هل من هدوء بعد جلسة مجلس الوزراء ؟

هل من هدوء بعد جلسة مجلس الوزراء ؟

الكاتب: كلير شكر | المصدر: اساس ميديا
10 آب 2025

أربعة مواقف حاسمة سُطّرت خلال الأيّام القليلة الماضية، رفضاً لتسليم السلاح، وكأنّها تحاول أن توازن القرارين الاستثنائيّين الصادرين عن مجلس الوزراء في جلستَي الخامس والسابع من آب الجاري، القاضيَين بفرض حصريّة السلاح بيد الدولة اللبنانية قبل نهاية العام الحالي.

قال الأمين العامّ لـ”الحزب” نعيم قاسم، يوم الثلاثاء، إنّ “الحزب لن يوافق على أيّ جدول زمنيّ لتسليم سلاحه وتجريد لبنان من قوّته مع استمرار العدوان الإسرائيلي”، بينما كان مجلس الوزراء يناقش مسألة حصر السلاح بيد الدولة. ثمّ أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، يوم الأربعاء، أنّ خطّة نزع سلاح “الحزب” ستفشل، مضيفاً “ندعم “الحزب” في رفضه مساعي نزع سلاحه”. وذلك بعدما ردّ “الحزب” على قرار الحكومة ببيان عالي النبرة، أعلن فيه أنّه سيتعامل مع هذا القرار كأنّه غير موجود، واصفاً إيّاه بـ”الخطيئة الكُبرى”.

مساء يوم الجمعة أكّد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أنّ “أجواء الجنوب والبقاع والضاحية تعكس فتح قرار نزع السلاح الطريق لنا إلى كربلاء”، مضيفاً: “من ساهم في إقرار نزع السلاح إمّا غبيّ أو ارتجل موقفاً غير مسؤول وارتكب خطيئة تدفع إلى خيارات صعبة”. وختم بالقول: “الموت ولا تسليم السلاح، ويروحوا يبلطوا البحر”.

إذاً “الحزب” وضع نفسه على الضفّة المقابلة لمجلس الوزراء في قراره حصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام، وبالتالي يفترض أن يتصدّى لأيّ إجراء سيتّخذه الجيش وفقاً للخطّة التي يعمل على وضعها كما طلب منه مجلس الوزراء، تنفيذاً للقرار المتّخذ بهذا الشأن. الأمر الذي يفتح باب التساؤلات عن شكل السيناريوهات الممكنة في حال رفض “الحزب” التعاون مع المؤسّسة العسكرية، واستطراداً موقف الجيش من هذا الرفض.

نزع الشّرعيّة

في الواقع، تكمن أهميّة القرار، الذي اتّخذته حكومة نوّاف سلام، في أنّه نزع الشرعية عن سلاح “الحزب” بعد سلسلة بيانات وزارية وضعتها الحكومات المتعاقبة على مدى عقود من الزمن، كانت تضفي الشرعيّة على هذا السلاح تحت عنوان ثلاثية شعب وجيش ومقاومة. حتّى لو أنّ بيانات السنوات الأخيرة تذاكت وتلاعبت بالمفردات تشذيباً لتلك الشرعيّة، لكنّها في الحقيقة لم تنسفها أو تنزعها. وما القراران المتّخذان في جلستَي مجلس الوزراء (5 و7 آب الماضيين)، إلّا صفحة أولى في مرحلة جديدة.

يقضي القرار الأوّل بتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقيّة لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي بيد الجهات المحدّدة في “إعلان الترتيبات الخاصّة بوقف الأعمال العدائية” وحدها، وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها وإقرارها.

يقضي القرار الثاني بالموافقة على “الأهداف الواردة في مقدّمة الورقة التي تقدّم بها الجانب الأميركي بشأن تمديد وتثبيت إعلان وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل الصادر في تشرين الثاني 2024 من أجل تعزيز حلّ دائم وشامل، وذلك في ضوء التعديلات التي كان قد أدخلها عليها المسؤولون اللبنانيون”.

