هل يترك لبنان لمصيره أم يفعلها الجيش؟!

هل يترك لبنان لمصيره أم يفعلها الجيش؟!

الكاتب: ناديا غصوب | المصدر: نداء الوطن
28 آب 2025

مع اقتراب موعد الجلسة النيابية المنتظرة في الثاني من أيلول، يدخل لبنان مرحلة سياسية دقيقة يتقاطع فيها العامل الخارجي مع الانقسامات الداخلية، فيما يتصدر ملف سلاح “حزب الله” واجهة النقاش.

شهدت الساحة اللبنانية محطة لافتة تمثلت بزيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان وسوريا توم برّاك، الذي كشف عن ملامح خطة دولية – إقليمية تهدف إلى معالجة ملف السلاح بعيدًا من التصعيد.

ووفق ما أعلنه برّاك، فإن الحكومة اللبنانية مطالَبة بتقديم خطة واضحة قبل 31 آب، لإقناع “حزب الله” بالتخلي عن سلاحه عبر مقاربة سلمية لا عسكرية. وأكد أن السعودية وقطر أبدتا استعدادًا لتمويل منطقة اقتصادية في الجنوب اللبناني لتأمين فرص عمل لمناصري “الحزب”، في خطوة وُصفت بأنها حوافز اقتصادية مقابل الانخراط في مسار نزع السلاح.

بالموازاة، نقل برّاك أن إسرائيل قد تبدأ بسحب قواتها من الجنوب في حال التزمت الدولة اللبنانية بالخطة، ما يفتح الباب أمام ترتيبات جديدة في المشهد الحدودي.

هذه المبادرة الأميركية – الخليجية لا تلغي الدور الإيراني الذي يبقى حاضرًا في خلفية المشهد. فطهران، بحسب مصادر سياسية، لم تُبدِ أي استعداد للتخلي عن “حزب الله”، ما يطرح تساؤلات جدّية حول مدى قدرة بيروت على تنفيذ الخطة في ظل استمرار نفوذ إيران على قرارات “الحزب”.

في الداخل، يستعيد البعض تجارب أحزاب لبنانية سلّمت سلاحها في مراحل سابقة، مثل الحزب “التقدمي الاشتراكي” و”القوات اللبنانية”، وسط جدل حول ما إذا كان السيناريو نفسه يمكن أن يتكرر داخل البيئة الشيعية. غير أن خصوصية السلاح هذه المرة تمنحه بعدًا مذهبيًا وسياسيًا أكثر تعقيدًا.

في هذا السياق، تزداد الأنظار نحو الموقف الأوروبي الذي ما زال مترددًا بين دعم المبادرة الأميركية – الخليجية أو الاكتفاء بدور المراقب. ففرنسا، التي لطالما قدّمت نفسها كراعٍ تاريخي للبنان، تبدو حذرة في الدخول بمواجهة مباشرة مع إيران أو “حزب الله”، مفضّلة التركيز على دعم الجيش اللبناني والمؤسسات الرسمية. هذا التباين في المواقف الدولية يعكس هشاشة أي تسوية محتملة، ويؤكد أن مسار الحل لن يكون سريعًا ولا بسيطًا.

على الصعيد الشعبي، تتباين المواقف بشكل واضح. فجزء من الشارع اللبناني ينظر إلى المبادرة الدولية كفرصة أخيرة لإنقاذ البلاد من الانهيار، بينما يرى آخرون أنها محاولة جديدة لوضع لبنان تحت الوصاية الخارجية. هذا الانقسام الشعبي يضاعف التحديات أمام الحكومة، التي تبدو عالقة بين ضغط الخارج وتناقضات الداخل.

ميدانيًا، تشير المعلومات إلى أن الجيش اللبناني يستعد لتنفيذ خطة تدريجية تبدأ بنزع السلاح جنوب نهر الليطاني بطريقة سلمية، على أن يتبعها تفاوض شمالًا وصولًا إلى البقاع الشمالي والحدود السورية.

في هذا الإطار، يبرز أيضًا دور قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفل”، التي تجد نفسها أمام تحديات متزايدة مع أي خطة لنزع السلاح. فبينما تُشدد الأمم المتحدة على ضرورة الحفاظ على الاستقرار وتنفيذ القرار 1701، يطالب بعض السياسيين اللبنانيين بتوسيع مهامها لتشمل مراقبة أدق للحدود والأنشطة المسلحة. ويأتي ذلك بالتزامن مع اقتراب موعد التجديد السنوي لولايتها في مجلس الأمن، وسط انقسام داخلي حول جدوى استمرار وجودها بين من يعتبرها عنصر توازن ضروري، ومن يراها عبئًا يقيّد سيادة الدولة ويثير حساسيات مع “حزب الله”.

مع هذا المشهد المليء بالغموض، يبرز سؤال محوري: مَن سينقلب على مَن بعد جلسة مجلس الوزراء في الثاني من أيلول؟

هل ستتجه المواجهة إلى صدام مباشر بين “حزب الله والحكومة”؟ أم أن الخلاف سيتفجر داخل البيئات الحزبية نفسها؟ وفي حال غياب حل داخلي، هل تتدخل الولايات المتحدة والسعودية بشكل أعمق، أم يُترك لبنان لمصيره وسط التوتر المتصاعد مع إسرائيل؟