جعجع للشيعة: عزتكم في الدولة لا في سلاح حزب الله… والوصاية إلى زوال

جعجع للشيعة: عزتكم في الدولة لا في سلاح حزب الله… والوصاية إلى زوال

7 أيلول 2025

اشار رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، في قدّاس شهداء المقاومة اللبنانية الى انّه “رفاقي الشّهداء، عامًا بعد عام، ولعقود خلت، كنّا نلتقي وبالأخصّ في هذا المكان بالذّات، حيث كنت أقول لكم دائمًا: ناموا قريري العين. أنا أعرف أنّكم، وحتّى عندما كنتم بيننا على هذه الأرض، ما كنتم تنامون، فكيف بالحريّ بعدما أصبحتم في العلياء، حيث أنتم. المقصود بقولنا ذلك لم يكن طبعًا أن تناموا، بل أن تكونوا مطمئنّين إلى أنّنا، نحن رفاقكم هنا، على العهد باقون، وحتّى تحقيق الأهداف التي من أجلها استشهدتم، مستمرّون. البعض كان يعتبر هذا الكلام، خصوصًا في السّنوات الصّعبة، وقد كانت تقريبا كلّها صعبة، كلاما من قبيـل رفع المعنويّات أو لأغراض خطابيّة. لكنّنا نلتقي اليوم، وقد تأكّد المؤكّد، بأنّ هذا الكلام لم يكن لا لأغراض خطابيّة ولا لرفع المعنويّات، بل لتوصيف واقع نضالنا كما هو بالتمام، وللكلام عمّا نحن فاعلون بكلّ دقّة وأمانة وإخلاص”.

وقال انّه “منذ خمسين عاما تجرّأنا، وسقط منّا الشّهداء قوافل قوافل ليبقى لبنان، وبقي لبنان. خمسون عامًا، ونحن نناضل، نقاوم، نواجه، وندفع الأثمان الغالية في وجه احتلال من هنا ووصاية من هناك، وسلاح من هنا وترسـانة من هناك. لوحقنا، نكّل بنا، ركّبت بحقّنا الملفّات والاتّهامات والمحاكمات، منع وقمع، اعتقال واغتيال، وما تخلّينا عن ذرّة من قناعاتنا”.

وأفاد جعجع بأنّه “بعد خمسين عامًا، تأكّد للقاصي والدّاني ما كنّا نردّده دومًا بأنّ دماءكم لم تذهب هدرًا، وبأنّ التّضحيات بالأرواح والدّمّ والعرق والسّهر، تثمر حتمًا وحكمًا. شهداؤنا الأبطال، كما خضتم المعارك العسكرية بشرف وإخلاص فريد للقضيّة حتى الشهادة، خضنا وبوحي شهادتكم أعتى المعارك الوطنيّة والسّياسيّة والانتخابيّة، وانتصرنا في محطّات معبّرة. وعلى غراركم، لم نكن نملك القدرات الكبيرة ولا الإمكانات الكافية، لكنّنا صمدنا وخضنا المواجهات، فعوّضنا بالإيمان والجرأة والشجاعة والتخطيط والإقدام، ما فاتنا بالعدّة والعديد”.

وأكّد انّه “أجل، تجرّأنا حيث لم يجرؤ الآخرون ليبقى لبنان وتبقى لنا الحرّيّة والسيادة، ونجرؤ اليوم وسنجرؤ دائمًا وأبدًا، لنبقى ونستمرّ في وطن عزيز، ودولة ناجزة السّيادة”.

وأعقب جعجع انّ “رفاقي الشهداء، نلتقي اليوم لنقول لكم بالفم الملآن والرأس المرفوع والضمير المرتاح، بأنّنا كنّا بالفعل على قدر التّحدّي. لقد واجهنا ما لم يواجهه أحد، بدءًا باستشهادكم وانتهاءً باستشهاد الياس الحصروني وباسكال سليمان وسليمان سركيس ورولان المر، وما بين ذلك من نضال، وتعب، وكدّ، وجدّ، واضطهاد، وسجن، وملاحقات، ومضايقات، ومحاولات عزل وحصار لم تنته حتّى السّاعة. لكنّنا واجهنا دائمًا ببسالة وثبات. لم نحد لحظة عن خطّنا التّاريخيّ، خط سيادة الدّولة اللبنانية، خط القوات اللبنانية، خط حرّيتنا التي لا تقبل أيّ مساس بها، وخط قناعاتنا كلّها”.

