7 آب 2025: بداية عهد الدولة

7 آب 2025: بداية عهد الدولة

الكاتب: د.طوني بدر | المصدر: نداء الوطن
9 آب 2025

في السابع من آب، اتخذت الحكومة اللبنانية قرارًا تاريخيًا يقضي بتسليم سلاح حزب الله إلى الدولة. قد لا يحمل القرار مفاعيل تنفيذية مباشرة، وقد يتطلّب تطبيقه وقتًا وجهدًا كبيرين وإرادة سياسية صلبة، لكن أهميته الفعلية تكمن في ما يعكسه من تحوّل سياسي داخلي وخارجي، وثلاث رسائل جوهرية.

الرسالة الأولى هي تكريس الإجماع اللبناني الكامل حول مسألة سلاح حزب الله، وهو إجماع لم نشهده منذ 14 آذار 2005. باستثناء الثنائي الشيعي، الذي يتمسك بالسلاح حفاظاً على امتيازات غير دستورية وفّرها له داخل السلطة، عبّرت القوى السياسية كافة عن موقف واضح وحاسم في هذه القضية. هذه الوحدة السياسية، رغم الانقسامات العميقة في ملفات أخرى، تحمل دلالات عميقة على مستوى التوازنات الداخلية.

الرسالة الثانية هي عودة لبنان إلى الحضن العربي والدولي. فالقرار جاء منسجمًا مع القرارات الدولية والمواقف العربية، ما يعيد تثبيت موقع الدولة اللبنانية كسلطة ملتزمة بالشرعية الإقليمية والدولية، وهو ما قد ينعكس إيجاباً على الاقتصاد والعلاقات مع العالم العربي، في وقت يواجه فيه اللبنانيون أسوأ أزماتهم المعيشية.

أما الرسالة الثالثة، وربما الأهم، فهي نزع الشرعية عن سلاح حزب الله. فبعد سنوات من المناورة، حيث كان الحزب يدّعي أن حصرية السلاح بيد الدولة لا تشمل “سلاح المقاومة”، جاء القرار الحكومي ليطيح بهذا الادعاء. اليوم، بات السلاح خارج إطار الشرعية، وبالتالي خارج إطار القانون، ما يفرض التعاطي معه على هذا الأساس.

ولا يمكن قراءة هذا القرار بمعزل عن نضال استمر لأكثر من عشرين عامًا خاضته القوات اللبنانية وحلفاؤها، في وقت كان معظم السياسيين يتهيبون حتى من ذكر ملف السلاح. فقد كانت القوات اللبنانية وحلفاؤها رأس الحربة في مواجهة هذا الواقع، واليوم يأتي هذا القرار، ولو متأخرًا، بمثابة تأكيد على صوابية خيارهم، واعتراف عملي بمشروعية معركتهم ضد سلاح خارج عن الشرعية.

قد يكون الطريق إلى التنفيذ طويلاً، لكن الأهم أن الشرعية السياسية بدأت تتشكل، وأن زمن التهرب من مواجهة ملف السلاح قد انتهى. فهل يكون السابع من آب بداية فعلية لعهد الدولة في لبنان؟