تفاصيل التحقيقات مع لبنانيين تواصلوا مع “داعش”

تفاصيل التحقيقات مع لبنانيين تواصلوا مع “داعش”

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن
10 آب 2025

أنهت مخابرات الجيش اللبناني تحقيقاتها الأوّلية مع ثلاثة شبّان بعد الاشتباه بهم في الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي، بهدف القيام بأعمال إرهابية ضد الجيش اللبناني. وادّعت المحكمة العسكرية على المجموعة المؤلَّفة من خمسة أشخاص، بعد استكمال التحقيقات، بجرم “التخطيط للقيام بأعمال إرهابية“.

وكان الجيش اللبناني قد أصدر بيانًا أعلن فيه توقيف كلٍّ من (أ.س)، (و.س)، و(ب.ف)، يحملون الجنسية اللبنانية، بتهمة تأليف خلية في لبنان تؤيد تنظيم داعش الإرهابي. وتبيّن خلال التحقيقات الأوّلية أنّ الخلية كانت تخطّط لتنفيذ أعمال أمنية ضد الجيش اللبناني، بتوجيه من قياديين في التنظيم خارج البلاد، ويُجرى العمل على توقيف بقية أفراد الخلية.

ووفق المعلومات التي حصلت عليها “المدن”، تضمّ هذه المجموعة خمسة أشخاص تواصلوا مع قياديين في تنظيم داعش خلال الأشهر الماضية. ثلاثة جرى توقيفهم، وتوارى اثنان منهما عن الأنظار. وتبعاً للمعطيات، فإنّ المدعو (أ.س)، (21 عامًا)، من وادي خالد، يعمل في الحدادة الإفرنجية، ويلقَّب بين رفاقه بـ”أبو كيان”. تربطه علاقة صداقة بابن عمه (و.س)، الذي يعمل في تصليح الأسلاك الكهربائية، وجاره (ب.ف) يعمل معه في مجال الكهرباء. بدأوا بالتحدث في بعض المواضيع الدينية، وترافقوا إلى أحد المساجد، حيث قام خطيب المسجد بانتقاد عمل الجيش اللبناني والتحريض عليه بصورة غير مباشرة. وأصبح (أ.س) مؤيدًا لتنظيم داعش وملمًّا بمتابعة أخبارهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

الحاجة إلى المال

منذ نحو ثلاثة أشهر، تواصل الشبان مع شخص آخر يُدعى (ز.ق) عبر تطبيق “إنستغرام”، وهو من المؤيدين للتنظيم، وأبلغوه بأنهم يملكون مجموعة مؤلَّفة من 26 شخصًا في شمال لبنان، لكنهم بحاجة إلى الأموال لشراء الأسلحة اللازمة، وطلبوا منه تأمين مبلغ 20 ألف دولار أميركي لهذه المهمة. فرفض، عارضًا عليهم تسليح أنفسهم عبر تنفيذ عمليات أمنية على مراكز الجيش اللبناني للحصول على أسلحته وذخائره، أو تنفيذ عمليات انتحارية أيضًا، فرفضوا، وطلبوا منه تأمين دخولهم وتسهيله إلى سوريا للالتحاق بالتنظيم. لكنه اقترح عليهم القتال في لبنان عوضًا عن سورياومدّهم برقم أحد الشبان لمتابعة أمورهم، يُلقب بـ”أبو حفص”، لدراسة إمكانية التحاقهم بداعش في سوريا. وأبلغوه بحاجتهم إلى المال لتسليح مجموعتهم في لبنان، أو الانضمام إلى التنظيم في سوريا، لكنه اعتذر منهم بعد أيام، بحجّة أنّ قياديي التنظيم في سوريا رفضوا طلبهم، ولم تحصل أسماؤهم على أية موافقة للانضمام إليهم. ثم طُلب منهم لاحقًا تحميل تطبيق (VPN)، لمنع تعقّبهم من قبل الأجهزة الأمنية في لبنان، وتطبيق “متصفح تور” لمتابعة كل ما يتعلّق بالتنظيم وآلية مبايعة أمير داعش.

توسّع التحقيقات

توسّعت المحكمة العسكرية في تحقيقاتها بعد تسلّمها هذا الملف. ووفق معلومات “المدن”، أفاد الشبان بأن هدفهم الأساسي كان الحصول على المال عبر إيهام تنظيم داعش أنهم يملكون فرقة لبنانية جاهزة للقتال، وأنه بعد فترة تبلغوا بحصول انشقاقات لبعض الشبان في الأمن العام السوري، ويخططون للحضور إلى لبنان ومهاجمة سجن رومية.

وأفاد (ب.ف) خلال التحقيقات أنه يتردد باستمرار إلى سوريا عبر المعابر غير الشرعية من أجل العمل هناك في ورش كهرباء وتركيب أدوات صحية. كما تبيّن أن الموقوف (و.س) يمتلك حسابًا على وسائل التواصل الاجتماعي باسم “القرش”، يتابع فيه أخبار تنظيم داعش، ويرسل بعض المقاطع المصوّرة لابن عمه الذي اقتنع بفكرة التنظيم، وشاركوا في مجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي تضم 22 شخصًا يؤيدون أهداف هذا التنظيم، ويعرضون فيها أعمال داعش وتوسعها في سوريا وأفريقيا ومعطيات عن المعارك هناك.

ملاحقة المجموعات

في الأسابيع الأخيرة، تمكّنت مخابرات الجيش من توقيف مجموعات عدّة بحيازتهم بعض الأسلحة، وذلك بعد الاشتباه بانتماء هذه المجموعات لجماعات إرهابية تخطط لافتعال أعمال أمنية في لبنان، خصوصًا في ظل الأوضاع الراهنة الحساسة. واستكملت المحكمة العسكرية التوسّع بالتحقيقات للوصول إلى معطيات إضافيةوتوضح مصادر أمنية لـ”المدن” أنّ هناك الكثير من الخلايا النائمة في لبنان، التي تنتظر تعليمات محدّدة، وبالتالي قد تشكل خطرًا أساسيًا على البلاد في حال إقدامها على أي عمل أمني. لذلك لا يمكن التكهّن بالموعد إلا بعد توسيع دائرة التحقيق معهم للحصول على معلومات وربط الأحداث ببعضها.

في المقابل، تُطرح الكثير من التساؤلات في الشارع اللبناني حول حقيقة هذه الخلايا، وإن كانت فعلًا تنتمي لداعش وتخطط للقيام بأحداث أمنية في لبنان. وهنا تشرح المصادر أن الكثير من التوقيفات روتينية، وتحدث بعد الاشتباه بأي شخص، لكن لا يُعلن عنها على نحوٍ يومي إلا بعد إنهاء التحقيقات الأوّلية.