وأعلن انّ “المواجهة المستمرّة كانت شعارنا كلّ يوم، وفي كلّ مناسبة وفي كافّة الظّروف، ومهما كان الثّمن، إلى أن دار التاريخ دورته الكاملة وأثمرت مواجهاتنا المستمرّة انتصارات كاملة وفي كلّ الاتّجاهات. “إذا طمحت للحياة النّفوس، فلا بدّ أن يستجيب القدر”. ولقد طمحنا للحياة وواجهنا في سبيلها، ولقد استجاب القدر”.

وقال جعجع “رفاقي الشهداء والأحياء، ما ناضلنا واستشهدنا وتقطّعت أوصال البعض منّا في سبيله، قد تحقّق. أحلام خمسين عامًا تحقّقت كلّها دفعة واحدة. من كان ليقول. كنّا نناضل بنور التزامنا وإيماننا فقط لا غير، من دون أيّ موازين قوى لصالحنا، وحتّى من دون أيّ أفق، وحتّى من دون أن نرى بصيص أمل في نهاية النّفق. كنّا نقاتل ونناضل ونواجه ببصيص نور إيماننا وثقتنا بالله وبأنفسنا فحسب”.

وأكّد أننا “من أعماق السّجون، تحت سابع أرض ناضلنا. في أصقاع الدّنيا الأربعة استمرّينا، في كلّ زاوية من زوايا لبنان المعتمة صمدنا بعيدًا من أعين سلطة الوصاية وعلى الرّغم من بطشها. كم قيل لنا: أنتم مستمرّون على أيّ أساس؟ وعلام أنتم متّكلون؟ كلّ المعطيات تشير إلى أنّكم خاسرون ولا أمل لكم في شيء بتاتًا. المعادلة الدّاخليّة ضدّكم، والمعادلة الإقليميّة بوجود سوريا الأسد تطلب رأسكم، والمعادلة الدولية غائبة”.

وتابع: “دار التّاريخ دورته الكاملة وأثبت للجميع من دون استثناء، أنّنا، وبعدما كنّا الأخيرين في تصنيف الأخصام، أصبحنا الأوّلين باعتراف الجميع، وأنّ الحجارة التي رذلها بنّاؤو السّياسة الرخيصة في لبنان، ورموا بها في السجون، وبعثروها في أصقاع الدّنيا الأربعة وغياهب النّسيان، قد أصبحت حجارة الأساس التي يقوم عليها البناء كلّه ولبنان الغد. العبرة من كلّ هذا: مهما حاول المحاولون، ومهما كثر الشرّ، ومهما طغى السّوء فإنّه في نهاية المطاف لن يصحّ إلّا الصّحيح، ولن تكون إلّا مشيئته، كما في السّماء كذلك على الأرض”.

واكمل جعجع: “أيّها اللبنانيّون، 35 عامًا بالتمام والكمال من حياتنا الوطنيّة والمجتمعيّة والشخصيّة أضاعوها علينا. 35 عامًا من الأحلام المنكسرة، والفرص الضّائعة، والعذابات والآفاق المسدودة والشّابّات والشّبّان الذين اضطرّوا اضطرارا إلى الانسلاخ سلخا عن أهلهم. 35 عامًا من العائلات الممزّقة، والقرى النّازفة والوطن الجريح. 35 عامًا تركت تقريبًا في قلب كلّ لبنانيّ ولبنانيّة قصّة مؤلمة موجعة عن وطن منشود لم يوجد، عن قانون لم يُطبّق، عن لقمة عيش سرقتها جماعة الأسد والممانعة وحلفاؤهم من اللّصوص المحلّيّين من أفواه أطفالنا، واستمرّوا بعد خروج الأسد من لبنان وحتّى البارحة. نحن لا نتطرّق إلى هذا الموضوع للبكاء على الأطلال، بل لأخذ العبر ووضع حدّ نهائيّ للسّنوات الضّائعة والانطلاق نحو المستقبل.

وأشار الى أننا “لن نقبل بعد الآن ألّا يكون القرار لبنانيّا مئة بالمئة. لن نقبل بعد الآن بأيّ قرار مهما صغر أو كبر خارج إطار المؤسّسات الدّستوريّة: رئاسة الجمهوريّة، المجلس النّيابيّ، ومجلس الوزراء. لن نقبل بتجيير للمصلحة اللبنانيّة العليا لأيّ من المصالح الأخرى مهما سمت ومهما كان اسمها. القضية اللبنانية أوّلا وأوّلا وأوّلا، وأخيرًا وأخيرًا وأخيرًا على كلّ ما عداها”.

