الكونغرس الأميركي لـ”لعسكرية”: حسنة يعمل لصالح شركة أميركية

الكونغرس الأميركي لـ”لعسكرية”: حسنة يعمل لصالح شركة أميركية

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن
31 آب 2025

عاد ملف محي الدين حسنة إلى الواجهة مجددًا، إذ قررت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي منير سليمان الاكتفاء بمدة توقيفه وإخلاء سبيله، رغم الحكم الصادر بحقه والقاضي بسجنه 15 عامًا مع الأشغال الشاقة، بتهمة تزويد إسرائيل بمعلومات وتسجيل بيانات عن المناطق اللبنانية وترددات أجهزة اللاسلكي، وسط شبهات بأن إسرائيل استفادت من هذه المعلومات في حربها الأخيرة على لبنان.

شبكة “عين التينة”

لأكثر من عامٍ ونصف العام، شغلت قضية محي الدين حسنة الرأي العام اللبناني، بسبب شبهات كبيرة حول تزويده إسرائيل بمعلومات دقيقة وحساسة بشكل غير مباشر، ساعدتها في تحديد أهدافها في لبنان. وكانت المحكمة العسكرية قد أصدرت حكمًا بسجنه 15 عامًا مع الأشغال الشاقة.

عُرفت القضية بشبكة تجسس عين التينة، التي أُلقي القبض على أفرادها منذ نحو عامين، بعدما شوهد حسنة يتجول أكثر من ثلاث مرات في محيط عين التينة بصورة مشبوهة، قبل أن يُلقى القبض عليه “صدفة”. وتضم الشبكة محي الدين حسنة وهادي عواد ورامي الصانع، الذين اتُّهموا بخرق شبكات الاتصال، ورصد ترددات أجهزة اللاسلكي، وتزويد إسرائيل بالمعلومات تحت غطاء شركة أميركية وهمية.

جاءت عملية توقيفهم في وقتٍ كانت طبول الحرب تُقرع في لبنان. وأخطر ما كشفته التحقيقات هو نوعية المعدات التي وُجدت بحوزتهم، وتشمل: حاسوبًا محمولًا، جهاز SDR، جهاز توجيه (راوتر)، هاتفين خلويين، كاميرا GoPro Max، زُوّدوا بها من شركة أميركية تدعى MONOLITH، وشُحنت من ولاية تكساس عبر DHL، إضافة إلى أجهزة متطورة أخرى.

أجهزة حديثة

استمعت المحكمة العسكرية إلى ممثل وزارة الاتصالات انطوان عون، ومهندس اتصالات في شركة ألفا لمعرفة خطورة هذه الأجهزة. وأكدا أن هذه الأجهزة تُستخدم لجمع بيانات دقيقة عن شبكة الاتصالات ومواقعها. تتيح لهم التقاط صور بزاوية  360 ورصد ومسح والتقاط ترددات أجهزة لاسلكية ومن ضمنها أجهزة البيجر ودرون. 

خلال عمله، استخدم حسنة أجهزة لمسح شبكات الانترنت، وكاميرا متصلة بحاسوب مع نظام عصف ساعدته في تصوير المناطق بتقنية عالية وتسجيل المواقع بتقنية عالية وتسجيل موقع الجغرافي لكل نقطة مما يسمح بربط الانظمة المستخدمة ورسم خارطة رقمية شاملة. 

تشير معلومات “المدن” إلى أن حسنة التقط أكثر من 350 ألف صورة لعدة مناطق لبنانية وتحديدًا الضاحية الجنوبية. إضافة إلى محيط عين التينة وكسروان والمتن. والأخطر، أن الأجهزة الحديثة تمكنت من تشفير الصور بشكل سريّ، يحيث لا يمكن فتحها إلا بعد وضع كلمة سرّ من حسنة، وكلمة سرّ أخرى من مشغله.

ومحي الدين حسنة، هو مهندس متخصص بالاتصالات والكمبيوتر. صاحب شركة أركون منذ عام 2011 التي تعمل في تجهيز محطات الارسال وصيانة وتحسين شبكات الاتصالات في لبنان والخارج. توسعت لاحقًا في العراق وإيران. 

