ترامب يسعى لمقاربة عسكرية جديدة للشرق الأوسط

ترامب يسعى لمقاربة عسكرية جديدة للشرق الأوسط

الكاتب: بيار غانم | المصدر: العربية
21 آب 2025

يشهد الشرق الأوسط منذ أيام بداية تحول أميركي في التعاطي مع الشؤون الأمنية والعسكرية. وفي هذا الإطار، طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القيادات في البنتاغون والقيادة المركزية إعادة النظر في الحشد العسكري وتكاليفه المالية والبشرية.

الأميرال براد كوبر

اختار الرئيس الأميركي لقيادة المنطقة المركزية الأميرال براد كوبر، وهو ضابط رفيع شغل منصب قائد الأسطول الخامس ومقره البحرين، ثم أصبح نائب قائد المنطقة المركزية، ويتولى الآن قيادة المنطقة الممتدة من مصر إلى كازاخستان ومن عُمان إلى لبنان.

تعرف ترامب على الأميرال كوبر خلال لقاءات مع مرشحين لمنصب القيادة. ويروي أصدقاء مشتركون أن كوبر “شخصية متفائلة وتبحث دائماً عن الفرص الممكنة لتحقيق الأهداف العسكرية والأمنية والاستراتيجية”. وتبدو طريقة عمله مناسبة جداً للرئيس الأميركي الذي يسعى للابتعاد عن السياسات السابقة التي وضعت العبء الأكبر على الجنود والعتاد الأميركيين واستنزفت الخزانة الأميركية.

استراتيجية “الإطار”

صرح مسؤول أميركي لـ “العربية” و”الحدث” بأن الأميرال كوبر سيطرح مقاربة جديدة تناسب الرئيس ترامب والمتطلبات الأميركية، وتقوم على “تحديد الخطر وبناء قدرات الردع”.

تهدف هذه الاستراتيجية، المعروفة أيضاً باسم “الإطار” أو “SCOPE”، إلى حصر النطاق الذي يمتد فيه الخطر. وتسعى القيادة المركزية خلال المراجعة إلى النظر في قدرات الدولة التي يعنيها الخطر، ثم تقيّم الولايات المتحدة الدور المطلوب من قواتها العسكرية.

الفشل السابق

عالجت الولايات المتحدة المخاطر الناشئة في الشرق الأوسط بمقاربات مختلفة عبر الوقت. في الثمانينات، واجهت أميركا إيران بحضور عسكري كثيف لحماية منابع النفط، وكررت الأمر ذاته خلال فترة الرئيس جورج دبليو بوش. تراجعت عن حشد حاملتي طائرات في الشرق الأوسط خلال عهد الرئيس باراك أوباما. تبنت في عهد ترامب نظرية “الحشد السريع”، وهي نقل القوات إلى منطقة النزاع عند الضرورة بسرعة، أولاً عن طريق الجو، وثانياً بالاستعانة بالأساطيل الأميركية المنتشرة حول العالم.

تعتبر استراتيجية “الإطار” اعتراضاً واضحاً على نظرية الجنرال إريك كوريللا، القائد السابق للقيادة المركزية، والتي ارتكزت على “استعمال القوة الفائقة في زمن قصير لتحطيم العدو”.

وأفضل مثال على نظرية كوريللا هو القصف الأميركي على الحوثيين في اليمن خلال الربيع الماضي، حيث شنت القوات الجوية والبحرية الأميركية هجمات هائلة على مواقع الحوثيين لمدة واحد وخمسين يوماً للقضاء على قدراتهم.

ويرى منتقدو هذه السياسة أنها مكلفة ولا يمكن أن تصل إلى نتيجة كاملة. واحتفظ الحوثيون ببعض القدرات وتمكنوا من مواصلة السيطرة على مناطق واسعة من اليمن، كما أنهم يواصلون تلقي السلاح من إيران.

يعتبر منتقدو هذه الاستراتيجية أن القصف على إيران اتبع سياسة مماثلة وحقق أهدافاً كثيرة، لكنه لم يقض على البرنامج النووي أو القدرات الإيرانية.

المراجعة في الشرق الأوسط

قال مسؤول أميركي لـ “العربية والحدث” إن الأميرال كوبر سيجري مراجعة شاملة للمخاطر في الشرق الأوسط والقيادة المركزية. وأوضح أن المراجعة ستشمل لقاءات مع القادة في منطقة قيادته، وسيتم إعادة تقييم لهذه المخاطر والأساليب المتبعة لمواجهة هذه المخاطر من قبل هذه الدول، والعلاقة بين الأميركيين وهذه الدول، ثم سيتم التوصل إلى قرار بشأن انتشار القوات الأميركية، سواء كانت جوية أو بحرية أو برية.

قد يكون من الضروري النظر إلى بعض المناطق التي تشهد تعديلاً واضحاً في أعداد القوات الأميركية، خصوصاً مع وجود أعداد كبيرة من الأميركيين المنتشرين من شمال شرق سوريا والتنف إلى العراق، ثم إلى الكويت، وصولاً إلى دول الخليج العربي، بما في ذلك وجود قاعدة جوية ضخمة في العديد بدولة قطر.

مسؤولية الدول

قد توحي هذه المراجعة للكثير من الدول في الشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة غير مهتمة بالمنطقة، وهذا خطأ. تعتبر الولايات المتحدة الشرق الأوسط منطقة حيوية للأمن والاقتصاد الأميركي والعالمي، ولم تتمكن من التخلي عنها في عهد باراك أوباما، الذي حاول بالفعل الإيحاء بأنها غير حيوية. وجد أوباما نفسه يرسل آلاف الجنود إلى العراق في عامي 2014-2015 عندما اجتاحت داعش أراضي العراق وسوريا. كما اعتبر الرئيسان جوزيف بايدن ودونالد ترامب الوجود العسكري الأميركي ضرورياً في الشرق الأوسط.

الاختلاف الأساسي هو أن ترامب في هذه الولاية يريد أن ترى دول المنطقة التزاماً أكبر بميزانياتها العسكرية وبالتدريب والتحديث، على أن تدعم الولايات المتحدة هذا المجهود بعدد أقل من الجنود وبمقاربة جديدة هي مقاربة “الإطار”.