“فصل المسارات الدرزية” عنوان مرحلة “مخططات الأمم”

“فصل المسارات الدرزية” عنوان مرحلة “مخططات الأمم”

الكاتب: عامر زين الدين | المصدر: نداء الوطن
11 آب 2025

شكّل الكلام الأخير لرئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط على “فصل المسارات الدرزية” بين لبنان وسوريا وضمنها السويداء تحديدًا، علامة فارقة وتحوّلًا كبيرًا في سياسة الرجل، الذي لطالما اتّبعها منذ وصول الرئيس أحمد الشرع على رأس الدولة السورية الجديدة، ومردّ ذلك للتطوّرات السورية المتسارعة، غداة اتهام شيوخ العقل الثلاثة، حكمت الهجري ويوسف جربوع وحمود الحناوي، الحكومة السورية مباشرة بمسؤوليتها عن جرائم الإبادة والارتكابات اللاإنسانية التي حصلت بغطاء منها، وطالت ما لا يقلّ عن 1500 شخص من الشيوخ والنساء والأطفال، وتلاقي دروز “جبل العرب” وتعاونهم بشكل كامل على رفض قبول التعاطي مع الحكومة حاليًا، بعد اتهامها أيضًا بتضليل الإعلام من خلال ترويجها لوقوع مجزرة بحق أهل البدو ذهب ضحيتها 1500 شخص تبيّن أنها لم تحصل، وغير ذلك الكثير من هذا القبيل.

التطوّرات الدراماتيكية على أرض الواقع جعلت المسار التحوّلي الدرزي مقرونًا بوقائع مدموغة، لا ينفصل عراها عن مآلات أتت في غير صالح الحكومة السورية، بدليل محاولة مسؤولين فيها السعي لفتح حوارات جانبية مع الدروز، كمثل اللقاءات في مناطق مثل جرمانا وأشرفية صحنايا وسوى ذلك. وفي جانب آخر استعداد الحكومة لقاء مسؤولين دروز في لبنان يُعتبرون أنهم في موقع العداء لها، تحت شعار “البحث بمواضيع متعلّقة بالممر الإنسانيّ الآمن”، وقد حصل هذا التواصل فعليًا لكن على نحو غير مباشر.

جولة وليد جنبلاط ورئيس “الحزب الديمقراطي” النائب السابق طلال أرسلان، بمشاركة شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز د. سامي أبي المنى والشيخ نصر الدين الغريب والنائب تيمور جنبلاط ونوّاب اللقاء الديمقراطي على الشيخين “أبو صالح” محمد العنداري و “أبو صالح” رجا شهيب في بعلشميه وعاليه مساء السبت الماضي، تأتي بحسب مسؤولين في الحزبين الاشتراكي والديمقراطي، لتحصين الساحة الدرزية الداخلية، بعد اجتياز “قطوع” تمدّد الفتنة السنية – الدرزية إلى لبنان، وأهمية التطلّع إلى ما يخدم مصلحة الطائفة اليوم، باعتبار ما يجري بالنسبة للسويداء “مشروع أمم ومخططات دول” كما عبّر عن ذلك جنبلاط وأرسلان في كلمتيهما.

الجولة السياسية – الروحية، هي استكمال لمشوار التواصل مع مرجعيّات دينية غير العنداري وشهيب، بهدف النقاش الواقعي والمنطقي إزاء مآلات الطائفة ومستقبلها، في ظلّ التطوّرات التي تفرض نفسها على أرض الواقع، انطلاقًا من شعار “عند اختلاف الأمم احفظ رأسك”، فكيف الحال عند اتفاقها على مشاريع ربّما لا تتضرّر منها طائفة بعينها، وإنما تطول الجغرافيا والديموغرافيا لمنطقة “بلاد الشام”.

وعليه، جاء تحذير جنبلاط لافتًا في توقيته: “في ظلّ المؤامرة الكبرى، التي لا أحد يعرف إلى أين ستوصلنا، وأنه إذا ظنّ أحد أننا قادرون على المساعدة أو التغيير يكون قد دخل في مغامرة”. وفي ما يشبه التسليم بالواقع، أسدى جنبلاط نصيحته: “شباب جبل العرب لديهم قياداتهم ورجالاتهم، ونحن نُبقي أنفسنا على الحياد، ولا نريد شعارات من نوع “وحدة المسارات”، علينا الانتباه لأنفسنا ووطننا وألا نتدخل بشؤون الآخرين”.

وما لم يقله جنبلاط أوضحه أرسلان، “المؤامرة أكبر منّا جميعًا، وما يحدث ليس محصورًا في منطقة صغيرة، بل يمتدّ إلى أبعاد إقليميّة وعربيّة، والأمر اليوم ليس للمزايدات وتسجيل النقاط، وإنما للتبصّر بالواقع وتحديد الرؤية”.

شيخ العقل أبي المنى شدّد على “أهمية وحدة الصف الداخلي، وعلى ساحتنا، بالاتفاق على ثوابتنا الروحية والاجتماعية والوطنية والقومية، في ظلّ وجودنا على مفترق طرق صعب، وعلينا حماية أنفسنا”، ولاقاه بالمضمون نفسه تقريبًا الشيخ الغريب، حيال وحدة الصف والرؤية.

التنسيق الاشتراكي – الديمقراطي الذي بدأ مع الاستحقاق البلدي والاختياري الأخير، تُرجم أيضًا بلقاءات على مستوى المناطق، لمواجهة تحدّيات المرحلة الراهنة، ومن الممكن أن يستمرّ لغاية الاستحقاق النيابيّ، إلّا إذا تبدّلت السياسات والظروف لحينه، لكنّ الأهمّ قبل هذا الأمر هو تحصين الساحة الداخليّة بوجه المخاطر الجاثمة.