
هل بدأ “الحزب” رحلة إعادة وصل ما انقطع مع بعبدا؟
بدا “الثنائي الشيعي” في الساعات الأخيرة كأنه اقتنع بضرورة إعادة وصل ما انقطع مع الرئاسة الأولى، كجزء من حملة اعتراض عنيفة مارسها بعيد إقرار الحكومة الشروع في تنفيذ عملاني لقرار حصر كل السلاح بيد الدولة وأجهزتها الأمنية وتكليف قيادة الجيش وضع خطة لبلوغ هذا الهدف في مهلة زمنية محددة.
من المعلوم أن لقاء كان قد جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري والمستشار الرئاسي العميد المتقاعد أندريه رحال في عين التينة، وعلى رغم أنه نُظّم ليكون سريا، حرصت عين التينة على تسريب معلومات وأجواء عنه مفادها أن الرئيس بري لم يكتم خلاله “استياء وعتبا” على أداء الرئاسة الأولى لكونها كسرت مسارا سياسيا كان متفاهما عليه إلى حد بعيد، وكان بالنسبة إلى بري بمثابة خريطة طريق نحو تسوية مأمونة للموضوع”، وذلك عندما لم ترفع جلسة الحكومة التي كان موضوعا على جدول أعمالها بند حصرية السلاح مقدمة لترحيل المسألة برمتها. والخطوة الأهم في هذا السياق أتت على خلفية كلام إعلامي مفاده أن لقاء عُقد بين رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد وشخصية شيعية عرفت بصلتها الوثقى بالرئيس عون مذ كان قائدا للجيش، وهذه الشخصية عينها تُعرف أيضا بصلتها الوثقى برعد. وإذا كان لم يحسم بعد ما إذا كان هذا اللقاء عقد في إطار رسمي أو أنه عبارة عن “استمزاج”، فإن الحزب بات يعتبر ضمنا أن “انتفاضته العارمة” في وجه الرئاسة الأولى ردا على “إخلالها بوعد وتعهد” كانت الرئاسة أطلقته للحزب عبر إدارة حكيمة ودقيقة لموضوع على هذه الدرجة من الحساسية كموضوع السلاح، قد بلغت ذروتها وأعطت نتائجها التي تبدت تباشيرها في الآتي:
– الأداء المرن للرئاسة بعد صدور القرار.
– تعمدها إبلاغ من يعنيهم الأمر أنها لم تكن تقدّر حجم ردة الفعل العالية من الحزب وبيئته.
وهكذا بات في الحزب من يرى ضرورة العمل على كسر جدار الجليد الكثيف مع قصر بعبدا، والتعامل معها بمرونة أكبر من الآن فصاعدا.
بهذا المعنى تقدّر جهات في الثنائي أن مسار الأمور بعد ردة الفعل التي صدرت من الثنائي على القرار الحكومي، قد أوجد أمرا واقعا ومعادلة لا يمكن القفز فوقها، وهو ما فتح باب للقنوات الخلفية لتنطلق في رحلة اتصالات ولقاءات ونقل عروض أفضت إلى نتيجة عاجلة تجلت في خطوات، ليس مؤداها إلغاء قرار حصر السلاح، بل تأجيل مفاعيله التنفيذية في الخطة العملانية التي يفترض بقيادة الجيش وضعها إنفاذا لقرار الحكومة.
وليس خافيا أن الجهات عينها بدت مرتاحة إلى ما نقل عن قائد الجيش أن ليس في الوارد المضي في تنفيذ الخطة من دون اتفاق سياسي وطني واسع عليها.
وكان لافتا في هذا السياق أن الحزب بدأ يقارب خطة الحكومة وقرارها بلغة مختلفة عن موقفه المبدئي المعلوم والذي أطلقه بعيد ساعات على القرار، واعتبره “منعدم الوجود”.
وأكثر من ذلك، بدا الحزب متلقفا للكلام الذي صدر عن الرئاستين الأولى والثالثة، والذي ورد فيه أن لبنان يعتبر نفسه في حل من القرار الحكومي ما لم تبادر تل أبيب إلى الرد على الخطوة اللبنانية عملا بمبدأ التلازم.
والحزب في هذا السياق لا يخفي اقتناعا عنده مفاده أنه لا يتوقع عودة الموفد الأميركي برد إسرائيلي إيجابي.
ولا تخفي جهات على صلة بالحزب أن الغارات والاعتداءات الواسعة التي نفذتها إسرائيل الليلة ما قبل الماضية واستخدمت فيها صواريخ أرض – أرض للمرة الأولى منذ سريان وقف النار هي بمثابة الرد المنتظر من جانبها على الخطوة التي بادرت إليها بيروت.