رئيس الجمهورية… يقود معركة السلاح بهدوء

رئيس الجمهورية… يقود معركة السلاح بهدوء

الكاتب: ناديا غصوب | المصدر: نداء الوطن
13 آب 2025

مع اقتراب نهاية الشهر، يترقب لبنان إعلان خطة الجيش لتسليم السلاح، في خطوة وُصفت بأنها مفصلية في مسار العلاقة بين الدولة و”حزب الله”. ووفق مصادر مطلعة، من المرجح أن يشارك قائد الجيش في جلسة مجلس الوزراء المقررة نهاية الشهر لعرض تفاصيل خطته، التي ترتكز على التفاهم الإيجابي لا المواجهة، عبر مسار تدريجي لمعالجة ملف السلاح خارج مؤسسات الدولة. تقوم على تشكيل لجنة ارتباط مشتركة بين الجيش و”الحزب”، لتحديد مواقع السلاح وتوثيقها فنيًا وتقنيًا تمهيدًا لتسليمها للمؤسسة العسكرية، من دون اللجوء إلى القوة، وبخيارات قد تشمل إعادة السلاح إلى إيران أو التصرّف به لمصلحة “الحزب”.

بعد ذلك، سينتقل التركيز إلى ملف السلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات، وهو ملف شديد الحساسية تاريخيًا، تتداخل فيه الأبعاد الأمنية والسياسية والإقليمية…

المواقف من الخطة منقسمة: هناك من يراها بداية لمرحلة انتقالية نحو إعادة ضبط العلاقة بين الجيش و”الحزب”، تمهيدًا لإعادة صياغة العلاقة مع الفصائل الفلسطينية المسلحة بما يعزز سيادة الدولة تدريجيًا، فيما يعتبرها آخرون مناورة تمنح تلك القوى الوقت لإعادة توزيع السلاح أو إخفائه تحت غطاء رسمي.

يعتمد نجاح الخطة على مكانة الجيش اللبناني كجهة تحظى بثقة شبه كاملة من مختلف الأطراف، ما يمنحه حرية التحرك في منطقة رمادية يصعب على القوى السياسية الأخرى الدخول إليها. ولا تنفصل هذه الخطوة عن المشهد الإقليمي الذي يشهد إعادة تموضع للقوى على وقع المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، ومساعي بعض الدول العربية للانخراط مجددًا في الملف اللبناني..

ومع تزايد الضغوط على “الحزب” بفعل العقوبات الأميركية والانتقادات الأوروبية، قد يكون إدراج ملف السلاح الفلسطيني رسالة تهدئة إلى المجتمع الدولي.

التجارب السابقة في لبنان، من اتفاق الطائف عام 1989 إلى محاولات الدمج في التسعينات والحوار الوطني عام 2006، أظهرت أن ملف السلاح ظل مرتبطًا بالتوازنات الإقليمية أكثر من التوافقات الداخلية، وغابت عنه الإرادة السياسية الموحدة. اليوم، الضغوط الخارجية وتبدل المزاج الإقليمي قد يفتحان نافذة ضيقة لخطوات عملية، شرط وجود خطة تنفيذية واضحة وجدول زمني محدد..

كرئيس للجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، يضع جوزاف عون هذا الملف ضمن أولوياته، مدركًا أن النجاح يتطلب دعمًا سياسيًا داخليًا وتأييدًا خارجيًا، إضافة إلى قدرة الجيش على التنفيذ.

وتؤكد مصادر قريبة من بعبدا أن الرئيس يفضل التفاهم على المواجهة لتجنب الانزلاق إلى صدامات، مع الحفاظ على صورة الجيش كضامن للاستقرار.

لكن المعارضين يرون أن هذه المقاربة تمنح “الحزب” وقتًا إضافيًا، بينما يعتبرها المؤيدون خطوة واقعية تراعي توازنات لبنان المعقدة.

وبين من يعتبرها خطوة إصلاحية ومن يصفها بالمناورة، يبقى مصير الخطة مرهونًا بالإرادة السياسية والالتزام بالتنفيذ. فإذا تحققت هذه الشروط، قد تكون بداية مسار نحو تعزيز سيادة الدولة، وإلا فستبقى مجرد حلقة جديدة في سلسلة إدارة الأزمات.