خاص- جلسة المنازلة حول السلاح: واشنطن تضغط وإسرائيل تتفرّج

خاص- جلسة المنازلة حول السلاح: واشنطن تضغط وإسرائيل تتفرّج

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
3 أيلول 2025

يسود الترقّب والضبابية جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد الجمعة لعرض خطّة الجيش حول حصريّة السلاح والمصادقة عليها. وقبل ثمانٍ وأربعين ساعة من الموعد، لا يُعرف في أيّ اتّجاه ستذهب الأمور. وتتراوح التوقّعات بين قيام الحكومة بالاطّلاع على الخطّة من دون إقرارها، وصولاً إلى التصويت عليها، حتّى لو انسحب الوزراء الشيعة، كما حصل في الجلستين السابقتين. وفي هذه الحالة الثانية، تتراوح التوقّعات أيضاً بين مجرّد تسجيل اعتراض شيعي، أو حصول تصعيد في الشارع.
وسبب هذه الضبابيّة يعود إلى المنازلة المرتقبة في الجلسة، تحت تأثير الضغط الأميركي الكبير من جهة، ورفع السقف من جانب “حزب الله” من جهة أخرى. ويحيط بهذه الجلسة أيضاً مشهد من المواقف المتباينة أو غير المنسجمة بين كلّ من الموفدين الأميركيين اللذين يتولّيان الملفّ اللبناني والتوجّه الإسرائيلي الحقيقي الذي لا يواكب الجهد الأميركي. وظهر ذلك في الزيارة الأخيرة التي قام بها كلّ من توم برّاك ومورغان أورتاغوس لتلّ أبيب ثمّ لبيروت، حيث كان الجانب الأميركي يأمل في الحصول من إسرائيل، ولو على خطوة واحدة تساعده في مهمّته الصعبة. وقد عبّر برّاك عن ذلك، حين قال إنّه “طلب من نتنياهو أن يعطي لبنان فرصة وبعض التسامح والتفهّم”.
ولكن، يبدو أن الخطط الاستراتيجية الإسرائيلية لا تتماشى دائماً مع التوجّهات الأميركية. هذا ما حصل في غزّة عندما أراد الرئيس دونالد ترامب إنهاء الحرب، لكنّ نتنياهو قرّر في النهاية احتلال كامل القطاع. فهدفه ليس التوصّل إلى تسوية، بل إنهاء وجود “حماس” والسيطرة على غزّة وطرد الفلسطينيين منها، إذا استطاع. وهذا حصل أيضاً في الموضوع الإيراني، عندما دفع انخراط إسرائيل في الحرب على طهران إلى قيام الولايات المتّحدة بضرب المنشآت النووية بالقنابل الخارقة.
أمّا في سوريا ولبنان، فلدى إسرائيل تطلّعات للبقاء في الأراضي التي احتلّتها مجدّداً، على أساس أنّها لا تثق بالحكم في دمشق، ولا بقدرة الحكومة اللبنانية على مواجهة “الحزب” والحدّ من نفوذه.
لذا، فإنّ المحادثات التي كانت جارية بين الجانبين السوري والإسرائيلي على المستوى الوزاري من أجل التوصّل إلى اتّفاق أمني، تباطأت بعدما تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن منطقة منزوعة السلاح تمتدّ من الجولان إلى السويداء. وهو برّر ذلك بأنّه ليس ساذجاً، وأنّه يعرف مع من يتعامل في سوريا.
وفي ما خصّ لبنان، هناك توجّه على مستوى المسؤولين الأمنيين في إسرائيل إلى إقامة منطقة عازلة في جنوب الليطاني. وهذه التوجّهات سُلّمت رسمياً إلى الحكومة التي تبنّتها ضمناً. لذلك، فإنّ نتنياهو غير مستعدّ، الآن على الاقلّ، لتقديم أيّ تنازل ولو رمزي، من أجل تشجيع مهمّة براك وأورتاغوس الهادفة إلى دعم الحكومة اللبنانية في خططها لسحب السلاح من كلّ الأطراف وحصره بالقوى الشرعيّة. وهو يفضّل أن يراقب ما سيحدث، وما إذا كان سلاح “الحزب” سيُنزع فعلاً، ويريد التأكّد بنفسه من ذلك. وعليه، فإنّ إسرائيل التي تريد نزع سلاح “الحزب”، غير مستعجلة في الوقت نفسه من أجل ذلك. فالوضعية الحالية تناسبها، إذ إنّها تسيطر على لبنان جوّاً، وتستطيع أن تدمّر ساعة ترى ذلك مناسباً أيّ هدف تعتبره مهدّداً لأمنها، من دون أن يكون لدى الطرف المقابل القدرة على الوقوف في وجهها. كما أنّ هذه الوضعية تسمح لها بتبرير بقائها في الجنوب اللبناني إلى أجل قد يطول. وربّما يصبّ ذلك في أهداف عقائدية توسّعية لدى الدولة العبرية. ولا مانع لديها إذا ما قدّم لها “الحزب” الذريعة بسبب تمسّكه بالسلاح، من أجل الإبقاء على احتلالها.
ومن ضمن هذه الصورة، تبدو جلسة الجمعة غير محسومة النتائج. ولكن، يبدو أنّ الأميركيين مصرّون على إنجاح خطّة سحب السلاح. لذا ستحضر أورتاغوس إلى بيروت نهاية الأسبوع برفقة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال مايكل كوريللا. وسيجريان لقاءات مع مسؤولين عسكريين وأمنيين، للبحث في خطّة نزع السلاح. فقد وعدت أورتاغوس في المرّة السابقة بتقديم المساعدة في تطبيق الخطّة التي أعدّها الجيش. وسنرى في أيّ اتّجاه ستكون هذه المساعدة.