
في شهر التوعية …تشخيص إصابة 3 أطفال بالسرطان كلّ 4 دقائق
تُشخَّص إصابة 400,000 طفل بالسرطان سنويًا في العالم، وهو ما يعني أن 3 أطفال تُشخَّص إصابتهم بالسرطان كلّ 4 دقائق. ومن بين هذه الحالات، يحدث 90% منها في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث لا يبقى على قيد الحياة إلا خُمس الأطفال الذين تُشخّص إصابتهم بهذا المرض، بحسب منظمة الصحة العالمية. وفي المقابل، فإن الأطفال المولودين في البلدان ذات الدخل المرتفع لديهم فرصة تزيد عن 80% للبقاء على قيد الحياة بعد الإصابة بسرطان الأطفال. والاختلاف في معدلات البقاء على قيد الحياة هو أحد أهم أوجه عدم المساواة على مستوى أنواع السرطان وفق ما صدر في بيان عن المنظمة العالمية لمناسبة شهر التوعية بسرطان الأطفال.
خلال حلقة العمل الوطنية للأطراف المعنية بسرطان الأطفال، التي عُقدت أخيراً في مصر، شرح 4 من الناجين من السرطان كيف شكّلت رحلاتهم مع هذا المرض إدراكهم لهبة الحياة، وتحدّثوا عن الجهود الهائلة التي يبذلها مقدّمو الرعاية الصحية وأسرهم لتخفيف آلامهم وتبديد شكوكهم. وقالوا إن دعم الأقران الذي تلقّوه والروابط الاجتماعية التي كوّنوها مع الأطفال الآخرين الناجين من السرطان كانت النور الذي يضيء الأيام الأكثر ظلاماً وصعوبة. وافتتح الحلقة وزير الصحة والسكان المصري الدكتور خالد عبد الغفار.
في عام 2018، أطلقت منظمة الصحة العالمية ومستشفى سانت جود لبحوث الأطفال المبادرة العالمية لسرطان الأطفال بهدف زيادة معدل بقاء الأطفال المصابين بالسرطان على قيد الحياة على مستوى العالم إلى 60% على الأقلّ بحلول عام 2030، والحدّ من معاناتهم وتحسين جودة حياتهم في الوقت نفسه.
وأحرزت الدول الأعضاء في إقليم شرق المتوسط تقدماً كبيراً في تحسين معدل بقاء الأطفال المصابين بالسرطان على قيد الحياة من خلال مواءمة إجراءاتها وأنشطتها مع إطار علاج الجميع.
وهذا التقدُّم على وجه الخصوص جديرٌ بالذكر في ضوء النزاعات المستمرة والممتدة التي أدت إلى هشاشة النظم الصحية ومحدودية الموارد المتاحة في العديد من بلدان الإقليم. وقد التزمت ثمانية بلدان بإعطاء الأولوية لرعاية الأطفال المصابين بالسرطان. ويجري حالياً بناء قدرات القوى العاملة الصحية الوطنية في باكستان والمغرب والجمهورية العربية السورية وليبيا لتيسير التشخيص المبكر لسرطان الأطفال. وفي باكستان والأردن، وُضِعَت بروتوكولات وطنية لعلاج أورام الأطفال، وجرى توحيد هذه البروتوكولات، في حين لا يزال هذا العمل جارياً في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي سوريا. وفي مصر، تعتمد الحكومة سياسات وقوانين التأمين لحماية الأسر من تحمُّل الصعوبات المالية.
وعُقدت الحلقة العملية الإقليمية الأولى عن الرعاية المُلطّفة للأطفال في المغرب. وفي لبنان، أُنشئت لجنة لسرطان الأطفال تضم أصحاب التجارب الشخصية، وممرضات، وممثلين عن منظمة الصحة العالمية، واختصاصيين اجتماعيين، وهو ما يؤكد أهمية اتباع نَهج متعدد التخصصات في التصدي لسرطان الأطفال.
وتُمثل إمكانية الحصول على أدوية فعّالة ومأمونة وميسورة التكلفة عقبةً رئيسيةً أمام تحقيق هدف معدل البقاء على قيد الحياة بنسبة 60٪. وللتغلب على هذا التحدي، أُطلقت المنصة العالمية لإتاحة أدوية سرطان الأطفال في كانون الأول/ديسمبر 2021.
تهدف هذه المنصة العالمية إلى تقديم الدعم منذ البدء حتى الختام، بدءاً باختيار الأدوية وحتى توزيعها وتقديمها إلى المستشفيات التي تقدم الرعاية لمرضى السرطان. ويُقدَّم الدعم بطريقة مُنصفة في بلدان مختارة. وتجمع المنصة بين شراء الأدوية، وتجميع الاحتياجات القُطرية على شكل طلبات أقلّ عدداً وأكبر حجماً، وهو ما يجعلها أكثر فاعلية من حيث تكلفة التصنيع.
وفي عام 2023، أصبح الأردن أول بلد في الإقليم ينضم إلى المنصة. ومن المتوقع أن يحصل الأردن على الدفعة الأولى من الأدوية خلال الأشهر المقبلة. وشكّل وضع المبادئ التوجيهية الوطنية بشأن 6 أنواع من سرطان الأطفال ووضعها بصيغتها النهائية تقدماً كبيرًا في الأردن. ويُمهد ذلك الطريق لوضع مبادئ توجيهية مماثلة في البلدان المجاورة.
وعقب الجهود الناجحة الرامية إلى توحيد رعاية سرطان الأطفال على الصعيد الوطني، اختيرت باكستان في عام 2024 بوصفها أحد بلدان المجموعة الثانية من البلدان التي ستنضم إلى المنصة. وتواصل منظمة الصحة العالمية دعم البلدان في تنفيذ نشاطات المبادرة العالمية لسرطان الأطفال، وتعزيز فرص البلدان في الانضمام إلى المنصة.
ودعت منظمة الصحة العالمية في أيلول (سبتمبر) إلى اعتباره شهر التوعية بسرطان الأطفال، والاتحاد من أجل إذكاء الوعي وتعزيز الإجراءات من أجل مستقبل كل طفل. وعلى رغم من أنه لا يمكن الوقاية من سرطان الأطفال، فإنه يمكن الشفاء منه عند تشخيصه مبكرًا وعلاجه بشكل شامل.
ويعتمد بقاء الأطفال على قيد الحياة على وجود نُظُمٍ صحيةٍ قادرة على الصمود توفر العلاج الفوري والفعال، ويجب إعطاء الأطفال فرصةً للنمو بصحةٍ جيدةٍ، بغض النظر عن مكان ولادتهم.