لا قدرة لإيران على ضمان استمرارية السلاح “

لا قدرة لإيران على ضمان استمرارية السلاح “

الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
3 أيلول 2025

رحب المجلس الوزاري لمجلس التعاون لخليجي بقرار مجلس الوزراء اللبناني القاضي بضمان حصر حيازة السلاح بيد الدولة في جميع أنحاء لبنان، استناداً إلى اتفاق الطائف والقرارات الدولية ذات الصلة، موفّرا، في رأي مراقبين، زخما عربيا مهما لاستكمال هذا المسار قبل أيام قليلة من جلسة مرتقبة لمجلس الوزراء يناقش فيها خطة للجيش اللبناني لنزع السلاح.
وكان لإيران خلال الأسابيع التي تلت اتخاذ مجلس الوزراء في 5 آب/أغسطس قرار حصر السلاح، جملة تصريحات عدّت فيها القرار “مؤامرة إسرائيلية”، معلنة رفضها ومشجعة الثنائي الشيعي على التزام الرفض. أدى ذلك إلى تصاعد الخشية لدى هؤلاء، وبعضهم خارج لبنان، من إعادة ربط قضية لبنان عضويا بإيران، بمعنى أن يصبح ورقة في يدها للتفاوض أو من أجل استخدامه ساحة ضد إسرائيل في حال حاجتها إليه، في ظل كلام كثيف في واشنطن وسواها عن توقع حرب إسرائيلية ثانية ضد إيران لا تزال حظوظها مرتفعة جدا. ولذلك كان ثمة انتظار لخطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري انطلاقا من وجوب إدراكه أن نسبة الخطر على لبنان عالية جدا حتى لو سعى إلى كسب مزيد من الوقت في موضوع بت سلاح الحزب مع بوادر ضعف في قدرة لبنان على المبادرة من جهة، وتزايد حجم الانقسام الداخلي من جهة أخرى، في موازاة غياب آلية للحوار.

 

ما يجري عملانيا ساهم ويساهم في انكشاف لبنان أمام احتمالات المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية التي لا يُستبعد حصولها. وقد كانت الضربة الأخيرة التي وجهتها إسرائيل لليمن واضحة وكبيرة جدا، بمعنى ترجمة ما يقوله المسؤولون الإسرائيليون عن استمرار المواجهة على جبهات متعددة. وأثار التدخل الإيراني الواضح والمعلن على خط محاولة تجميد جهود الدولة اللبنانية في المرحلة القريبة المقبلة أو عرقلتها، الخشية أن يكون لبنان قد دخل فعلا من ضمن الأوراق التي تعتزم إيران التفاوض عليها.

حين زار الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني بيروت، أصر على تأكيد استمرار دعم لبنان، في حين يقول ديبلوماسيون إن إيران لا تستطيع أن تقدم شيئا للبنان، حتى لو كانت تختصره بـ”حزب الله” أو بالبيئة الشيعية ككل التي تختصر الشعب اللبناني بها كذلك.

ليس لدى إيران القدرة راهنا على أن تقدم شيئا للحزب ربما، ما عدا بعض الدعم المالي الذي يتم تهريبه عبر سبل مختلفة، لكن الأهم في هذا السياق أن لا قدرة لها على تعزيز السلاح ولا حتى على ضمان إبقائه للحزب أو في يده. فهي تريد الاحتفاظ بهذه الورقة لتقايض بها الولايات المتحدة أو حتى إسرائيل بضمانات لبقاء النظام الإيراني واستمراره، لأنها باتت تفاوض على مصيرها وليس على دورها الإقليمي، فتبعث برسالة لكل منهما أنها هي من يمكنها نزع السلاح لأن الدولة اللبنانية لن تستطيع أن تفعل ذلك بالقوة، فيما تشجع الحزب على عدم الاقتناع بالقيام بذلك سلما وطوعا. وهكذا يكون لبنان يقدم الكثير لإيران، وسيكون مفيدا لها في التفاوض لمصلحتها، فيما لن تستطيع هي أن تقدم للبنان أو للحزب أي شيء في المقابل.

والكلام على انتظار المفاوضات الإيرانية – الأميركية علّ نتائجها تؤدي إلى الحفاظ على سلاح الحزب، أمر غير واقعي، لأن إسرائيل، على الأقل، لن تقبل ببقاء صواريخ الحزب أو مسيّراته، ولا تستطيع إيران أن تضمن له عكس ذلك، وجلّ ما ستفعله هو التفاوض على هذا السلاح لمصلحتها فحسب. ولذا فإن قرار الحكومة حول حصرية السلاح أثار حفيظة إيران التي تحركت بقوة بتصريحات متتالية، لأن هذا القرار أعطى لبنان ما يمكن أن يفاوض عليه هو. وتاليا، في ظل الإصرار الإسرائيلي على عدم إتاحة المجال للحزب لإعادة بناء نفسه أو حتى إخراج سلاحه من مخبئه لاستخدامه، حتى لو أثبت هذا السلاح أنه لا يستطيع ردع إسرائيل أو مواجهتها، فإن المكان الوحيد الذي يستطيع حماية هذا السلاح هو الدولة اللبنانية.

ما هو على المحك في جلسة الجمعة المقبل، أن الدولة لا تستطيع أن تتراجع وتقدم للحزب ورقة قوة داخليا، فيما هو لم يعد في هذا الموقع كما كان في السابق حين اتهم حكومات باللاميثاقية، منسحبا من حكومة فؤاد السنيورة التي استمرت. والتزامات الدولة ليست إزاء الحزب فحسب، لأنه لا يختصر الشعب اللبناني، بل إزاء كل اللبنانيين والخارج أيضا، فيما يبحث لبنان عن فرصته في استعادة موقعه وبعض الدور والحضور.

قد تطول المهل الزمنية بعض الشيء بحسب بعض الترجيحات، ولكن لا يمكن تجاهلها لأن لا تنفيذ لأي قرار، أيا تكن طبيعته، من دون مهلة زمنية، والأمور تغيرت جدا في المنطقة ولا يمكن التخلف عن مواكبتها.