إلى التنفيذ دُرْ…

إلى التنفيذ دُرْ…

الكاتب: اسعد بشارة | المصدر: هنا لبنان
20 آب 2025

إنّها خريطة طريق لبنانية صافية، لا لبس فيها ولا أجندات خفيّة، تحمل المصلحة الوطنية في جوهرها: إعادة لبنان دولة طبيعية، فتح الباب أمام استعادة الثقة الداخلية والخارجية، تحريك عجلة الاقتصاد المُعطّل، إعادة الاغتراب إلى وطنه الأم، واسترجاع لبنان حضوره العربي.

تسلسل خروج لبنان من النفوذ الإيراني لم يعد مجرد فكرة متداولة في الأوساط السياسية أو الأمنية، بل باتت هناك خريطة طريق واضحة المعالم، قابلةً للتحقّق إذا توفرت الإرادة والقرار. هذه الخريطة تبدأ أولًا بموافقة الحكومة اللبنانية على ورقة الأهداف التي تحدّد جوهر المشروع الوطني الجديد، وهو استعادة الدولة اللبنانية كاملة السيادة، وبسط سلطتها على أراضيها بلا شريك أو منافس.

الخطوة الثانية تتمثّل في طلب لبنان موافقة إسرائيلية مُلزمة ورسميّة، وهو عنصر لا يمكن تجاوزه بحكم التعقيدات القائمة على الحدود الجنوبية، وبفعل الارتباط الإيراني المباشر وغير المباشر بالمعادلة الإقليمية التي تتحكم فيها تل أبيب وواشنطن.

أمّا الخطوة الثالثة، فهي اجتماع الحكومة اللبنانية لإقرار ورقة التنفيذ، والتي ستنقسم إلى أربع مراحل متتالية: أولًا الانسحاب الإسرائيلي المتزامن مع حصر السلاح بيد الدولة، ثانيًا إطلاق ورشة الإعمار وإعادة الاستقرار، وثالثًا الانخراط في مسار استراتيجي طويل الأمد لإعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها، وبين لبنان ومحيطه العربي والدولي.

وفي الخطوة الرابعة، تنتهي عملية الانسحاب الإسرائيلي ويتمّ ضبط السلاح بيد الدولة، بالتوازي مع إطلاق ورشة الإعمار، ما يفتح الباب لاحقًا إلى ملفٍ شائكٍ آخر، هو المفاوضات مع سوريا لترسيم الحدود البرية والبحرية، وهو استحقاق طال انتظاره ليكتمل معه مشهد السيادة الوطنية.

إنّها خريطة طريق لبنانية صافية، لا لبس فيها ولا أجندات خفيّة، تحمل المصلحة الوطنية في جوهرها: إعادة لبنان دولة طبيعية، فتح الباب أمام استعادة الثقة الداخلية والخارجية، تحريك عجلة الاقتصاد المُعطّل، إعادة الاغتراب إلى وطنه الأم، واسترجاع لبنان حضوره العربي الذي فقده منذ أن رُبط مصيره بمصالح إيران وأدواتها.

في المقابل، تقف أجندة السلاح، ثم السلاح، ثم السلاح، متأهبةً ومتوعّدةً، كي تُبقي أداة إيران حاضرةً في المشهد اللبناني، ولو كان الثمن بقاء الاحتلال والخراب، وتجميد ورش الإعمار، وتعطيل أي فرصة للنهوض.

اليوم، تترقّب الأنظار ما سيحمله توم باراك من إسرائيل من أجوبة حاسمة على خطة التزامن. لكنّ الثابت أن الولايات المتحدة، وللمرة الأولى، ترعى مبادرةً للتنفيذ لا لمجرد إدارة الوقت بالدبلوماسية الفارغة. ومن هنا، فإنّ الكرة باتت في ملعب القرار اللبناني: إمّا اللحاق بقطار الدولة والعبور إلى المستقبل، أو البقاء رهينة سلاحٍ يستهلك لبنان حتى الفناء.