ليس صحيحاً أنّ براك ـ أورتاغوس لم يأتيا بجديد من إسرائيل إلى لبنان!

ليس صحيحاً أنّ براك ـ أورتاغوس لم يأتيا بجديد من إسرائيل إلى لبنان!

الكاتب: فارس خشان | المصدر: النهار
2 أيلول 2025

تسيطر بلبلة غير مسبوقة بخصوص ما نقله الوسيطان الأميركيان توم براك ومورغان أورتاغوس من القيادة السياسية في إسرائيل إلى المسؤولين اللبنانيين!

من تحدث من المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري قال إنه لم يتلق من الوفد الأميركي أي جديد يُذكر. رئيس الحكومة نواف سلام ونائبه طارق متري، قالا كلاماً بدا مبهماً ومتناقضاً، ما أحدث تشويشاً استفاد منه “مقدِّسو السلاح”!

رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي أناط به الدستور إجراء المفاوضات، اكتفى بالكلام فور مغادرة الوفد الأميركي قصر بعبدا حيث عقد معه اجتماعاً في 26 آب. بعد هذا الاجتماع، وخلافاً للبلبلة التي حصلت لاحقاً في المقرات الرسمية الأخرى، شكر عون الوفد الأميركي على جهوده وأكد التزام لبنان بكل مضامين المذكرة الأميركية التي تمّ تعديلها لبنانياً ووافق مجلس الوزراء اللبناني في السابع من آب على كل أهدافها!

موقف عون هذا لم ينبع من فراغ، بل جاء بعد “جديد” نقله إليه الوفد الأميركي.

في المؤتمر الصحافي الذي انعقد بعد الاجتماع في بعبدا قالت مورغان أورتاغوس: “إسرائيل راغبة في التوجه خطوة مقابل خطوة مع الحكومة اللبنانية”.

وكان لبنان، عند إقرار المذكرة الأميركية قد شدد على وجوب اعتماد قاعدة “خطوة مقابل خطوة”!

وقال توم براك في المؤتمر الصحافي نفسه إنّ

“حكومة لبنان ستقدم اقتراحها في الأيام المقبلة حول طريقة نزع سلاح حزب الله، وإسرائيل ستقابلها، حينها، بخطة حول الانسحاب من النقاط الخمس”.

كل هذا يعني أنّ الوفد الأميركي عاد بجديد من إسرائيل. جديد قد لا يعجب هذا المسؤول أو ذاك، ولكنه يبقى جديداً، ويدخل في سياق تطبيق قاعدة “خطوة مقابل خطوة”! ولكن، لماذا انكب البعض على نسف كل هذه الوقائع؟

من دون شك، هناك ركب ترتجف في لبنان، فساعة القرار قد زفّت. على مجلس الوزراء أن يقرر الجمعة المقبل ما إذا كان فعلاً ينوي التقدم نوعياً نحو تنفيذ قرار سحب السلاح وحصره بيد الدولة.

ولأنّ “حزب الله” هدد بـ”دفاع كربلائي” عن استمرار سلاحه، ثمة من يحاول ابتداع مخارج للحكومة من أجل إسقاط قرارها الاستراتيجي الذي من دونه سيبقى لبنان في حالة فوضى ودمار وعزل واضطراب!

وجد هذا البعض في أقوال السيناتور ليندسي غراهام ضالته، فاعتبر مواقفه الصادمة هي الجواب الأميركي الرسمي.

غراهام المعروف بتأييده غير المشروط لإسرائيل، كان قد أعلن في المؤتمر الصحافي في القصر الجمهوري أنّ “أي نقاش مع إسرائيل بشأن الانسحاب أو الترتيبات الحدودية سيكون بلا جدوى من دون نزع سلاح حزب الله” !

ولكن السيناتور جين شاهين التي كانت هي الأخرى في القصر الجمهوري وتحدثت في المؤتمر الصحافي أصرت على سحب الصدقية “الوسيطة”، وقالت إنّ الجواب الإسرائيلي على المذكرة الأميركية موجود حصراً لدى براك – أورتاغوس ولا علاقة لوفد الكونغرس به، لأن لجولته في المنطقة أهدافاً لا صلة لها بالوساطة بين لبنان وإسرائيل ولبنان وسوريا!

وعليه، إنّ سعي البعض إلى البحث عن حجج غير واقعية لتحييد أنفسهم عن معركة قيام الدولة، لن تجدي نفعاً، فهي تلحق بهم اللعنة وتُبقي لبنان في الجحيم!

وقد يكون الانفعال المؤسف وغير المهذب لتوم براك في المؤتمر الصحافي، يتحمل مسؤولية إعطاء رافضي نزع السلاح أو الخائفين منه، حجة لتشتيت الانتباه عن “الجديد” الذي تبلغه المسؤولون بداية واللبنانيون لاحقاً، وفيه موافقة إسرائيل على مواكبة خطوات الدولة بسحب سلاح “حزب الله” بخطوات تفضي إلى سحب قواتها من الأراضي التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان!