بري لا يعترف برد براك ويراهن على تصحيح قرار الحكومة

بري لا يعترف برد براك ويراهن على تصحيح قرار الحكومة

الكاتب: سابين عويس | المصدر: النهار
7 آب 2025

من أبرز النتائج التي خلصت إليها جلسة مجلس الوزراء الخاصة بالبحث في ملف سلاح “حزب الله”، أن مستوى الرضا والامتعاض والرفض كان متساوياً داخلياً وخارجياً، بحيث أن فريق الدولة الذي رأى أنه حقق مكسباً، قابله في الوقت عينه بشيء من الخيبة من العجز عن تحقيق أكثر. أما الحزب فقرر التعامل معه على أنه غير موجود، رافضاً الاعتراف بفشله في تهديد الحكومة لمنعها من اتخاذ قرارها. وفيما انتصرت الدولة باستعادة هيبتها والتجرؤ على اتخاذ قرار تاريخي كسرت فيه كل المحرمات المحيطة بموضوع السلاح، فحددت مهلة زمنية واضحة لسحبه تنتهي بنهاية السنة وكلفت الجيش وضع الخطة التنفيذية لذلك ضمن مهلة تنتهي بنهاية الشهر الجاري، وهي بذلك لبّت الشروط الدولية المفروضة مجنبة البلاد خطر الحرب والعزلة والحصار، وصف الحزب القرار بـ”الخطيئة الكبرى”، رافضاً التعامل معه، من دون أن يرى فيه مكسباً ضمنياً لجهة هامش المناورة الذي يسمح له بكسب الوقت، ولا يلزمه إلا بعد انتهاء المهلة بعد أربعة أشهر من الآن.

ولكن بالرغم من التناقض الواضح في قراءة القرار بين الحزب الذي رأى فيه، بحسب أعلامه، انتهاكاً للدستور من الحكومة، والسلطة وحلفائها الذين حملوا الحزب مسؤولية انتهاك مماثل، تدخل البلاد مرحلة جديدة مفتوحة على كل الاحتمالات المرتبطة بما ستحمله الأيام المقبلة من تداعيات سياسية وأمنية، وخصوصاً أن عملية تقييم الجلسة بدأت تتكشف منها حقائق سيكون لها أثرها في العلاقات بين الحزب والسلطة والقوى السياسية، وفي مقدمها الشريك والحليف و”الأخ الاكبر” الرئيس نبيه بري، الذي كان له الدور الأبرز في التوصل إلى اتفاق مع الموفد الأميركي توم براك.
وفي حين ترددت معلومات عن أن بري لم يفاجأ بالقرار وكان على علم به على قاعدة أنه أفضل ما يمكن الوصول إليه في ظل الضغوط الدولية الشديدة جداً على السلطة برؤوسها الثلاثة من أجل التزام مهلة زمنية واضحة، نفت أوساط عين التينة هذا الكلام، كاشفة أن بري فوجئ بتبني مجلس الوزراء قراراً يلبي المطالب الأميركية، في حين أن ورقة الرد الواردة إلى المجلس لا تمتّ إلى تلك التي تم التفاهم عليها بين بري وبراك.
وقد أصدرت حركة “امل” بياناً أمس قالت فيه إنه “كان حريا بالحكومة التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الإسرائيلي باتفاقات جديدة، أن تسخّر جهودها لتثبيت وقف النار أولاً ووضع حد لآلة القتل الإسرائيلية التي حصدت حتى الساعة المئات من المواطنين اللبنانيين بين شهيد وجريح. بذلك تكون الحكومه تعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية ومخالفة لبيانها الوزاري، وبالتالي جلسة الغد فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني كما كان”.
ويأتي بيان “أمل” ليقطع الطريق على التكهنات حيال التباعد الحاصل بينها وبين الحزب، بعدما تولى رئيسها قيادة المفاوضات، وليؤكد التزام بري في تلك المفاوضات موقف الحزب ومصالحه.
تميز أوساط عين التينة بين ورقة براك المطروحة أمام الحكومة للبحث، والقرار الذي أصدرته الأخيرة بناء عليها. وتستغرب استعجال لبنان بالموافقة على بنودها قبل انتهاء مناقشتها، على نحو بدا أن موافقة لبنان من جانب واحد، إذ لم تصدر موافقة أو التزام أميركي أو إسرائيلي أو سوري لمندرجاتها كما حصل مثلاً عند صدور اتفاق وقف النار في تشرين الثاني الماضي، عندما أعلنه الرئيس الأميركي يومها جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس نجيب ميقاتي، علماً انه بالرغم من الإعلان الرسمي عن الاتفاق واصلت إسرائيل خروقها له.
هذا المناخ يدفع بري إلى مطالبة الحكومة عند استكمالها في جلستها اليوم درس ورقة براك، بأن تعيد النظر في قرارها “المتسرع”، على قاعدة أن الضغوط المتنامية يجب ألا تدفع بلبنان إلى تقديم تنازلات مجانيّة. ولا تعلق أوساط عين التينة أهمية على ما يتردد عن أن بري يأمل في المهلة المعطاة للجيش لوضع خطته، أن ينجح في كسب الوقت لتغيير القرار، مشيرة إلى أن المهم اليوم هو التعامل مع رد براك الذي جاء من خارج سياق الاتفاق الحاصل بينه وبين السلطات اللبنانية.