وتوجّه جعجع الى محور المقاومة قائلًا: “محور الممانعة، لقد أمسكتم، وبقوّة السّلاح والإرهاب، برقاب اللبنانيّين لسنوات طويلة ودمّرتم أحلامهم ومؤسّساتهم وأردتم فرض مشروعكم على حساب مشروع الدّولة. لقد ارتكبتم أخطاء وخطايا فظيعة بحقّ لبنان، وشعبه وبحقّ أنفسكم وبيئتكم. لقد أخذتم لبنان رهينة وصادرتم قرار الحرب والسّلم بعدما أمعنتم في تمزيق الدّولة وتحويلها إلى أشلاء، وفي تقطيع أوصال لبنان وعلاقاته مع محيطه العربيّ والمجتمع الدّوليّ. ذهبتم إلى القتال في سوريا دفاعًا عن نظام مجرم، إلى حرب لا ناقة للبنان فيها ولا جمل ولا تمتّ بصلة إلى مفاهيمه ودوره وتكوينه. تورّطتم في حرب إسناد وأخطأتم التقدير وجلبتم النّار والدمار والويلات والنّكبات”.

وتابع: “محور الممانعة، خسرتم الحرب التي كشفت عن ضعفكم، وعن اختراقات واسعة في صفوفكم. وافقتم على اتّفاق وقف إطلاق النّار مع علمكم أنّه تسليم واستسلام. وبعد كلّ ذلك، تكابرون وتنكرون الخسارة والواقع الجديد، وتتكبّرون على الدولة وتتّهمونها هي بالتّخاذل وتحمّلونها مسؤوليّة ما آلت إليه أوضاعكم وأوضاع البلد وتتذرّعون دائمًا أبدًا باتّفاق وقف إطلاق النّار، وبأنّكم التزمتم بينما إسرائيل لم تلتزم”.

وأكّد انه “صحيح أنّ إسرائيل لم تلتزم، لكن كنتم أنتم البادئين بعدم الالتزام، إذ إنّ اتّفاق وقف إطلاق النار لم ينصّ فقط على وقف لإطلاق النار، إنّما أيضًا على فكفكة كلّ البنى العسكريّة غير الشّرعيّة في لبنان وإيداع أسلحتها لدى الجيش اللبناني وألّا تبقى قوى مسلّحة في لبنان إلّا الشّرعيّة منها، وقد حدّدها حصرًا اتفاق وقف إطلاق النّار الذي كنتم أنتم بالتّحديد وراءه”.

وأشار الى أنّ “محور الممانعة، دائما تتناسون، بحجج مختلفة الموجبات المترتّبة عليكم، وتتلطّون بالإسرائيليّين، والإسرائيليّون بدورهم يتلطّون بكم، فيما الشعب اللبنانيّ محاصر في الوسط. لدينا في الوقت الحاضر مشكلتان، لا مشكلة واحدة فقط: المشكلة الأولى الاعتداءات الإسرائيليّة واحتلال بعض النّقاط في الجنوب، والمشكلة الثّانية هي السلاح غير الشّرعي في الداخل”.

واكّد أنّ “مشكلة السلاح غير الشّرعي تُستعمل في الدّاخل كحجّة وذريعة وتغطية للاحتلال الإسرائيليّ في الجنوب، بالوقت الذي لا يقدّم هذا السّلاح ولا يؤخّر في المعطى الإسرائيليّ، وكما أظهرته بوضوح أحداث السّنتين الأخيرتين، وفي الوقت الذي تأخذه إسرائيل حجّة وذريعة مقبولة لدى جميع أصدقاء لبنان، لاستمرارها في اعتداءاتها. فهل يكون مطلب نزع كلّ سلاح غير شرعيّ مطلبًا غير وطنيّ ويضعف موقف لبنان؟ بالإضافة إلى هذا الاعتبار العملانيّ المرحليّ، وأهمّ منه بكثير كثير، تأتي الأسباب اللّبنانيّة الدّاخليّة الجوهريّة الكائنة وراء هذا المطلب من تطبيق اتّفاق الطائف، وصولًا لقيام دولة حقيقيّة في لبنان”.

وأعلن عن انّه “لا خلاص للبنان، بكافّة المجالات، من دون قيام دولة فعليّة في لبنان. ولا دولة فعليّة بوجود سلاح غير شرعيّ خارجها”.

وأكّد جعجع أنّ “أقصر طريق لإخراج إسرائيل من الجنوب ووقف اعتداءاتها هو قيام دولة فعليّة في لبنان، لا بل، وكما أصبح واضحًا الآن، لا طريق البتّة للتّخلّص من إسرائيل واعتداءاتها إلّا بقيام دولة فعليّة في لبنان. فهل يكون مطلب نزع أيّ وكلّ سلاح غير شرعيّ وقيام دولة فعليّة مطلبًا غير وطنيّ؟ أم أنّه المطلب الوحيد الوطنيّ بامتياز؟”.

وأشار الى أنّه “تشاركون في الحكومة وتوافقون على بيانها الوزاريّ ثمّ تنقلبون عليها وترفضون “حصر السّلاح” عندما دقّت ساعة الحقيقة وحان الوقت لوضع هذا المبدأ موضع التّنفيذ. تتحاملون على رئيس الجمهوريّة وتهدّدون رئيس الحكومة وتتّهمونهما بالخيانة وتنفيذ أجندة أميركيّة، أنتم المنخرطون في مشروع إيرانيّ توسّعيّ مدمّر كنتم رأس حربة فيه وفي مقدّمة أدواته وأذرعه، وخدمتم أهدافه والتزمتم بأجندته غير آبهين بمصلحة لبنان واللّبنانيّين”.

وأكمل انّه “بدل أن تستفيقوا وتهدأوا وتراجعوا حساباتكم، تراكم تندفعون إلى الأسوأ وتهدّدون بحرب أهليّة، وبالويل والثّبور وعظائم الأمور عندما أقدمت الحكومة، انطلاقًا من مسؤوليّاتها الوطنيّة، وتنفيذًا لاتّفاق الطّائف وعملًا بأحكام الدّستور، على البدء في تنفيذ قرارها وخطّتها في حصر السّلاح بيد الدّولة”.

وتابع جعجع: “لأخذ العبرة فحسب ومن بيت أبيكم بالذات: قبل أسبوعين من قبول قرار وقف إطلاق النار في الحرب العراقيّة الإيرانيّة في العام 1988، أكّد الإمام الخمينيّ على استمرار المقاومة، واصفًا أيّ تردّد في هذا المسار بالخيانة. بعدها بأسبوعين فقط، أعلن الإمام الخمينيّ قبوله بوقف إطلاق النار، ولو أنّ هذا القبول بالنّسبة له كان كمن يتجرّع العلقم. اليوم، أنتم في حزب الله في وضع مماثل، تعلنون التّمسّك بسلاحكم وتستعيدون خطاب الحروب، بينما الواقع على الأرض يتطلّب اتّخاذ قرارات واقعيّة وتجنّب المزيد من الانتحار”.

وقال: “كفاكم العيش في حالة إنكار، فلا أحد منّا أكبر من التّاريخ. إفعلوا ذلك وتجرّؤوا، إن لم يكن من أجلكم، فعلى الأقلّ من أجل حاضنتكم الشعبية التي آمنت بكم، وإذ بسلاحكم هذا يجرّ عليها الويلات. فالحصيلة كارثيّة: بلدات وقرى دمّرت عن بكرة أبيها وأصبح أبناء بيئتكم غير مرغوب بهم في معظم دول العالم لا سيّما في الدول العربية. هل نصرتم بسلاحكم المظلوم؟ أم ساندتم المحروم؟ أم سلّيتم المأزوم؟”.

وأشار جعجع الى انّه “دعونا من الشّعارات وأبرزها: أقتلونا فإنّ شعبنا سيعي أكثر فأكثر. شعبكم وعى الحقيقة وهي حقيقة مؤلمة، وعى أنّ الحياة أهمّ من الموت، وأنّ الأطفال الأحياء هم الكرامة الحقيقيّة. عودوا إلى لغة العقل، وتعقّلوا وشاوروا وتذكّروا كلام الإمام عليّ: “من شاور الرّجال شاركها في عقولها، وأعقل النّاس من أضاف عقول النّاس على عقله”.

وأعلن اننا “نقول لكم بكلّ صراحة وبساطة: إذا كنتم تعتقدون وتتصوّرون أنّ بإمكانكم التّهديد والوعيد والتّهويل والتّخويف فأنتم مخطئون واهمون… لا 7 أيّار من جديد ولا من يحزنون، ولا من يطوّقون السّراي. لا حرب أهليّة ولا أحد يريدها، وإذا أردتموها حربًا من طرف واحد فافعلوا، ولكن اعلموا أنّ مشكلتكم ليست مع أيّ طائفة أو فريق أو مع أيّ حزب، مشكلتكم مع الدولة ومع حكومتها وجيشها ومؤسّساتها وداعميها ومع أغلبيّة ساحقة من الشّعب اللبنانيّ”.

