
خاص- دولة القانون في مواجهة دولة السلاح… والجيش في قلب المعركة!
غدًا، تنعقد حكومة نواف سلام في جلسة غير عادية، عنوانها الأبرز: حصرية السلاح بيد الدولة. للوهلة الأولى قد يبدو البند سياسيًا تقليديًا، لكنه في الواقع أخطر اختبار للكيان اللبناني منذ انتهاء الحرب الأخيرة. فالنقاش لم يعد يدور حول شعارات عامة، بل حول خطة واضحة وضعها الجيش اللبناني، بدعم مباشر من المجتمع الدولي وغطاء سياسي داخلي غير مسبوق.
للمرة الأولى، يجد الجيش نفسه في صدارة المشهد، مكلفًا رسميًا بتنفيذ مسار نزع سلاح حزب الله أو وضعه تحت سلطة الدولة. هذه المهمة ليست محصورة بقدرات المؤسسة العسكرية وحدها، بل محمية بثلاثة مستويات أساسية:
١. الغطاء الدولي: واشنطن وباريس ومعظم العواصم العربية تعهّدت بتأمين الدعم المالي واللوجستي للجيش مقابل التقدّم الفعلي في هذا الملف.
٢. الغطاء السياسي الداخلي: رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ومعهما قوى المعارضة وعلى رأسها الكتائب والقوات واللقاء الديمقراطي، يقفون خلف الجيش بشكل علني.
٣. الغطاء الشعبي: المزاج العام في الشارع، خصوصًا بعد الكلفة الباهظة للحرب الأخيرة، يميل بوضوح لصالح قيام دولة واحدة وسلاح شرعي واحد.
لكن حزب الله يرفض حتى الآن أي بحث جدي في نزع سلاحه، ويصف ما يجري بأنه “مؤامرة خارجية” و”اعتداء على المقاومة”. وبين هذين الموقفين، تبرز السيناريوهات التالية:
• المضي في التنفيذ: إقرار خطة الجيش في الجلسة والبدء بخطوات تدريجية، ما يفتح الباب أمام مواجهة سياسية وربما أمنية مباشرة مع الحزب.
• الحوار المشروط: إحالة الملف إلى طاولة حوار وطني برعاية نبيه بري، كآلية لتخفيف الصدام وتأجيل الحسم.
• السيناريو الدولي الأوسع: إدراج نزع السلاح ضمن صفقة إقليمية تشمل انسحابًا إسرائيليًا من مزارع شبعا والغجر، وربط الملف بإعادة إعمار الجنوب ودعم الاقتصاد اللبناني.
• التصعيد الميداني: في حال شعر الحزب أن الدولة جادّة في المواجهة، قد يلجأ إلى الشارع أو إلى الجنوب للضغط وإظهار أن “المقاومة باقية”.
جلسة الغد لن تكون عادية، فهي تضع لبنان أمام خيارين تاريخيين:
إمّا أن يثبت الجيش، المسنود سياسيًا وشعبيًا ودوليًا، أنه قادر على فرض سيادة الدولة وسلطة القانون، وإمّا أن يكرّس الحزب معادلة ازدواجية السلاح التي كبّلت الجمهورية لعقود.
إنها جلسة بين مشروعين: مشروع الدولة الحديثة ومشروع الدولة – الميليشيا. وما سيخرج عن السراي غدًا قد يحدد شكل لبنان لعقود قادمة.