
براك يكرس “الخطوة مقابل الخطوة” في تل أبيب؟
براك يكرس “الخطوة مقابل الخطوة” في تل أبيب؟
الدولة اللبنانية لن تلتزم قرار حصر السلاح ما لم تنسحب اسرائيل من التلال الخمس
لم تكن الزيارة الرابعة للموفد الأميركي توم براك لبيروت كسابقاتها، وإن لم تحمل خرقاً أو تقدماً في ما يطالب به “حزب الله” من ضمانات أميركية تعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل انخراط الحزب في حرب إسناد غزة، أي الانسحاب من التلال الخمس التي تحتلها إسرائيل وتحرير الأسرى، إلا أنها حملت من الرسائل ما يكفي لتبين عناوين المرحلة المقبلة.
فالمبعوث الرئاسي، ككل مرة يفصح فيها عن موقف مثير يضطره إلى إعادة تصويبه، كما حصل بالنسبة إلى اعتباره الحزب حزباً سياسياً أو مسألة ضم لبنان إلى سوريا، حرص على توضيح الموقف اللبناني من الورقة التي قدمها، وتصويبه في اتجاه اعتبارها ورقة لبنانية لا أميركية فقط، شكلت إملاءات للبنان. وقد نجح في تحقيق هذا الأمر من خلال تصويبه الموضوع عبر كشفه أن توجهه إلى إسرائيل يرمي إلى عرض هذه الورقة عليها من أجل الحصول على موافقتها. وهذا يعني أنه نقل كرة المسؤولية في التزام الورقة إلى الجانب الإسرائيلي، بعدما أعلن من قصر بعبدا التزام لبنان وتنويهه بالقرار الصادر عن الحكومة.
ويكتسب هذا الأمر أهميته لأنه لا يترك لبنان وحيداً في التزامه التنفيذ، بل يتيح له المخرج الذي كان في الأساس رئيس المجلس نبيه بري يعمل عليه، والقاضي بأن يكون لبنان في حل من الالتزام ما لم توافق إسرائيل وسوريا.
أما النقطة المتقدمة الأخرى التي أمكن تسجيلها من زيارة براك، فتكمن في تكريسه مطلب لبنان بالخطوة مقابل خطوة، إذ إن الدولة اللبنانية لن تلتزم قرار حصر السلاح، ما لم تقابلها إسرائيل بخطوة مماثلة هي الانسحاب من التلال الخمس. وهنا، يبدو الموقف اللبناني الذي أبلغ إلى براك واضحاً كما تقول أوساط قصر بعبدا، ومفاده أن لبنان أوفى بالتزاماته وأقرت الحكومة ورقة الإعلان المشتركة، وهو ينتظر الآن الرد من الأطراف الأخرى المعنية، إسرائيل وسوريا. ولهذه الغاية، توجه براك إلى تل أبيب لنقل الموقف اللبناني، في انتظار أن تدرسه حكومة نتنياهو وتتخذ قرارها، الذي ينتظر أن يكون على غرار الموقف اللبناني، أي صادرا في شكل رسمي، سلباً أو إيجاباً، بحيث يلزم إسرائيل ولا يترك أمامها مجالا للاستمرار في المناورات وتكرار سلوك الاعتداءات اليومية.
وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن هذا الأمر يجب أن يتم قبل نهاية شهر آب/أغسطس الجاري، الموعد الذي حدده مجلس الوزراء للجيش ليقدم خطة تنفيذية لقرار سحب السلاح، بحيث تكون المهلة المتبقية، مهلة ضغط وحث لا تمييع للقرار بهدف ترحيله، خصوصاً أن الخطاب الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، والذي أتى غداة زيارة المسؤول الإيراني علي لاريجاني، حمل تهديدات علنية لا تساعد القيادة العسكرية على وضع خطة وتنفيذها.
ويشار إلى نقطة لافتة أثارها براك في تصريحاته، وشكلت خروجاً واضحاً عن سلوكية الرجل منذ بدأ التفاوض مع السلطات اللبنانية على ورقته، تتمثل في إدخال ايران على خط هذه المفاوضات عندما أشار إليها كـ”جار لا يمكن تجاوزه”. وهذا يعني في القاموس السياسي أن براك انتقل من مرحلة رفع سقف الشروط إلى مرحلة التفاوض العملاني والمقايضات حول المكاسب، بما يفتح الباب واسعاً أمام رسم معالم التسوية المقبلة الآتية من نافذة ما بات يعرف بالورقة الأميركية!