أخطر سيناريو: إن كنتم تعلمون… فالمصيبة اكبر!

أخطر سيناريو: إن كنتم تعلمون… فالمصيبة اكبر!

الكاتب: سينتيا سركيس | المصدر: موقع mtv
27 آب 2025

فسيفساء من نار… إنه لبنان باختصار. وقع منذ الازل في تشابكات طائفية وحزبية وقومية وحتى إقليمية، حتى بات أشبه بالخارطة المتفجّرة التي يصعبُ المساسُ ببعض أجزائها، والامثلة كثيرة، بدءا من المخيّمات الفلسطينية، وصولا إلى مناطق سيطرة حزب الله في الجنوب. إلا اننا اليوم نقف عند مفترق طرق، رسمهُ البعض لنا جميعا، فإذ بنا، أما خيارين وحيدين: إما سلوك طريق المجتمع الدولي وإما العزلة.. وهنا الامثلة كثيرة.

وفي هذه السطور، رسالةٌ إلى من يقبعون في ما تبقّى من أنفاق ليخبرونا عن شروطهم وإنجازاتهم التي جعلتنا ساحةً مستباحة لمختلف الشروط والإملاءات… فإن كنتم لا تعلمون فإنها مصيبة، وإن كنتم تعلمون، فالمصيبة هنا اكبر. وتفضّلوا بالآتي:
هل سمعتم يوما عن كوبا المحاصرة؟
منذ أكثر من 60 عاما، وكوبا مختنقة اقتصاديّا بكل ما للكلمة من معنى، وذلك بفعل العقوبات الاميركية عليها التي جعلتها في عزلة اقتصادية وتجارية خانقة، حُرم شعبها ولا يزال من ابسط مقوّمات العيش، لدرجة أنها تعاني من نقص كبير في المواد الغذائية والدواء، دفعت بعدد كبير من سكانها إلى الهجرة.
الراتب الشهري في كوبا لا يتعدّى الـ40 دولارا، واستيراد السيارات هو أشبه بالحلم البعيد المنال، إذ انه نتيجة الحظر التجاري، لم تتمكّن كوبا لعقود من استيراد سيارات جديدة من الغرب، فبقيت السيارات الاميركية القديمة من خمسينيات القرن الماضي هي المسيطرة على الطرقات. حتى الحصول على قطع غيار للسيارات القديمة هذه يتطلب إما تهريبها أو تصنيعها محليّا بأساليب بدا  ئية.
وسيلتها الاساسية لتوفير العملات الصعبة هي السياحة، في وقت تنشط السوق السوداء لتوفير الكثير من المنتجات، خصوصا الالكترونيات، والتي تباع عبر شبكات غير رسمية بسبب غياب الاستيراد.
كوريا الشمالية تعيش تقريبا العزلة نفسها عن بقية العالم، لا بل هي محاصرة في مزيج من السياسات الداخلية المتشددة والعقوبات الدولية المفروضة عليها.
ففي كوريا الشمالية، لا إنترنت للمواطنين، إنما شبكة داخلية خاضعة للرقابة. لا استخدام للهواتف المحمولة الدولية ولا تواصل حرّا مع العالم الخارجي، وحده الإعلام الرسمي هو المسموح به، وبالتالي فهو يُستخدم كأداة دعائية للنظام.
تعاني كوريا بفعل العقوبات الدولية المشدّدة المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، من نقصٍ مزمن في المواد الأساسية والدواء، ومن محدوديّة في التبادل التجاري، فباتت الصين شريكتها شبه الوحيدة، حتى أنها لا تملك تمثيلا دبلوماسيا في معظم دول العالم.
حتى مواطنيها لا يُسمح لهم بالسفر خارج البلاد إلا بإذن خاص وصارم، في وقت يخضع الاجانب لمراقبة مشدّدة خلال زيارتهم.
أما إيران، فمنهما تتعلّم… وها هي تسيرُ بخطًى ثابتة على مثالهما.
لم ينفعها غناها بعدد من الموارد الطبيعية، وها هي تواجه تحديات اقتصادية حادة نتيجة العقوبات الدولية والعزلة الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.
الريال الإيراني فقد أكثر من 90 في المئة من قيمته منذ 2018 وحتى اليوم، الامر الذي رفع الأسعار بشكل هائل خصوصا الخبز والوقود والدواء، وتجاوزت معدلات التضخم الـ50 في المئة. حتى النفط الذي يعتبر المصدر الأساسي للدخل القومي، باتت هناك صعوبة في تصديره. المشكلة نفسها انسحبت على الاستيراد بسبب حظر التعامل مع النظام المصرفي الإيراني، وعزل طهران عن نظام سويفت العالمي للمعاملات المصرفية. كلّ ما تقدّم ادى إلى ارتفاع معدلات البطالة واكثر من 40 في المئة من الشعب الإيراني بات تحت خطر الفقر، مع انسحاب الاستثمارات الاجنبية من السوق الإيراني وتوقف الكثير من المشاريع.

ما لا يدركه البعض في لبنان أو ربما لا يعيره اهتماما، هو أن هذه السيناريوهات ليست بعيدة عنا في حال تجاهلنا المطالب الدولية وفشلنا في تحقيق الإصلاحات.
فان تُعزل دولة في هذ الزمن أو تُصنّف دولة فاشلة او مارقة، يعني الانتحار… فلنتعلّم من كلّ ما أسلفناه، حتى لا يُضاف لبنان إلى لائحة المعزولين.