على الرغم من حركة الاعتراض التي لجأ إليها “الحزب” في الشارع تعبيراً عن رفضه، لكنّ الوقائع تجافي هذا المسار، خصوصاً أنّ قرار مجلس الوزراء تحدّث بوضوح عن تعديلات تمّ إلحاقها بالورقة الأميركية كانت نتاج نقاشات لأكثر من 53 ساعة، قادتها اللجنة الممثّلة للرؤساء الثلاثة، أي رئيس الجمهورية جوزف عون، رئيس الحكومة نوّاف سلام ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.

“الحزب” حاضر على الطّاولة

يعني هذا أنّ “الحزب” كان الجهة الرابعة غير الموجودة على الطاولة، لكنّها حاضرة عبر الرئيس برّي الذي كان يتولّى الاتّصالات الثنائية مع “الحزب” لوضع الملاحظات، ولو أنّه تقدّم بنفسه أمام الموفد الأميركي توم بارّاك برزمة ملاحظات إضافية، لم ترد في الردّ اللبناني. لكنّ بالنتيجة الردّ الرسمي الذي رفعه لبنان إلى واشنطن كان ثلاثيّاً في نشأته وبصْمته.

هكذا صارت الكرة في ملعب الجيش اللبناني، وهي حمل ثقيل سيكون من الصعب على المؤسّسة أن تحمله بمفردها إذا استمرّ “الحزب” في رفضه ومعاندته، ولو أنّ القوى السياسية برمّتها، الحليفة والخصمة لـ”الحزب”، تدرك أنّ الظروف الإقليمية والداخلية تغيّرت، ولم تعد القواعد المستخدمة منذ عقود نافعة، وانتهت صلاحيّتها ولا بدّ من مقاربات جديدة مختلفة.

يعرب بعض المطّلعين عن اعتقادهم أنّ الخطّة المطلوبة من الجيش قد لا ترى النور نهاية الشهر الجاري، كما طلب مجلس الوزراء، لأنّها قد تحتاج إلى الكثير من النقاش والدرس المعمّق، قبل توثيقها على الورق. بهذا المعنى قد تكون المهلة الفاصلة وقتاً مستقطَعاً لمزيد من المشاورات بين القوى السياسية من باب تهيئة الأجواء. فيما يذهب البعض إلى حدّ الإشارة إلى أنّ السلطة السياسية تحتاج بدورها إلى التقاط أنفاسها، خصوصاً أنّ قرارات مجلس الوزراء كانت قبل أيّ شيء إشارة تنفيذية من الحكومة بأنّها ماضية في خطّة فرض حصريّة السلاح.

الحاجة إلى الهدوء… مشتركة

لذا يحتاج الطرفان، أي السلطة و”الحزب”، إلى بعض الهدوء في هذه المرحلة المفصليّة، قبل المضيّ في الخطوات المقبلة، التي تتطلّب جهوداً مكثّفة ومساحة زمنيّة طويلة، وتكشف المعلومات أنّ رئيس الجمهورية خلال جلسة مجلس الوزراء لمّح إلى صعوبة إنهاء مهمّة الجيش قبل نهاية العام الحالي. هذا مع العلم أنّ المصادر الرسمية تنفي أيّ نيّة لدى السلطة أو الجيش للانخراط في أيّ صدام مع “الحزب” لتنفيذ قرار مجلس الوزراء، لأنّ كلّ المطلوب هو استكمال العمل الجاري منذ إعلان قرار وقف إطلاق النار، الذي تمّ خلاله إفراغ حوالي 500 موقع ومخزن عسكري لـ”الحزب” كما سبق لقائد الجيش رودولف هيكل أن أبلغ مجلس الوزراء.

حتّى الآن، مجلس الوزراء لن يتعطّل. ويفترض أن يشارك الوزراء الشيعة في الجلسة المقبلة، التي ستعقد يوم الثلاثاء، لأنّها تقنيّة بامتياز وتخلو من أيّ بنود خلافيّة. ويفترض أن يعود توم بارّاك إلى بيروت، لأنّ مهمّته هي بالأساس انتقالية، بانتظار انتهاء اجراءات موافقة الكونغرس على تعيين ميشال عيسى سفيراً أميركيّاً في لبنان، ليتولّى مهمّة المتابعة مع إدارته.