وتابع “لن نقبل بعد اليوم أن يتحكّم فريق بمصير الشعب اللبناني، وليكن معلومًا أنّ أحدًا في لبنان لا يمكنه لوحده أن يحكم ويتحكّم بمصير اللبنانيّين، وأنّ أيّ فريق في لبنان مهما تكبّر وتجبّر لا يمكنه أن يُهيمن على الدولة ويصادر قرارها ويفرض قراره ومشيئته”.

وقال “إذا قرّرتم مواجهة الأكثرية اللبنانية وضرب عرض الحائط بمبادئ وقواعد العيش المشترك والوحدة الوطنيّة والسّلم الأهلي، وإذا كنتم تهربون من حرب مع إسرائيل إلى حرب في الدّاخل، فأنتم ترتكبون خطأ وخطيئة وخيمة العواقب لا تغتفر”.

وأشار جعجع الى انّ “أنتم عرفتم بعد فوات الأوان أنّ حربكم مع إسرائيل خاسرة مدمّرة، وعليكم أن تعرفوا وقبل فوات الأوان أنّ حربكم في الداخل أيّا تكن ستكون خاسرة ومدمّرة أكثر وستخسرون كلّ شيء. وإذا كنتم تتهرّبون من تسليم السلاح وتدّعون أنّ ذلك إن فعلتم سيكون استسلامًا، فأنتم تهربون من الاستسلام إلى الانتحار وتنحرون البلد معكم”.

وأكّد انّه “أدركتم بعد فوات الأوان أنّكم تورّطتم في حرب خاسرة ووقعتم في مأزق ودخلتم في نفق، ولكن عليكم أن تدركوا الآن وقبل فوات الأوان أنّ باستطاعتكم الخروج من هذه الورطة وتفادي خسائر إضافيّة ومضاعفة إذا أخذتم الخيار الصّحيح وسلكتم طريق الانتقال من اللاشرعيّة إلى الشرعية، والخطوة الأولى هي تسليم السلاح والانضواء في مشروع الدولة وتحت سقفها وضمن مؤسّساتها”.

وأفاد بأنّ “ما أنتم فاعلون حتى الآن، لا يُطمئن وليس في الاتّجاه الصّحيح. عندما تبتدعون المبرّرات والذرائع للتّمسّك بسلاح صار مصدر تهديد وخطر عليكم وعلينا ولم يكن يومًا ضمانة ومصدر حماية كما تزعمون، وعندما تدّعون أنّ هذا السلاح مرتبط بتهديدات جديدة آتية من سوريا والحدود الشّرقيّة أوأنّه مرتبط بكرامتكم وشرفكم وأنّكم إذا سلّمتم السّلاح ضعفتم وانكشفتم وانتهيتم وانتهى الشّيعة معكم. فهذا كلّه تخيّلات وهراء وكذب وافتراء”.

وأكّد أنّ “عمر الشّيعة في لبنان ضارب في التاريخ، وعزّتهم وأمنهم وكرامتهم من عزّة لبنان وأمنه وكرامته. لم يأت الشيعة إلى لبنان معكم، ومن المؤكّد أنّهم لن يذهبوا معكم! فطالما هناك لبنان، هناك شيعة في لبنان، إن كان بوجود هذا الحزب أو من دونه، بوجود هذا الزّعيم أو من دونه”.

وقال أنّه “لقد تبيّن بالوقائع والتّجربة أنّ هذا السّلاح لا يحمي ولا يبني ولا يردع، وعلى العكس من ذلك تمامًا جلب الدّمار والخراب والتّهجير واستجلب احتلالًا جديدًا، وثبت أيضًا أنّ هذا السلاح لا يحمي الشيعة وإنّما يحتمي بهم ويتّخذ منهم متراسًا ولا يؤمّن مصالحهم ولا يعالج هواجسهم ومخاوفهم وإنّما يغرقهم في مخاطر وحروب وجوديّة”.

وأشار الى أنّه “آن الأوان كي يستفيق حزب الله من أوهامه ويترك بيئته والشّيعة يعيشون مثل سائر اللبنانيّين، هذه البيئة التي أعطته كلّ ما لديها. وآن الأوان للشّيعة الكرام الأعزّاء أن يفكّوا أسرهم بيدهم وأن يعودوا إلى تاريخهم اللبناني وإلى حال الأمان والاستقرار جنبًا إلى جنب مع بقيّة اللبنانيّين”.

