“الكازينو”… الملف يراوح والإيرادات تتراجع والتحويلات تنخفض 50%
لا تزال التحفظات وشبه السرية، تحيط بملف التحقيقات الجارية في كازينو لبنان، ويتحكم التكتم بمحتواه وبالاسباب والوقائع والموجبات القانونية التي أودت الى توقيف رولان الخوري، ورئيس شركة BetArabia.
وفيما وضعت تصاريح اعلامية، وتحركات حزبية، توقيف خوري في سياق الإنتقام وتصفية الحسابات السياسية، بينت تقارير اعدها مختصون في المحاسبة، أن التدقيق في عمليات وحركة الأموال من وإلى الكازينو، لا تشوبها أي مخالفات محاسبية أو شبهات فساد.
لذا تبقى حتى تاريخه حقائق الملف والخلفيات التي تحوط وتتحكم بمساره، غير واضحة المعالم ويلفها الكثير من الغموض، الذي لن يجلوه الا القرار الظني المتوقع خلال اسبوعين.
في الانتظار، بدأت طلائع الانعكاسات السلبية تظهر على عمل الكازينو، برغم الموسم الإغترابي والسياحي العامر، حيث سجلت العائدات اليومية فيه، إنخفاضا بنحو 200 ألف دولار يوميا، أي ما يعادل 6 ملايين دولار شهريا. وبعد أن كانت العائدات الشهرية للدولة تتجاوز الـ 4 ملايين دولار، لم يتعدى آخر تحويل لها المليوني دولار، أي بتراجع نسبته 50%.
وهذ التراجع في العائدات التي تعول عليها الخزينة كثيرا، في ردم جزء من العجز المالي للدولة، مرشح إلى الإرتفاع، وإلى المزيد من الخسائر، ما لم يتم حسم مصير الملف والموقوفين، بأسرع وقت، بغية تفعيل عمل الكازينو وإستعادة نحو 70 مليون دولار، قد يستمر المرفق في خسارتها سنويا، بسبب ترددات التوقيف، وحذر اللاعبين من تداعياته.
وكانت الأزمة الاقتصادية منذ 2019، إلى جانب جائحة كورونا، دفعت الكازينو إلى تنفيذ مشروع الـ”أونلاين” لتأمين دخل إضافي. فتم إعداد دفتر شروط متكامل بالتعاون مع خبراء أجانب، وأجريت مناقصة رسمية فازت بها شركة متخصصة، بمواكبة وزارة المال وهيئة الاستشارات، مع إدخال تعديلات على العقد مع الدولة لضمان نسبة 50% من الأرباح بعد خصم التكاليف التشغيلية. كما أدخل نظام الوكلاء (Agents) من السوق السوداء السابقة ضمن المنصة الرسمية، ليحصلوا على نسب محددة، بدل أن تذهب أرباحهم كاملة إلى جيوبهم.
ما جديد الملف؟
مع قرار الهيئة الاتهامية في جبل لبنان التنحي عن النظر في قضية الموقوفين في قضية كازينو لبنان ومتفرعاتها، على خلفية القرابة التي تربط رئيسة الهيئة، القاضية كارول غنطوس، بأحد الخبراء في الملف، مروان غنطوس، عينت رئيسة الهيئة الأولى في جبل لبنان قاض جديد للنظر في طلبات الاستئناف المقدمة بشأن قرارات إخلاء السبيل على ان تتولى مهامها يوم الأربعاء المقبل.
وكانت التحقيقات شملت شخصيات عدة، من بينها رولان الخوري بصفته رئيس مجلس الإدارة، إضافة إلى مسؤولين ومديرين في شركة OSS لتشغيل منصات الميسر والمراهنات أونلاين، وبعض الموظفين في الكازينو. كما تم إعداد تقارير من ثلاثة خبراء: خبيران في مجال تكنولوجيا المعلومات (IT) وخبير تدقيق محاسبي (Audit) (أمين صالح).
ووفق المعلومات فإن “التقرير الأولي للتدقيق المحاسبي الذي أعده صالح، بين عدم وجود اي مخالفة أو خطأ، وأن الأرقام والعمليات متطابقة تماما مع النظام المحاسبي. وعليه، يبدو أن الإشكالية الحالية لم تعد تتعلق بوجود مخالفات، بل باتت مرتبطة بسياق أوسع يشمل ملفات الـ”أونلاين”، والمناقصة الخاصة به، وقانونيته، والإطار القانوني الذي أنشئ ضمنه، سواء بدافع خلافات مع الدولة أو بسبب نسب الأرباح المقررة”.
في المقابل، أورد التقرير الثاني، الذي كلف به خبير آخر، أن “ثمة بيانات (Data) محذوفة”. بيد أن متابعون يؤكدون أنه “لا يمكن حذف البيانات نهائيا، خصوصا نظام حماية المعطيات في هذه المنظومة متقدم للغاية”. وقد استدعاه القاضي طارق بو نصار مجددا وطلب منه توضيحات حول أسباب استنتاجاته، فقدم إيضاحاته الخميس الماضي.
الإشكالية الراهنة أمام قاضي التحقيق والهيئة الاتهامية هي غياب المبرر الكافي لهذه التوقيفات، إذ قد تفضي جلسات التحقيق إلى نتائج تنفي أساس الاتهامات، ما يثير التساؤل حول كيفية تبرير الإجراءات السابقة. وهذا يفتح الباب أمام فرضية أن بعض التوقيفات ربما كانت بدوافع سياسية أو مصلحية، خصوصا أننا نتحدث عن سوق تصل قيمته السنوية إلى نحو 150 مليون دولار بين السوق السوداء والسوق الشرعية. علما أن أول ادعاء قدم ضد الكازينو، ككيان معنوي، تزامن مع تنفيذ أمن الدولة لمهام متكررة، بعضها شمل طلب كل محاضر مجلس الإدارة منذ عام 2019، بما أثار خشية من استدعاء الأعضاء فردا فردا، وهو ما سيشكل ضربة قاسية للمؤسسة.
وتشير المعطيات إلى أن قاضي التحقيق طارق بو نصار سيختم تحقيقاته هذا الأسبوع، بعد أن استنفد جميع الاستدعاءات، ليحيل الملف إلى النيابة العامة لإبداء مطالعتها التي قد تستغرق من 10 أيام إلى أسبوعين، وبعدها يعود الملف إلى قاضي التحقيق لإصدار قراره الظني، ويمكن تقديم طلبات إخلاء السبيل في أي وقت خلال هذه الفترة.