رئيس هيئة المفقودين في سوريا: لا أرقام رسمية والأولوية لـ«سنوات الثورة»

رئيس هيئة المفقودين في سوريا: لا أرقام رسمية والأولوية لـ«سنوات الثورة»

الكاتب: سعاد جروس | المصدر: الشرق الاوسط
4 أيلول 2025

تستعد الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا لإطلاق منصة دعم دولية بعد المنصة الوطنية التي أطلقتها قبل أيام بالشراكة مع منظمات سورية. وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» قال رئيس الهيئة محمد رضا جلخي، إن «ولاية الهيئة تشمل كل المفقودين السوريين بغضّ النظر عن الزمان والمكان والانتماء».

جاء ذلك عقب زيارة له إلى بيروت على رأس وفد رسمي بحث مع الجانب اللبناني ملف السوريين المفقودين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في سوريا.

وأكد جلخي وجود تحديات «كبيرة للعمل على ملف المفقودين قبل عقود طويلة بسبب مرور زمن كبير على الأدلة والثبوتيات»، إلا أن الأولوية، حسب جلخي، «تُعطى للمفقودين خلال فترة الثورة السورية دون إغفال أي ملف آخر مرتبط بموضوع المفقودين».

متابعة لبنانية – سورية

كانت تقارير إعلامية قد أفادت باتفاق الجانبين اللبناني والسوري على تشكيل لجنتين لبحث مصير نحو ألفي سوري داخل السجون اللبنانية، ومتابعة ملف اللبنانيين المختفين داخل سوريا منذ عقود، حيث يسعى الجانب اللبناني إلى وضع الملفين على الطاولة ومعالجتهما معاً.

وتشير المعلومات المتداولة إلى وجود نحو 800 معتقل سوري في لبنان، جرى توقيفهم لأسباب أمنية تتعلق بقضايا «الإرهاب» بينهم العشرات دون محاكمة. وفي المقابل تتفاوت التقديرات حول أعداد اللبنانيين المفقودين في السجون السورية خلال عهدي الرئيسين حافظ وبشار الأسد، وتقدر جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية العدد بـ622 مفقوداً، إلا أن قائمة وزارة العدل اللبنانية الصادرة عام 2024 ضمت أكثر من 6500 مفقود.

وقال جلخي: «تم الاتفاق على التنسيق بين الهيئة السورية للمفقودين والهيئة اللبنانية للمفقودين على ترتيب مزيد من اللقاءات والتنسيق لمعالجة هذا الملف وفتح نقاشات حول المفقودين اللبنانيين في سوريا والمفقودين السوريين في لبنان»، لافتاً إلى أن الهيئة تستعد لإطلاق منصة ثانية على مستوى دولي، بالشراكة مع منظمات دولية لدعم آليات العمل مع الهيئات والجهات الدولية المعنية بالمفقودين.

تقنيات البصمة الوراثية

وأشار جلخي إلى أن الهيئة حالياً في «طور توقيع اتفاقيات للاستفادة من مخابر مركز التقانة الحيوي في جامعة دمشق، ومخابر هيئة الطاقة الذرية، ومخابر وزارة الصحة»، كاشفاً عن حصول الهيئة على «منح للتدريب على تكنولوجيا الحمض النووي للسوريين خارج سوريا».

وعمَّا إذا كانت الهيئة قد تلقت دعماً من دول معينة للمساعدة فيما يخص اختبارات الحمض النووي، قال جلخي إن الهيئة تلقَّت عروضاً للتعاون والتنسيق بخصوص تقديم تقنيات أو تجهيزات تتعلق بمخابر الحمض النووي من بعض الجهات، إلا أن «الأولوية حالياً لبناء قدرات السوريين في التعامل مع تقنيات الحمض النووي والبصمة الوراثية وغيرها من التقنيات ذات الصلة». وفيما يتعلق بالتمويل قال إن الهيئة «سوف تكون لها ميزانية مخصصة من الحكومة السورية وهي أيضاً منفتحة على تلقي الدعم من أي جهة مهتمة بدعم هذا الملف، على أي صعيد».

مئات آلاف المفقودين

تتراوح تقديرات أعداد المفقودين السوريين منذ عام 2011 بين 120 و300 ألف شخص، مع احتمال تجاوز هذه الأرقام لأن الكثير من العائلات لم تبلّغ عن مفقوديها لأسباب أمنية وسياسية واجتماعية. وحسب الأرقام المتداولة، هناك أكثر من 63 مقبرة جماعية في سوريا، ويقول رئيس الهيئة محمد رضا جلخي: «لدينا خريطة أولية للمقابر الجماعية في مختلف المناطق السورية، وهي قيد التحديث المستمر»، مشيراً إلى وجود تعاون مع وزارة الداخلية حول «إصدار تعليمات وبروتوكولات خاصة تتعلق بحماية هذه المقابر والتعامل مع كل الأدلة الموجودة فيها، والتي يمكن أن تكون ذات أهمية فيما يخص ملف المفقودين».

وأكد رئيس الهيئة «عدم وجود إحصاء رسمي أو أرقام دقيقة حتى الآن لأعداد المفقودين والمفقودات». وقال إن الأرقام المتداولة هي «تقديرات وتوثيقات من عدد من المنظمات التي عملت في السنوات الماضية على هذا الملف»، مشيراً إلى أن الهيئة لم تبدأ بعد بتسجيل «أسماء المفقودين» وأنها حالياً «بصدد بناء منصة إلكترونية وآليات تسجيل وإبلاغ تتيح لكل العائلات في أي مكان تسجيل بيانات مفقوديها». وأضاف أن بناء «قاعدة بيانات وطنية موحدة لكل المفقودين» تتطلب وقتاً.

وحول تنسيق الهيئة الوطنية للمفقودين مع مسار العدالة الانتقالية، قال جلخي إن «هناك تنسيقاً مستمراً بين الهيئتين فيما يخص ملف المفقودين»، وتتولى هيئة المفقودين مساري التوثيق والدعم لعائلات المفقودين، أما هيئة العدالة الانتقالية فهي مسؤولة عن مسارات أخرى ترتبط بالعدالة والمحاسبة وجبر الضرر وغيرها.