
مفاوضات محتملة بين السويداء ودمشق… ومسار إغاثي من لبنان
علمت “المدن” من مصادر عدّة أن تواصلاً يجري بين السلطات السورية وبعض وجهاء السويداء وفاعلياتها من المعتدلين، بهدف إجراء محادثات والتوصّل إلى صيغة تفاهم بين الطرفين تخفف من حدّة التوتر والتصعيد. ويتزامن ذلك ويتناسق مع حديث الرئيس السوري أحمد الشرع الذي قال فيه إن توحيد سوريا “يجب ألا يكون بالدماء والقوة العسكرية“.
التواصل أطلقته السلطات السورية قبل أيام، من خلال وسطاء بين الطرفين، والتحضيرات جارية لعقد محادثات محتملة ولكن بعيداً عن الإعلام “حرصاً على نجاح” العملية التفاوضية “وعدم تفخيخها” من جانب جهات لا تريد الاتفاق، وفق ما تقول مصادر من السويداء لـ”المدن”، وتكشف عن مرونة تبديها السلطات السورية تجاه المحادثات المرتقبة، باتخاذها إجراءات تراها المصادر “حسن نية”، كضغط الأمن العام على عشائر للافراج عن مخطوفين دروز والعمل على فتح خط دمشق – السويداء. لكن المصادر تشدّد على أن المسألة ما زالت في إطار التحضيرات الأولية.
المصادر الدرزية تقول إن الترتيبات تجري بعيداً عن رئيس الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في السويداء الشيخ حكمت الهجري، وهو أحد مشايخ العقل الثلاثة في المحافظة، لأن موقفه متشدد ولا يخدم هذا الجو الإيجابي.
قوافل مساعدات من لبنان
إلى ذلك، لا تزال السويداء تعاني نقصاً في المواد الغذائية والطبية رغم المساعدات التي تدخل من خلال الهلال الأحمر السوري إلى المحافظة، وذلك يعود إلى انعدام الحركة الاقتصادية والتجارية وعدم قدرة المؤسسات الحكومية والإغاثية على تغطية متطلّبات سكّان السويداء بشكل كامل، ما استدعى تدخلاً درزياً لبنانياً على المستويين الإغاثي والسياسي.
وعلمت “المدن” أن مساعدات غذائية وطبية أرسلها أهالي ومشايخ الجبل والرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط إلى السويداء، تضمّنت 3 قوافل طحين بوزن 750 طناً، ومساعدات أخرى غذائية وطبية بينها أجهزة غسل الكلى. وقد أطلق المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز حملة تبرعات في مختلف المناطق لتأمين المزيد من المساعدات. ووفق مصادر متابعة، ثمة قوافل إضافية ستنطلق تباعاً بالتنسيق مع السلطات السورية التي تتعاون “بشكل كبير“.
وبحسب معلومات “المدن”، فإن هذه المساعدات ترسل بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري الذي يتسلمها عند الحدود اللبنانية- السورية ويدخلها نحو السويداء عبر خط درعا- بصرى الشام – السويداء. ووفق مصدر مطلع، تعمل الحكومة السورية على فتح خط دمشق- السويداء لعودة الحركة وعدم التضييق على سكّان السويداء، ولكن بعد تأمينه أمنياً، لأن العشائر موجودة على هذا الخط، وهذا ما قد يشكّل تهديداً لحركة الدروز.
مصادر الهيئات الإغاثية تتحدّث لـ”المدن” عن عملية نقل المساعدات من لبنان إلى السويداء. وتشير إلى أن الشحنات الأولى وصلت وتضمنت مواد غذائية وطحيناً ومياهاً وأدوات طبية، وعملية نقلها كانت “معقدة وصعبة” لعدم وجود آلية تعاون نهائية بين الهيئات الإغاثية اللبنانية والسورية والسلطات السورية المختصّة، والبحث مستمر للتوصّل لآلية نهائية.
وعن تفاصيل الآلية المتبعة حالياً، تقول المصادر إن تنسيقاً من لبنان يجري مع الهلال الأحمر السوري وآخر مع وزارة الخارجية السورية، في ما يتعلق بمطابقة مواصفات إرسال المساعدات وشروطها، والتأكد من تواريخ صلاحيتها وكيفية توضيبها. كما يجري التنسيق مع الخارجية السورية للإيعاز للهيئة العامة للمنافذ البرية كي تسمح للشحنات بالمرور من لبنان إلى سوريا. وفي هذا السياق، تشير مصادر فاعلة في هذا الملف إلى عمل الحزب “التقدمي الاشتراكي” على التنسيق مع الجهات المعنية اللبنانية والسورية، من منطلق علاقاته بها.
طريق المساعدات ليس سهلاً من لبنان إلى السويداء، ويمر بمناطق تسكنها عشائر البدو، وثمّة تحديات أمنية. ولكن، وفق المصادر، أصدرت السلطات المختصة في سوريا تعميماً أمنياً يمنع التعرّض لقوافل المساعدات. وقد وصلت كل القوافل التي انطلقت من دون مشكلات أمنية، مع ضرورة الإشارة إلى أن شاحنات المساعدات التي تعرّضت لإطلاق نار من جانب بعض العشائر في حادث عرضي، هي شاحنات مرسلة من ريف دمشق لا من لبنان، واقتصرت الأضرار فيها على الماديات.