بدأ العمل مع شركة أميركية عام 2021 طلبت منه تنفيذ هذه المهمة مقابل الحصول على مئات آلاف الدولارات بهدف تحديث الخرائط. وسبق وأن صرّح أنه عمل هكذا مهمات في عدة بلدان منها: ليبيا، إيران، أوكرانيا، العراق. وأن حصوله على هذه المعدات الحديثة لا يعني أنه “عميل إسرائيلي”.

قضائيًا، اعتبر هذا الملف الأكثر تعقيدًا. لعدم قدرة الأجهزة الأمنية على الوصول للمعلومات التي حُولت للخارج بسبب كلمة السر التي تتطلب من المُشغل الأساسي. وهي مختلفة عن تلك التي يملكها حسنة. 

“لا أدلة كافية”

وحسب مصادر أمنية لـ”المدن”، فإن الأجهزة الحديثة أُدخلت إلى لبنان بصورة شرعية عبر مطار رفيق الحريري الدولي، وكانت هناك صعوبة في كشف الكثير من المعلومات التي استُخدمت من خلالهامن جهتها، أوضحت مصادر قضائية لـ”المدن” أن الاكتفاء بمدة التوقيف لا يعني البراءة، إذ إن الملف يحتوي على معطيات كثيرة تدين حسنة بتحويل معلومات مفصلة عن مناطق لبنانية لأغراض مشبوهة. كما أن الشبهات الكثيرة في هذا الملف توحي بأن هذه المعلومات وصلت إلى إسرائيل، حتى وإن لم تُسلَّم إليها بشكل مباشر، وسط اتهامات بأن ما قدّمه حسنة خدم إسرائيل في حربها الأخيرة، ولا سيما في رصد ترددات أجهزة الـ”بيجر”، بفضل قدرة الأجهزة الحديثة على خرق شبكة الاتصالات اللبنانية ورصد ترددات الأجهزة اللاسلكية.

مستندات ووثائق رسمية

في المقابل، تحرّكت الولايات المتحدة الأميركية بعد صدور الحكم على حسنة. وأوضح مصدر قضائي لـ”المدن” أن المحكمة العسكرية تسلّمت مستندات رسمية من الكونغرس الأميركي، مصدَّقة عبر وزارة الخارجية الأميركية، تؤكد أن حسنة يعمل لصالح شركة أميركية حقيقية وليست وهمية. ووفقًا للمصدر، قدّم الجانب الأميركي تفاصيل عديدة عن الشركة وطبيعة عملها، بهدف تبرير إخلاء سبيل حسنة.

إلا أن قرار تركه أثار جدلًا واسعًا في لبنان، وسط اتهامات للمحكمة العسكرية بأنها عادت إلى التراخي في معاقبة العملاء. وبحسب معلومات “المدن”، فإن حسنة مُدان قضائيًا، وهناك احتمال كبير بأن المعلومات التي قدّمها وصلت إلى إسرائيل، إذ إن ما قام به يُعد من صلب الأعمال العسكرية التي تستوجب الحصول على تراخيص عديدة في لبنان، وهو لم يكن يملكها كاملة، ما أثار الكثير من التساؤلات. كما أن شبهات واسعة تحيط بكل معلومة أو صورة كان قد سلّمها، وسط تقديرات بأنها خدمت إسرائيل في حربها الأخيرة.

وعمليًا، وعلى الرغم من جميع التحقيقات، لم يتمكّن القضاء من تحديد الجهة النهائية التي وصلت إليها هذه المعلومات أو الغاية الدقيقة منها، بسبب تعذّر خرق الأجهزة المستخدمة. وأوضح مصدر قضائي لـ”المدن” أن المؤكد هو أن هذه المعلومات استُخدمت بطريقة ما: فإما أنها حُوِّلت إلى إسرائيل بشكل غير مباشر، وهو ما لم يتمكّن القضاء من إثباته، أو أنها أُعطيت للشركة الأميركية التي قامت لاحقًا بتحويلها إلى إسرائيل. وعلى هذا الأساس، تم الاكتفاء بمدة التوقيف.