بأيّ قوّة سيتمّ سحب سلاح “الحزب”؟

بأيّ قوّة سيتمّ سحب سلاح “الحزب”؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى
12 آب 2025

تمكّنت الحكومة من تمرير قرار حصر السلاح وإقرار أهداف ورقة برّاك، من دون تسجيل أيّ تشكيك بميثاقية الجلسة، وبالتالي بشرعيّة القرارات المتّخذة. وهكذا، أصبح هذا القرار رسميّاً وصادراً عن السلطة التنفيذية، ولم يعُد مجرّد إعلان نيّات نصّ عليه كلّ من خطاب القسم والبيان الوزاري.

ونجح رئيسا الجمهورية والحكومة في جرّ وزراء الثنائي الشيعي إلى حضور جلستي مجلس الوزراء في الخامس والسابع من آب، وإن انسحب هؤلاء عند التصويت، ولكن من دون أن يقدّموا استقالاتهم من الحكومة. وعليه، لم يعد ممكناً العودة بالأمور إلى الوراء، ولم يبقَ سوى التنفيذ.

لم يدرك الثنائي في الواقع كيف جرى كلّ هذا. كان الوزراء الشيعة يعتقدون بإمكان تأجيل البتّ في ملفّ السلاح. لهذا حضروا الجلسة، وأمّنوا لها الميثاقية“. لا بل، وصلت إليهم وعود بأنّ بحث القرار قد يُرجأ. ولكن، إصرار رئيس الحكومة على التصويت على بند حصريّة السلاح أحرج الطرف الشيعي، الذي ارتبك في كيفيّة التصرّف إزاء المفاجأةالتي فجّرها سلام، بإصراره على التصويت من دون أيّ تأجيل.

ويبدو أنّ حزب اللهلم يعُد في موقع يسمح له بالتعطيل وقلب الطاولة. لذا، حرص الوزراء الشيعة، حتّى الآن على الأقلّ، على عدم الاستقالة من الحكومة، وعلى إبقاء مستوى التصعيد ضمن سقف منخفض. ولم يُسجّل أيضاً توتّر يُذكر في الشارع، باستثناء التحرّكات المحدودة، التي بقيت محصورة في الضاحية الجنوبية، والتي تمكّن الجيش من ضبطها ومنعها من التمدّد.

ولكن، إذا كان الحزبقد فشل في منع صدور القرار بحصرية السلاح، فهل يمكنه أن ينجح في منع تنفيذه؟

قبل أشهر، كانت الشكوى قد بدأت ترتفع من تردّد رئيسي الجمهورية والحكومة في اتّخاذ قرار في شأن السلاح. وظهر التشكيك في قدرتهما الواقعيّة على تنفيذ الوعود التي أطلقاها في هذا الصدد. حتّى أنّ الزيارات التي قام بها الموفد الأميركي توم برّاك لبيروت، وقبله الموفدة مورغان أورتاغوس، كانت مخيّبة. ولكن، فجأة، تغيّرت الصورة، وتحوّل التردّد إلى إقدام، واتُّخذ القرار التاريخي أخيراً.

والأكيد أنّ الأميركيين قرّروا أخذ الزمام بأيديهم، عندما شعروا أنّ الحكومة اللبنانية عاجزة عن التصرّف بمفردها. فكان الضغط الهائل الذي مورس على الدولة والحزبمعاً، حتّى خرج قرار سحب السلاح عن مجلس الوزراء، من دون أيّ تداعيات كبيرة، حتّى الآن.

فهل سيستمرّ الدعم الأميركي المباشر في المرحلة التالية، أي عند البدء بطبيق آلية سحب السلاح؟ وتحت أي شكل سيُترجم هذا الدعم؟

ستكون المرحلة المقبلة، بدءاً من آخر الشهر الحالي، وهو الموعد المحدّد لقيادة الجيش لتقديم خطّتها الإجرائية إلى مجلس الوزراء، مرحلة دقيقة ومحفوفة بالتحدّيات. ويسود الغموض الكيفيّة التي سيطبّق بها الجيش  سحب السلاح، وماهيّة الموقف الذي سيتّخذه الحزب، والمخاطر المحتملة لحدوث أيّ مواجهات أو تطوّرات أمنية.

وسيضع الجيش في خطّته برمجة زمنية لتسليم السلاح، بدءاً من السلاح الثقيل والصواريخ، وصولاً إلى السلاح المتوسّط. وعندما يقرّ مجلس الوزراء الخطّة، سيُطلب إلى الحزبتسليم أسلحته تلقائيّاً ضمن المهل المحدّدة. وبما أنّ الحزبيعلن في شكل واضح رفضه تنفيذ القرار المتّخذ، فسيكون على الجيش التصرّف في شكل مختلف. وهو سيقوم بتحديد مخازن معيّنة، ويدعو الحزبإلى تسهيل دخوله إليها لمصادرة السلاح الذي تحتويه. وفي حال امتناع الحزبعن ذلك، فسيُعتبر تصرّفه مخالفاً لقرار مجلس الوزراء.

ويعمل الجيش حاليّاً في مناخ من التأييد له والتعاطف معه، خصوصاً بعد استشهاد خمسة من عناصره كانوا يفكّكون أسلحة في أحد المخازن التابعة للحزب في الجنوب. وقد توصّلت التحقيقات الأوّلية في كيفية حصول الانفجار الذي أودى بحياة الجنود أنّ التفخيخ كان متعمّداً. وربّما تجد التحقيقات دليلاً إلى أنّ القصد من التفجير كان استهداف الجيش. وهذا، سيرتّب تداعيات قانونية على المسؤولين عن التفجير.

أمّا بالنسبة إلى الموقف الأميركي الذي أعلن في وقت سابق أنّه سيقدّم دعماً تقنياً للجيش في مهمّته، فلم تُعرف ما هي طبيعة هذا الدعم. ولكنّ حشد التأييد الدولي والعربي والخليجي مع خطوة الدولة اللبنانية بسحب السلاح، سيضع الحزبفي موقف أكثر صعوبة، إذا ما وقف في وجه الجيش أو حصلت مواجهات بين الطرفين.

ولكن، هل تكفي هذه المعطيات القانونية والدبلوماسية في نجاح خطّة سحب السلاح، فيما جهّزت إيران نفسها للدفاع عن الحزب، وأعلنت رفضها المسّ  بالسلاح، ما اثار حفيظة لبنان الرسمي، الذي رفض التدخّل الإيراني في الشؤون اللبنانية.

وعلى ضوء هذا الواقع، سيزور أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني بيروت، في محاولة منه لإدخال ملفّ السلاح في المفاوضة التي ستجري لاحقاً بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي الإيراني. ويبدو أنّ إيران تحاول تفعيل أذرعها في المنطقة من جديد، لتستفيد من هذه الورقة حتّى الاستنزاف.

ولكن، هل بقي لدى طهران ما تبيعه للأميركيين الذين يحاصرونها من الشرق الأوسط إلى القوقاز؟