
خاص – ماذا سيحدث لو فشلت مهمّة برّاك؟
واشنطن لا يمكنها تقديم أيّ ضمانات بالانسحاب الإسرائيلي. وتلّ أبيب لن تقدِم على أيّ خطوة قبل سحب السلاح. هكذا قالها برّاك في زيارته الحالية للبنان وفي الزيارة التي سبقتها. وهكذا قالها أيضاً بوضوح أكبر السناتور الأميركي ليندسي غراهام الذي كان في عداد الوفد الأميركي “المدجّج” الذي زار بيروت أمس لمتابعة تنفيذ خطّة سحب سلاح “حزب الله”، وتقديم الوعود بالازدهار والأمن والدعم، في حال إنجاز هذه المهمّة “التاريخية”.
وأفهم المسؤولون الأميركيون بيروت أنّ هذا هو واقع الحال. فإمّا أن يتمّ قبول العرض كما هو، أو أن يتمّ رفضه بكلّيته. ولكن، لكلّ من هذين الخيارين تبعاته. وعلى الحكومة اللبنانية أن تقرّر أيّ خيار ستعتمد، وأن تتحمّل مسؤوليّة قرارها. فإذا قامت بسحب السلاح، ستحصل على المكافأة في الاقتصاد والازدهار ودعم الجيش. وإذا لم تفعل، فسيُترك لبنان لمصيره، رهينة الأزمات، وعرضة لاستباحة إسرائيلية ولتجدّد الحرب الواسعة عليه.
وقال الأميركيّون للمسؤولين اللبنانيين الذين التقوهم أمس، إنّ لبنان و”الحزب” ليسا في موقع يسمح لهما بفرض الشروط. كما أنّ إسرائيل ليست في موقع يجبرها على تقديم أيّ تنازلات. فهي تتحكّم باللعبة العسكرية، بينما “الحزب” وإيران هما في أضعف حالاتهما. وإذا لم تبدِ الحكومة اللبنانية المزيد من الشجاعة ولم تمضِ في تطبيق خطّة حصريّة السلاح، فعليها تحمّل مسؤوليّتها أمام الشعب اللبناني. أمّا إذا مضت في قرارها الشجاع، فستحصل على دعم أميركي مباشر للمساعدة في عملية سحب السلاح غير الشرعي من كلّ الأراضي اللبنانية.
وتقول مصادر لموقع beirut24 إنّ الوفد الأميركي لم يكن مرتاحاً إلى وجهة النظر اللبنانية التي عُرضت عليه، والقائلة بأنّ عدم قيام تلّ أبيب بأيّ خطوة في مقابل خطوة لبنان إقرار حصرية السلاح في مجلس الوزراء، قد ينسف الورقة الأميركية برمّتها. وأكّدت المصادر أنّ الموفدين الأميركيين حذّرا المسؤولين اللبنانيين من مخاطر العودة إلى سلوك طريق التردّد والارتباك أمام تهديدات “الحزب”، والانصياع إلى نغمة الخوف من الحرب الأهلية، من أجل المماطلة في مرحلة التنفيذ.
وفي المقابل، أكّد الوفد الأميركي للبنان أنّ واشنطن ستواكب، عبر موفديها برّاك وأورتاغوس، الحكومة والجيش عند إطلاق عملية سحب السلاح على أرض الواقع. ولدى الإدارة الأميركية الكثير من الوسائل الدبلوماسية والضغوط لتستخدمها في هذا المجال. والدليل إلى ذلك، أنّ الحضور الأميركي القويّ في لبنان، أسهم في جعل الحكومة تجتمع وتصوّت على حصريّة السلاح ثمّ على أهداف الورقة الاميركية، من دون أن يتمكّن “الحزب” من العرقلة، على رغم اعتراضه.
كما تمّ إرجاء التحرّك الشعبي الذي كان دعا إليه الثنائي اليوم الأربعاء ضد قرار الحكومة بسحب السلاح. وعلى رغم التصريحات العالية السقف للشيخ نعيم قاسم، فإنّ الاعتراض اقتصر حتّى الآن على التصعيد الكلامي، من دون القدرة على تكرار أحداث 7 أيّار 2008، أو تظاهرة 8 آذار 2005. فالشعب اللبناني الذي مثّل يوماً تظاهرة 14 آذار، مجيّش الآن ضد رفض “الحزب” لتسليم السلاح. وهو مستعدّ للنزول إلى الشارع بأعداد كبيرة، في حال حاول “الحزب” تنظيم تظاهرة ضدّ الحكومة. وهذا ما جعل الثنائي يتريّث في حشد الشارع ويتهيّب الموقف ويدرس تبعاته.
كما أنّ إيران اليوم في موقف ضعيف. ولم تستطع أن تقدّم الكثير من الدعم اللوجستي للحزب، باستثناء دفع قاسم إلى تصعيد لهجته، والتهديد بـ “البأس”. وحتّى المسؤول الإيراني علي لاريجاني، ووجه في بيروت بموقف كلّ من رئيسي الجمهورية والحكومة الرافض لتدخّل طهران في الشأن اللبناني، في سابقة تحدث للمرّة الأولى. وفي واقع الحال يبقى بأس “الحزب” مرتبطاً بمدى بأس إيران، التي تعرّضت لضربات قاصمة في برنامجها النووي ومن خلال القضاء على نظام الأسد وإضعاف أذرعها في المنطقة. ويرتبط مصير نظامها الآن بمدى التجاوب مع المطالب الأميركية في مفاوضات محتملة، تحت طائل تعرّضها من جديد لعقوبات أو لعمل عسكري.
أمّا النقطة الأساسية التي تخيف “الحزب” وحليفه نبيه برّي، فهي أنّ إسرائيل ستكون مطلقة اليد، ساعة تشاء، في توسيع الحرب من جديد وتنفيذ الغارات المدمّرة على الضاحية الجنوبية. كما أنّ تململ أهالي القرى والبلدات المدمّرة في الجنوب، والتي يمنع الإسرائيلي أهلها من العودة إليها، يشكّل عاملاً ضاغطاً لا يستهان به.