
نحن مع السلاح… سلاحنا البنّاء والمستدام
في ظل الحديث عن حصر السلاح والإستراتيجية الدفاعية للبنان، لم يتناول أحد أهمية سلاحنا الأصيل والحقيقي والمتين والمستدام والبنّاء.
إنّ الحروب الأخيرة، في لبنان والمنطقة والعالم، برهنت بوضوح أنّ السلاح الجديد يكمن بالتكنولوجيا والذكاء الإصطناعي والمعلومات والمسيّرات، بعيداً جداً من السلاح الذي عرفناه أو الذي تبارى أو تفاخر فيه البعض.
أمّا السلاح التقليدي، فقد برهن أيضاً أنّه لا يُمكن أن يقف أمام السلاح التكنولوجي، أو حتى لا يُمكن أن يحمي الأرض ولا الأرواح ولا الأوطان، لا بل السلاح القديم يجرّ إلى التدمير الذاتي وقد أصبح كرة نار بأيادي حامليه.
إنّ لبنان واللبنانيِّين قد عُرِفوا في التاريخ والعقود الماضية عن التميُّز بسلاحهم، بمعنى آخر، هو سلاح المرونة، سلاح الإبتكار، سلاح الريادة، سلاح مواجهة الأزمات وتحويلها إلى فرص.
إنّ اللبنانيِّين الذين جالوا حول العالم قد عُرفوا وتميّزوا بسلاح أدمغتهم، سلاح نجاحاتهم، سلاح تواصلهم مع الجميع، سلاح التفاوض.
فسلاحنا الأقوى اليوم الذي بُنيَ عليه وطننا هو جذورنا وتاريخنا وحُبّنا للحياة، واحترام الجميع والعيش المشترك، بعيداً من سلاح التدمير أو غيره.
إنّ سلاحنا الحقيقي هم، لا شك، اللبنانيّون المقيمون الذين لم ولن يستسلموا أمام أي أزمة، لا بل أعادوا إعمار أنفسهم وبلدهم، لكن أيضاً سلاحنا المتين يكمن أيضاً بالمغتربين اللبنانيِّين، الذين جالوا حول العالم وزرعوا علم الأرز في كل ركن من أركان الكرة الأرضية.
سلاحنا المستدام ليس فقط مواردنا الطبيعية، لكن أيضاً مواردنا البشرية التي يتنافس عليها كل شركات العالم لإستقطاب اللبنانيِّين وشركاتهم.
إنّ لبنان ليس منصّةً للحروب أو صندوق بريد للرسائل المباشرة وغير المباشرة، أو مخزناً لأسلحة حروب المنطقة، ولا حتى مختبراً سياسياً للمنطقة، لا بل هو مخزن للأفكار الريادية ومختبر إقتصادي، وخلية للرياديِّين والمبتكرين ومنشأ للأفكار ومعمل النجاحات.
إنّ لبنان هو أرض السلام ومنصّة الحضارات ولؤلؤة الشرق والغرب.
إنّ تاريخنا وخبرتنا يكفيان لنعرف ثمن السلاح والحروب، وفي الوقت عينه أن ندرك مردود حلم السلام والمحبة والعيش بكرامة واحترام.
إنّ أرض أجدادنا وتاريخنا هي أرض مقدّسة وأرض القدّيسين، إذ إنّ هؤلاء هم الحامون الأساسيّون لهذا البلد المقدّس والفريد.
في المحصّلة، نعم يجب التركيز على سلاحنا، لكنّ تصويبنا الحقيقي يجب أن يكون على سلاحنا البنّاء، والمنتج والمستدام بعيداً من السلاح المدمّر والوهمي، وغير الشرعي داخلياً، إقليمياً ودولياً. لقد حان الوقت بأن نجتمع حول رؤية واحدة وجامعة تحت سقف وإدارة الدولة ومؤسساتها.