
تفاصيل المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان.. التحدّي الأكبر بعين الحلوة
عاد ملف السلاح الفلسطيني إلى الواجهة مجدداً مع بدء تنفيذ خطة تسليمه إلى الدولة اللبنانية.
فقد انطلقت قبل أيام قليلة عملية تسليم السلاح الفلسطيني من مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، كخطوة أولى لتطبيق مقررات القمة اللبنانية–الفلسطينية التي عقدت بتاريخ 21 مايو/أيار الماضي بين الرئيسين جوزيف عون ومحمود عباس، والتي أكدت سيادة لبنان على كامل أراضيه وبسط سلطة الدولة وتطبيق مبدأ حصرية السلاح.
اختبار حسن النوايا
أوضح مصدر عسكري أن “خطوة تسليم السلاح من مخيم برج البراجنة بمثابة اختبار حسن نوايا من قبل الفصائل الفلسطينية لمدى استعدادها لاستكمال الخطوة وتسليم السلاح للجيش، بما يشمل السلاح الثقيل كصواريخ غراد، وليس فقط الأسلحة الخفيفة والمتوسطة”.
وأشار المصدر إلى أن “مخيم الرشيدية يقع ضمن منطقة جنوب الليطاني، وبالتالي فإن تسليم السلاح فيه يحتاج إلى ترتيبات خاصة”. أما المرحلة الثالثة والأخيرة من تسليم السلاح الفلسطيني فستكون في مخيمي عين الحلوة والمية ومية في صيدا، والبرج الشمالي في صور.
اختلاف عقائدي ومواقف متباينة
يكمن التحدي الأبرز في مدى التزام التنظيمات الفلسطينية، إذ إن بعض الفصائل سارعت، بالتزامن مع تسليم الجيش شاحنتي ذخيرة من مخيم برج البراجنة، إلى إصدار بيانات تقلّل من شأن الخطوة، معتبرة أنها شأن داخلي يخص حركة “فتح”. في المقابل، أكدت منظمة التحرير التزامها بقرار الحكومة اللبنانية، بينما لم يصدر موقف مماثل عن فصائل أخرى على خلاف معها، ما يثير تساؤلات حول قدرة الدولة اللبنانية على فرض القرار ومدى نفوذ إيران وحزب الله على بعض المخيمات.
الفصائل الفلسطينية وتحالفاتها
يضم لبنان فصائل فلسطينية عديدة، أبرزها حركة “فتح” ضمن منظمة التحرير، وحركة “حماس”، إضافة إلى الجبهة الشعبية والجبهة الشعبية – القيادة العامة، وعصبة الأنصار، وجند الشام. وبحسب الصحافي المتخصص سامر زريق، فقد نشأ في مواجهة منظمة التحرير تحالفان:
تحالف القوى الفلسطينية: يضم حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية – القيادة العامة.
تحالف القوى الإسلامية: يضم عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة وحزب التحرير، مع مجموعات أخرى مثل “جند الشام” و”أنصار الله” وفلول “فتح الإسلام”.
وأشار زريق إلى أن هذين التحالفين جرى تأسيسهما بدعم من حزب الله وبالشراكة مع حماس وبرعاية إيرانية وسورية.
نفوذ خاص جنوباً
أوضح الباحث هشام دبسي أن الفصائل الفلسطينية الكبرى كحماس والجهاد تتمركز في كافة المخيمات، لكنها تتمتع بنفوذ خاص جنوباً، خصوصاً في مخيم البرج الشمالي في صور، حيث استغلت حركة حماس موقعه الاستراتيجي على تلة تشرف على الطريق الساحلي لتخزين السلاح والذخائر.
أما مخيم البصّ فيُعتبر شبه محايد، في حين يسيطر توازن القوى في مخيم الرشيدية مع أفضلية لحركة فتح. وفي مخيم المية ومية سبق أن شهدت اشتباكات بين فتح وحماس وحلفائها، انتهت بسيطرة فتح.
عين الحلوة.. العقدة الأبرز
يبقى مخيم عين الحلوة العقدة الأصعب أمام خطة تسليم السلاح، نظراً لتمركز العدد الأكبر من الفصائل فيه، ولاحتضانه مجموعات متطرفة معادية لمنظمة التحرير. ورغم محاولات عديدة لحسم النفوذ لمصلحة فتح، إلا أن حماس والجهاد الإسلامي يحتفظان بنفوذ قوي داخله.
مخيمات الشمال والبقاع وبيروت
نهر البارد: تحت سيطرة الجيش اللبناني منذ معركة فتح الإسلام عام 2007.
البداوي: تحت سيطرة فتح بالتعاون مع الجيش.
ويفل (الجليل) – بعلبك: تحت سيطرة منظمة التحرير.
مخيمات بيروت:
مار الياس: يضم مكاتب خدمية تابعة للسلطة الفلسطينية.
شاتيلا: لم تعد منظمة التحرير تسيطر عليه، ويُعتبر مفتوحاً على محيط لبناني تعصف به شبكات التهريب.
برج البراجنة: الأكبر في بيروت ويضم هياكل عسكرية لمنظمة التحرير، لكن لحماس والجهاد وأنصار الله نفوذ داخله بدعم من حزب الله.
متابعة رسمية دقيقة
أوضح رئيس لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني، السفير رامز دمشقية، أن اللجنة تتابع الملف مع الجهات السياسية والأمنية المعنية، مؤكداً أن “هذا المسار انطلق ولن يتوقف”، مشيداً بالقرار التاريخي للحكومة اللبنانية بشأن السلاح الفلسطيني.
وفي مطلع العام، تسلّم الجيش اللبناني خمسة مراكز أمنية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في البقاع وجبل لبنان، بما فيها من أسلحة.
الواقع الديمغرافي
يبلغ عدد الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة “الأونروا” في لبنان نحو 489 ألفاً، إلا أن التقديرات الفعلية تشير إلى نحو 300 ألف فقط، يتوزعون على 12 مخيماً أبرزها عين الحلوة، المية ومية، الرشيدية، البرج الشمالي، البصّ، برج البراجنة، صبرا وشاتيلا، مار إلياس، نهر البارد، البداوي، ويفل (الجليل)، وضبية.