خاص- برّاك يفي بوعده للبنان: الدعم المباشر سيستمرّ

خاص- برّاك يفي بوعده للبنان: الدعم المباشر سيستمرّ

الكاتب: إيلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
19 آب 2025

شكّلت خطوة الحكومة في جلستي الخامس من آب والسابع منه، نقطة تحوّل كبرى بالنسبة إلى الأميركيين، الذين يقومون بمساعٍ حثيثة منذ أشهر، لمساعدة لبنان على حصر السلاح في يد الدولة، وإجراء الإصلاحات المالية المطلوبة، بما يعبّد السبيل لطريق من السلام والازدهار. وأعطت هذه الخطوة الضوء الأخضر للموفد توم برّاك والموفدة مورغان أورتاغوس، من أجل الانطلاق في خطّة عمل مكثّفة، تهدف إلى تطبيق كامل بنود اتّفاق وقف النار الأخير بين لبنان وإسرائيل.

وهكذا، أصبحت الكرة الآن في الملعب الأميركي لممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل لالتزام بنود الاتّفاق، ولمواكبة الحكومة اللبنانية والجيش في تنفيذ القرار الصعب بسحب السلاح قبل نهاية العام الحاليّ. وسيتمّ ذلك من خلال خطوتين أوّليّتين: الأولى هي انتقال برّاك ومورغان سريعاً إلى إسرائيل، بهدف الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أجل تقديم خطوة في المقابل، ولو صغيرة. وقد يُترجم ذلك بالإفراج عن أسرى من “الحزب” لدى إسرائيل. أمّا الخطوة الثانية، فهي إطلاق العجلة لدعم الجيش اللبناني بالعتاد والسلاح والمال تباعاً، وحسب إيقاع تقدّم خطّة سحب السلاح.

ولكن، لن تكون إسرائيل مستعدّة الآن للانسحاب من أيّ نقطة من النقاط التي تحتلّها في الجنوب، ولن توقف العمليّات ضدّ أهداف تابعة للحزب. وتشترط قبل ذلك أن ترى تطبيقاً حقيقيّاً لعملية نزع سلاح “الحزب”. وهنا يأخذ برّاك على عاتقه أمر إقناع تلّ أبيب بسياسة “الخطوة خطوة”. ولكن، لن يكون هناك أيّ انسحاب، ما لم يتمّ تسليم السلاح الثقيل على الأقلّ.

كما أنّ اشنطن ستواكب حاجات الجيش اللبناني، أيضاً ضمن سياسية “الخطوة خطوة”، بحيث يكون الدعم اللوجستي متوازياً مع تقدّم عمليّة سحب السلاح. وسيحصل تنسيق على مستوى القيادات العسكرية في واشنطن وبيروت لدرس حاجات الجيش اللبناني في هذه المرحلة الدقيقة، حيث سيكون على القوى العسكريّة اللبنانية تنفيذ المهمّة الصعبة المتعلّقة بحصر السلاح، كما عليها أن تكون جاهزة لحفظ الأمن على الحدود الجنوبية والشرقية والشمالية، ومنع دخول أيّ عناصر قد تخلّ بالواقع الأمنيّ، إضافة إلى التشدّد في مراقبة عمليّات التهريب عبر الحدود مع سوريا.

ولكنّ المرحلة الأدقّ التي سيواجهها لبنان، هي كيفيّة تنفيذ قرار سحب السلاح، من دون حصول أيّ مواجهة بين الجيش والمكوّن الشيعي، أو حدوث اضطرابات تهدّد بتفجير الفتنة الطائفية.

وقد مهّد “الحزب” عبر تهديدات أمينه العام نعيم قاسم الأرضيّة للاشتباك، بعدما طلب منه المسؤول الإيراني علي لاريجاني خلال زيارته بيروت، استعمال أساليب التصعيد القصوى، ولعب آخر الأوراق لديه، أي التهديد بالحرب الأهلية. ولذلك، لم يتأخّر الموفدان الأميركيّان في الوصول إلى بيروت، لقطع الطريق على التهديدات الإيرانية، وإفهام طهران و”الحزب” أن ليس في إمكانهما بعد الآن استباحة الملعب اللبناني.

ولدى الولايات المتّحدة الكثير من وسائل الضغط لاستعمالها، بهدف كبح جماح “الحزب” ودعم الجيش اللبناني عندما يصل إلى مهمّة نزع السلاح. وسبق لبرّاك أن قال إن واشنطن ستواكب لبنان لوجستيّاً في هذه المهمّة، من دون الإفصاح عن المزيد.

وفي الواقع، سبق للضغط الأميركي أن فعل فعله، عندما أقرّت الحكومة اللبنانية أخيراً بند حصر السلاح، وكلّفت الجيش وضع خطّة تنفيذية، من دون أن يكون لاعتراض “الحزب” أيّ تأثير في عمل الحكومة، ومن دون أن تحصل احتجاجات تُذكر على الأرض.

وكما كان قرار الحكومة بحصر السلاح مفاجئاً، ومرّ بلا أيّ تداعيات حقيقية، سوى التصعيد الكلامي لجماعة “الحزب”، ثمّة من يأمل أن تحصل مفاجأة أخرى، وأن يتمّ سحب السلاح تدريجاً، من دون أن تحدث الحرب الأهلية التي ما فتئوا يهوّلون بها.