وتابع جعجع: “أيّها الإخوة الشّيعة في لبنان، “أوصي أبنائي إخواني الشّيعة الإماميّة في كلّ وطن من أوطانهم، وفي كلّ مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وأن لا يميّزوا أنفسهم بأيّ تمييز خاصّ، وأن لا يخترعوا لأنفسهم مشروعًا خاصًّا يميّزهم عن غيرهم”. هذا الكلام ليس لي، ولا لأيّ أحد آخر منّا، بل هو من وصايا سماحة الإمام محمّد مهدي شمس الدّين.
‏ويقول أيضًا سماحته: “على الشيعة اللبنانيّين أن يندمجوا في محيطهم الإسلامي اللبناني اندماجًا كاملًا (…) وفي نفس الوقت هذا الاندماج لا يكون على قاعدة طائفيّة مذهبيّة، وإنّما يكون منسجمًا مع الاندماج في الوطن العام مع الشعب اللبنانيّ كلّه. (…) إنّ المسيحيّة في لبنان جزء مكوّن للبنان كالإسلاميّة في لبنان”.

وأكمل خطابه قائلًا “أتوجّه إلى الإخوة الشيعة بكلمة صادقة من القلب والعقل، لأقول لهم: أنتم مكوّن أساسيّ من المكوّنات اللبنانيّة في هذا الوطن الذي أكّد عليه الإمام موسى الصّدر وطنًا نهائيًّا، والتزمتم به كذلك في الدستور المنبثق عن وثيقة الوفاق الوطنيّ أي اتّفاق الطائف. لا نرضى، نحن وأكثريّة اللبنانيّين، ولا نقبل أن يُصيبكم ما أصابنا في حقبة الوصاية السّابقة بعد أن سلّمنا سلاحنا، من إجحاف وتمييز وافتئات على الحقوق والدّور والحجم، ولا تشعروا أنّكم في خطر ومهدّدون، فالأيّام اختلفت والظّروف تغيّرت، فلا غازي كنعان ولا رستم غزالة، ولا سلطة وصاية جائرة تعمل لصالح نظام الأسد ووفق مفاهيمه، بل سلطة وطنيّة انبثقت بالفعل عن مجلس نيابيّ حقيقيّ، ساهمنا جميعًا، أنتم ونحن، في انتخاب أعضائه، وتحت أنظار حكومة كنتم أكثريّة فيها”.

وأشار الى أنّ “سلطة وطنيّة على رأسها العماد جوزيف عون، المشهود له، مذ كان قائدًا للجيش، بتعلّقه بالقوانين في ممارسة السّلطة، وحيث كان لكم يد طولى في انتخابه. سلطة وطنيّة يرأس حكومتها رئيس مشهود له، ولو اختلفتم معه بالرّأي، بالنّزاهة وبتمسّكه الشّديد بالقانون، كما تمسّكه من دون هوادة بالحرّيّات العامّة، والأهمّ من هذا كلّه، مجلس نيابيّ يُتابع ويحاسب ويتدخّل عند الضّرورة. والأهمّ الأهمّ بعد، عدم وجود أيّ نيّة عند أحد بالتّفرّد بالسّلطة، خلافًا لما كان عليه الأمر مع نظام الوصاية، وعدم قدرة لأحد أصلًا بالتّفرّد بعد زوال السّلاح غير الشّرعيّ وعودة مؤسّسات الدّولة، خصوصًا الدستوريّة منها إلى الحياة الطبيعيّة”.

وقال جعجع: “أيّها الإخوة الشيعة، لا تصدّقوا أنّ السّلاح يحميكم ويحصّل حقوقكم وشرفكم، ولكم في الحرب الأخيرة دليل ساطع وواقع لا مجال لإنكاره. ولا تصدّقوا أنّ الطوائف الأخرى تشحذ الهمم والطاقات والغرائز للنّيل منكم. لا بل على العكس، لقد اشتقنا جميعا إليكم شيعة عامليّين لبنانيّين أصيلين”.

وقال: “لا تصدّقوا ما يُصوّر لكم بأنّ البحر من ورائكم والعدوّ من أمامكم وقد أصبح الخطر محدقًا بكم من الجنوب والشرق فأين المفرّ؟ المفرّ الفعليّ هو الطريق إلى الدولة. ثِقوا أنّ الدولة، التي هي لنا ولكم، وحدها هي التي تحميكم وتشعركم بالأمن والأمان وهي الملاذ والضّمانة. ولكم خير وأكبر مثال على ذلك عقدان من الزّمن بين الأعوام 1949 وحتّى 1969 عشتموها بأمان وسلام إلى أن ظهرت المقاومات المسلّحة في الجنوب وفتحت عليكم أبواب جهنّم ولم تقفل حتّى السّاعة”.

