لماذا جمّد الرئيس قانون المصارف؟

لماذا جمّد الرئيس قانون المصارف؟

الكاتب: انطوان فرح | المصدر: نداء الوطن
18 آب 2025

يبدو أن الكادر الأساسي لمعالجة أزمة الودائع أصبح شبه جاهز، بعد سلسلة من اجتماعات العمل التي عقدتها المجموعة المولجة هذا الملف. وحتى اليوم، نجح الثلاثي الرئيسي، ياسين جابر، عامر البساط وكريم سعيد في تذليل القسم الأكبر من العقبات نحو التفاهم على العناوين العريضة للمشروع، والتي أصبحت شبه جاهزة. وهناك اجتماع سيعقد هذا الأسبوع لاستكمال بحث النقاط العالقة، وهو اجتماع دوري يُعقد كل أسبوعين. ومن الواضح أن الانسجام بين الثلاثي أصبح أفضل بكثير مما كان عليه في بداية الاجتماعات الدورية. في كل الأحوال، هناك تواصل دائم وشبه يومي في إطار تسريع العمل.

وقد تظهّر هذا الانسجام قبل أيام، عندما واجه قانون انتظام العمل المصرفي الذي أصدره مجلس النواب في نهاية تموز الماضي، مطبّ توقيع رئيس الجمهورية عليه. إذ يبدو أن بعض المستشارين المحيطين بالرئيس كادوا ينجحون في إقناعه بعدم التوقيع، انطلاقاً من وجود ملاحظات عليه. وقد جمّد رئيس الجمهورية التوقيع، خصوصًا بعدما بدأت ترتفع أصوات من قبل سياسيين تتحدث عن تعريض المودعين لمخاطر هضم حقوقهم استنادًا إلى بعض مندرجات هذا القانون.

عند هذا الحد، تحرّك وزير المالية وحاكم مصرف لبنان بالتكافل والتضامن، وهما يدركان أهمية توقيع ونشر هذا القانون الذي ينتظره المجتمع الدولي، وأي خلل في إصداره قد يرسل إشارة سلبية تعرقل مسيرة التفاهمات المأمولة. وقام الرجلان بزيارة إلى بعبدا الخميس الماضي، وشرحا لرئيس البلاد أهمية إصدار هذا القانون، وطمأناه إلى حقوق المودعين، وكيف أن النقاط التي يحاول البعض استغلالها، لا تضرب حقوق هؤلاء، وأن الكلام حول هذا الموضوع لا يعدو كونه مجرد استغلال سياسي في محاولة لكسب التأييد الشعبي، وتحقيق انتصارات دونكيشوتية.

من خلال هذا الشرح الذي قدمه جابر وسعيد، ومن خلال التأكيد أن بعض الملاحظات التي تشكّل مصدر قلق أو استغلال من قبل البعض، ستتمّ معالجتها في قانون الفجوة المالية، لتأكيد المؤكد، وهو أن شطب أو الاقتطاع من الودائع ممنوع وغير وارد، اقتنع عون، وتجاوز نصائح المستشارين، وقام بتوقيع القانون.

هذه التجربة أكدت عمق التفاهمات والتعاون بين المولجين معالجة أزمة الودائع، بما يدعو إلى مزيد من التفاؤل. لكن التحدّي يكمن حالياً في قدرة الجهات المختصة في مصرف لبنان، وعلى رأسها لجنة الرقابة على المصارف، في إنجاز مهمة تجزئة وتفصيل وضعية الودائع، وتقسيمها وفق الشرائح التي اقترحها حاكم المركزي، ووافق عليها جابر والبساط، وهي كالتالي:

– ودائع لا يمكن التحقق من مصدرها أو شرعيتها.

– فوائد تمّ تقاضيها خلال فترة معينة وتعدّ مُفرطة أو غير مُبررة.

– تحويلات نقدية من الليرة إلى الدولار، تمّت بسعر صرف منخفض (1500 ليرة للدولار) بعد الأزمة، (بعد 17 تشرين 2019) وبدء انهيار سعر الصرف الحقيقي.

أما موضوع الشيكات بعد الانهيار، وما قيل عن احتساب الودائع على هذا الأساس، أي أن كل مودع استفاد من إيداع شيكات في حسابه بعد الانهيار، سيتم التعاطي مع وديعته على أساس السعر الحقيقي للشيك في الفترة التي تقاضاه فيها، فهذا الأمر غير وارد نهائيًا، وهذا ما يؤكده كريم سعيد شخصيًا لمن يسأله.