“خلية حمد” إصدار 2025: “سرايا سنية” بزعامة حسن مراد

“خلية حمد” إصدار 2025: “سرايا سنية” بزعامة حسن مراد

الكاتب: سامر زريق | المصدر: نداء الوطن
23 آب 2025

منذ تحويل الحكومة التزام “حصرية السلاح” إلى قرار تنفيذي في جلسة “5 آب”، إنفاذًا لاتفاق “الطائف”، رفع “حزب اللّه” سقف خطابه المذهبيّ، وأطلق حملة ضد السلطة والفاعلين الخارجيين الداعمين لمشروع الدولة، ولا سيّما عقب زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، التي فجّرت طوفانًا من “الدوغمائية” يعكس مدى ترهّل العقل السياسي للملالي.

ومع ازدياد عزلته السياسية في الداخل، وتوالي سقوط الشرعيات التي كان يحتمي بها، وظهوره كتنظيم مذهبيّ شديد التطرف، يحاول “الحزب” تجديد خلايا هياكل قديمة واستخدام أدوات وشخصيات منتهية الصلاحية السياسية للتخفيف من عزلته. وبعدما قلّب في دفاتره القديمة على طريقة التاجر الموشك على الإفلاس، أخرج منها تشكيلًا هلاميًا قديمًا يدعى “اللقاء الوطني الإسلامي” بإصدار جديد لعام 2025، بعد فشل الإصدارات السابقة، وآخرها العام الماضي.

ذاك اللقاء صدرت النسخة الأولى منه عام 2002، واشتهرت باسم المكان الذي اجتمعت فيه وهو “خلية حمد”، لتكون بيدقًا في يد النظام الأمني السوري – اللبناني المشترك آنذاك، الذي أسبغ عليه طابعًا سنيًا عروبيًا لتحريكه ضد رفيق الحريري ولقاء “قرنة شهوان”. ومن يعد إلى تلك الحقبة يمكنه الوقوف على المصطلحات المستخدمة في بيانات “خلية حمد”، والتي تتساوق مع التعابير التي استخدمت في حفر وتنزيل بيان إصدارها الجديد، بعدما تداعت للاجتماع تحت ضغط “الحزب” في مقرّ “الحزب القومي” في الروشة منذ أيام قليلة.

بالإضافة إلى المضيف المنقسم على ذاته، والذي أظهر إيمانًا مستجدًا في الآونة الأخيرة يعاكس قيمه العلمانية، سواء بتأليه المؤسّس وإسقاط كلامه على كلّ التطوّرات، أو بالاستلاب الفاقع نحو المفاهيم الشيعية بنسختها الولائية، تضمّ “خلية حمد 2025” بقايا “البعث السوري” وشاكر البرجاوي ومصطفى حمدان، بما يمنحها طابعًا أقرب إلى “السرايا” التي أنشأها “الحزب”، وعَهِدَ إليها تنفيذ العديد من المهام الأمنية في العمق السنّي.

وبينما يسلّط “الحزب” مدافعه الإعلامية على سياسات السعودية وقادتها، فإنّ حضور النائب حسن مراد يغدو مثيرًا للتساؤل في ظلّ إعادة تموضعه السياسي ومساعيه للتقرّب من المملكة، والتي دفعته إلى إيقاف مفاوضات مع “المستقبل” لتشكيل لائحة انتخابية مشتركة بعد نصيحة أسديت إليه، تلاقت مع رغبة الأخير لأسباب مغايرة.

حسب المعلومات، فإنّ حضور مراد مرتبط بانغماسه في العديد من الشراكات مع رجال “الحزب” وسراياه وشبكاته المتعدّدة منذ سنواته الأولى في النشاط السياسي، والتي تفرض عليه البقاء قريبًا من “محور الممانعة” حتى في لحظات ضعفه، ليمسي بمثابة زعيم لـ “السرايا الجديدة” بما يمتلك من شرعية سياسية مفقودة عند شركائه، بموازاة قدراته المالية.

كما أنها تشتمل على السعي إلى الحصول على مواعيد من الإدارة السورية الجديدة، تندرج ضمن محاولات يبذلها “الحزب” للانفتاح عليها عبر سياقات متعدّدة، سياسية ودينية واجتماعية، بهدف جمع المعلومات عن منظومة الحكم، والبحث عن نقاط ضعف يمكن استخدامها لفتح ثغرات في جسر تهريب السلاح وغيره الموصد بإحكام.

عمومًا، ينسجم “بعث” “خلية حمد” مع تصدير بضع عمامات سنية لا وزن جدّي لها إلى جانب علي لاريجاني، في اللقاء الذي أقيم في السفارة الإيرانية، ويختزن رمزية ذات حمولة مكثّفة تعيدنا إلى تلك السنوات بين 2002 و 2005، وما شهدته من توتر وشحن وحملات إعلامية بلا سقوف، وقبضة أمنية – استخباراتية بطّاشة مهّدت الأجواء لزلزال اغتيال رفيق الحريري.

بيد أنّ هذه الاستراتيجية تعبّر عن “دوغمائية” فجّة لدى “الحزب”، تظهر مدى الركود الذي وصل إليه، وفقر المخيّلة الذي يعجزه عن الخروج بأفكار خلّاقة لمواجهة الوضعية التي صار إليها، بحيث يعيد إنتاج أدوات الماضي وسيناريواته، فيما بعض منظّريه يدّعون أن الداعمين الخارجيين لمشروع الدولة منذ عقود يستخدمون الأفكار نفسها ضدّه، مثلما ادّعوا أن إسرائيل تستخدم خطط حرب عام 2006 نفسها، فاستفاقوا من سباتهم الفكري على عصف إسرائيلي “حداثي” أطاح بقيادات “الحزب” وبلغ طهران نفسها.

وبينما بدأت الحكومة تطبيق برنامج سحب سلاح المخيّمات الفلسطينية بالفعل، في تأكيد على مدى جدّيتها في تطبيق القرارات التي اتخذتها، فإنّ إصرار “الحزب” على الانجراف في “طوفان الدوغمائية” يزيده ضعفًا وعزلة، ويقرّبه من لحظة النهاية التي يبدو أنها دنَت كثيرًا.