وأكمل متوجهًا للشيعة: “أيّها الإخوة الشيعة، ثِقوا أنّ أيّ خيار ومشروع خارج الدّولة سيكون خطرًا عليكم، وتهديدًا لكم، ويجعلكم لقمة سائغة في فم التّنين وفم الأمم والمصالح الخارجيّة. لقد آن الأوان كي تخرجوا وتخرجوا تاريخكم الوطنيّ النّاصع مثل جبل عامل وأن ترسموا خط النّهاية لحاضركم الحافل بالخيبات والنّكسات، ودائرة الارتباطات والمشاريع الإقليميّة والاستخدام أوراقًا للتّفاوض أو لتصفية الحسابات”.

وتابع جعجع “أيّها الإخوة الشيعة، ننتظركم مثل سائر اللبنانيّين لننطلق سويًّا في مشروع الإنقاذ، في مشروع النّهوض والإصلاح، ولنبني معًا دولة فعليّة ذات سيادة وسلطة مطلقة، دولة عصريّة حديثة تتمتّع بالثّقة والاستقرار والإنتاجيّة”.

وأضاف: “أيّها الإخوة الشيعة، لا تنخدعوا بِمَن يُحدّثكم عن ضمانات، أنتم الضّمانة كما كلّ مكوّنات لبنان ضمانة لبعضها البعض. ولا تخافوا من التّهويل عليكم بأنّكم عرضة لهجوم محتمل من الحدود الشّرقيّة، إذ لا أحد قادر على استهدافكم، فالجيش في ظلّ الدولة الحالية يحمي الحدود ويمنع أيّ اعتداء، كما فعل مرارًا في الأشهر الماضية. وإذا احتاج الأمر فإنّ جميع اللبنانيّين يد واحدة لندافع عن أيّ شبر من تراب لبنان، وهذا ما قام به أهلنا في القاع يوم طرق الإرهاب بابهم في العام 2016 فعاد على أعقابه بعدما تكبّد خسائر كبيرة”.

وأشار الى انّه “أيّها الإخوة الشيعة، ننتظركم لتعود مواسم الخير إلى الجنوب والبقاع وكلّ بقعة من لبنان. ننتظركم لتكون مهرجانات الفرح والثقافة والإبداع في النّبطيّة وبنت جبيـل كما هي في الأرز وجبيل. ننتظركم لتعود البيوت المدمّرة إلى أصحابها، ولترتفع مداميكها تحت أنظار الجيش اللّبنانيّ وحمايته”.

وأكّد جعجع انّ “كلّ يوم يمرّ من دون تسليم السّلاح يطيل من معاناتكم ويبعدكم أكثر فأكثر عن بيوتكم وأرزاقكم. إنّ كلّ يوم يمرّ يؤخّرنا أشهرًا وحتى سنوات عن إعادة البناء والنّهوض. إنّ كلّ يوم يمرّ يمدّد انتظارنا الثقيل لعودة لبنان إلى ذاته، للانطلاق بمسيرة الإصلاح الجذريّ، لبداية الانتظام الماليّ، للمباشرة الجديّة بالتّنقيب عن النّفط والغاز ولعودة الازدهار إلى لبنان”.

والى شباب وشابات لبنان توجه جعجع قائلًا: “35 عامًا أضاعوها عليكم، وقد حان الوقت لتعويضها. العديد منكم تركوا الوطن في العقود الأخيرة. البعض ممّن تركوا لبنان، تركوه لأسباب اقتصاديّة، لكنّ البعض الآخر تركوه لأنّه لم يعد يشبه لبنان الذي عرفه أهلهم، أو سمعوا هم عنه: فهو لم يعد لبنان التّاريخ. فبدل وطن النّور والعلم والثقافة والحضارة والتّقدّم والازدهار، تحوّل لبنان أرضًا ظلاميّة تسودها شريعة الغاب، والفساد، وثقافة الموت، والسّلاح والاغتيالات، أرضًا تقلّصت فيها مساحة الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان إلى أضيق رقعة عرفها لبنان في تاريخه الحديث. أمّا الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فحدّث ولا حرج في ظلّ سلطة الوصاية وبعدها سلطة الممانعة، حيث نهبت الدولة والمجتمع”.

وتابع “أمّا اليوم، فالدولة اللبنانية التي كانت في حال نزاع وموت بطيء، عادت إلى الحياة. الدولة التي كانت “إلى زوال” مقيّدة، مسلوبة القرار، فاقدة لكلّ ثقة ومصداقيّة، انتفضت وشرعت في إعادة البناء، بناء المؤسّسات الشرعيّة الحرّة المتحرّرة، بناءً علاقة الثّقة مع شعبها وناسها، بناءً جسور العلاقات مع العالم العربيّ والمجتمع الدوليّ. لقد بدأ لبنان يعود إلى نفسه ومحيطه ودوره ورسالته، ومع السّلطة اللبنانيّة الجديدة، بدأت مرحلة جديدة وحاسمة في تاريخنا وانطلقت مسيرة تغيير وورشة نهوض وعمليّة بناء دولة فعليّة: دولة القانون والمؤسّسات”.

