتهم في لبنان مرّتين، مرّة للدولة من خلال رسوم الأمن العام ومرّة من طريق البلديات، وهو أمر غير قانوني.

وحتّى اللحظة، لا تزال هذه القضية في إطار “الغلطة”. لكن غلطة اختيار عنوان دفع الرسوم، لا يبرّر ضخامة المبلغ المستوفى ولا سبب إصدار الإيصال باسم الشاب وزوجته. ما يعني أنّ البلدية تحصّل شهرياً مبالغ مالية بلا سند قانوني. وعلمت “المدن” أنّ هذا الإجراء سبَّبَ نقاشاً حاداً داخل المجلس البلدي وبين المرجعيات السياسية في طيردبا.