
نبيه بري وطارق متري وجهان لعـــملة واحدة
وكأنه تأيرنَ، خرجَ رئيس مجلس النواب نبيه بري على اللبنانيين بكلمة سياسية مشحونة تشبه كل شيء إلا كلمة رجل دولة في ذكرى تغييب أب الشيعة اللبنانيين الإمام موسى الصدر.
ففي هذا الظرف الحسّاس والخطير في لبنان والمنطقة عوّل اللبنانيون وفي طليعتهم رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام على موقف حكيم لرجلٍ عُرف بحنكته في الملعب السياسي، يقينا شرّ مرحلة دامية ويمهّد لتخفيف الاحتقان في الشارع الشيعي، لكنّ بري فاجأ الجميع إلا «حزب الله» والخامنئي، معلنًا تماهيه معهما في الموقف وآخذًا لبنان إلى حرب كبيرة نتمنى أن لا تكون داخلية.
خلال 13 دقيقة دفن برّي وبصفته رئيس «حركة أمل» أحد الفصيلين المُسلّحين في لبنان التوافق وهدّد اللبنانيين غامزًا من اتفاق 17 أيار، ومتّهمًا خصومه السياسيين بالخيانة، مشددًا على أن الورقة التي أقرّتها الحكومة هي أميركية بامتياز وجازمًا بأن العقول الشيطانية أخطر على لبنان من سلاح المقاومة، مُغازلًا الجيش اللبناني في محاولة لضرب الثقة بين الرئيس عون وقائد الجيش رودولف هيكل ورافعًا فزاعة إسرائيل في محاولة مكشوفة لتبرير السلاح.
كيف يمكن لهكذا شخصية أن تكون في مركز القرار اليوم؟ كيف يمكن أن يُسمح لبري بأن يفاوض باسم لبنانيين كثيرين وهو رهينة إيرانية ويتحدث في ذكرى تغييب الإمام الصدر ضد قناعات الصدر نفسه؟ على من يضحك بري وهو من وقّع اتفاقية الاستسلام وهو من كان الحليف الأبرز لحافظ الأسد وبعده بشار وساهم لأكثر من 30 عامًا بضرب المسيحيين تارة بالثمثيل الصحيح وطورًا بالاقتصاد والسياسة والحقوق؟ كيف يمكن لبري أن يخاطب العالم اليوم بضرورة بقاء سلاح قتل جزءًا من اللبنانيين وهددهم؟ كيف يمكن لبري أن يطالب بتخفيف الاحتقان بين اللبنانيين وخطاب الكراهية، وفريقه يمتهن الحقد والضرب والقتل والاغتيال المعنوي وقطع الطرقات وإطلاق النار العشوائي وتشويه السمعة عبر جيش إلكتروني نتنٍ ومصادرة الجامعة اللبنانية والسيطرة عبر «السلبطة» على إدارات الدولة وأموالها؟ كيف يمكن أن ننسى أن بري هلّل لاغتيال بشير الجميّل وساهم في ضرب المارونية السياسية وبعدها السنية السياسية؟
وفي العودة إلى كلمة بري في الذكرى47 لتغييب الإمام الصدر فهي باختصار وُجّهت إلى 90 % من اللبنانيين وإن وافقه أحد اللبنانيين من الزعماء على ما قال، فقد يكون الرئيس السابق للحزب «الاشتراكي» وليد جنبلاط عرفانًا بالجميل على حمايته من القتل يوم قرر وفيق صفا تصفيته بعد أحداث 7 أيار.
مَن مع سلاحكم يا رئيس «حركة أمل»؟ من المسيحيين 99 % ضده ومن السنّة 90 % ومن الدروز 90 % ومن الشيعة
50 % من معكم؟ بعض الإيرانيين والحوثيين ونائب رئيس حكومة حاقد على سياديين اكتشفوه يوم كان جالسًا في حضن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية حينها ياسر عرفات؟ طارق متري الذي يتقيّأ «مانشيت الأخبار» في مقابلاته المشبوهة كنا قد حذرنا منه واعتبرناه وديعة «حزب الله» في حكومة نواف سلام.
من معكم يا رئيس «حركة أمل» غير الحاقدين على الحياة اللاهثين خلف الموت القابعين في غياهب التاريخ الأسود؟ من معكم من أحرار العالم؟ من معكم من أوروبا ومن الخليج العربي ومن العالم العربي والغربي؟ من معكم من المؤسسات الإنسانية والفكرية؟
لا أحد وأنتم لستم مع نفسكم لأنكم تقولون عكس قناعاتكم وقد تكونون مُرغمين، لكنّ لبنان يحتاج رجالًا أقوياء في صنع القرار وليس ورثة مقاعد وأزلام احتلالات… فاسمح لنا يا رئيس «حركة أمل» أن نرى الأمل في حكومتنا وفي رئيسنا ونبحث عن السلام والسلام!