وأشار الى أنّنا “انطلقنا نحو المستقبل المشرق الواعد ولا عودة إلى الماضي المظلم والظّالم. هذه مسيرة بدأت ولن تتوقّف، تتقدّم إلى الأمام ولا رجعة فيها إلى الوراء، فلا يعتقدنّ أحد أو يتوهّمنّ أنّ بإمكانه وقف وعرقلة مسيرة التاريخ وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتجاهل التّغييرات والقفز فوقها والاستمرار في سياسات وأساليب فاشلة ومدمّرة وكأنّ شيئًا لم يكن، وكأنّ شيئا لم يتغيّر”.

وأكمل: “كلّ ما حولنا وفي محيطنا تغيّر وتبدّل. وكلّ المعادلات عندنا تتغيّر وتتبدّل ومن غير الجائز ولا المسموح بعد كلّ ما حصل أن تبقى السياسات والقرارات والأساليب والذّهنيّات نفسها. خطوة الألف ميل انطلقت، والتّغيير الذي بدأ في قمّة السّلطة سيتواصل وبقدر أكبر من العزم والحزم”.

وأضاف: “إنّ دولة جديدة بدأت تبصر النّور. الطريق لن تكون سهلة، والخطوات تستغرق وقتًا، لكنّها الخطوات المطلوبة بالفعل، وفي الاتجاه الصحيح تمامًا. إنّ ⁧‫لبنان‬⁩ جديدًا هو على طريق التّكوين. هذا رهان علينا جميعًا أنّ نساهم فيه لنصل إلى هذا اللّبنان الجديد. ولحسن الصدف ومع هذا اللّبنان الجديد الذي بدأ يتكوّن، فإنّ سوريا جديدة قد بدأت تتكوّن أيضًا. إذ شاءت الظروف أن تُطوى حقبة الأسدين، وتبدأ سوريا صفحة جديدة بعد نزاع دمويّ ومرارة كبيرة عاشها الشعب السوري”.

وعن سوريا، قال جعجع: “إنّ سوريا اليوم، وقد تخلّصت من نظام الأسد الاستبداديّ الذي أدّى إلى نزوح قسم كبير من شعبها إلى الدّول المجاورة لا سيّما لبنان، مدعوّة إلى أن تعمل لاستعادة أبنائها إلى كنفها معزّزين مكرّمين على أرضهم وتراب وطنهم. ومن الخطوات التي تعزّز الأجواء الإيجابيّة بين البلدين، بدء العمل على ترسيم الحدود البرّيّة والبحريّة بينهما، مع ما يعنيه هذا التّرسيم من ضبط للحدود، وقيام تعاون بين الجيشين اللبنانيّ والسوريّ لمنع أعمال التّهريب على مختلف أنواعه، ودحر الإرهاب على جانبيّ الحدود. بهذا ترتسم أكثر فأكثر معالم ⁧‫لبنان‬⁩ الجديد الذي طالما حلمتم به”.

وأشار: “أدعو الأمانة العامّة لجامعة الدّول العربيّة للتّفكير جدّيّا بعقد قمّة عربيّة في بيروت على غرار قمّة 2002، كي يكتمل عقد عودة لبنان إلى محيطه العربيّ، وعودة العرب إلى لبنان”.

وقال: “الشابّات والشبّان اللبنانيّون، إذا كنتم قد تركتم وطنكم لبنان لأنّكم لم تعودوا تعرفونه، فإنّ لبنان الجديد تعرفونه جيّدًا ويعرفكم تمامًا، وسيكون على قدر تطلّعاتكم وطموحاتكم. فلا تتأخّروا وأعدّوا العدّة منذ اليوم للعودة إلى أحضانه، إلى أحضان أمّهاتكم وآبائكم وأقاربكم وأصدقائكم وأهلكم ووطنكم، فلبنان الجديد بأمسّ الحاجة إليكم. إنّ الأوطان تُصنع ولا تؤخذ، تُبنى ولا تُشترى، فتعالوا نستعيده سويًّا ونعيد بناءه سويًّا، خصوصًا مع الاستحقاقات الدّستوريّة الآتية”.

وتابع جعجع: “بعد استعادة رئاسة الجمهوريّة من براثن الفراغ والإفراغ، وبعد قيام حكومة القرار والسيادة، نحن على موعد مع استحقاق دستوريّ هو الأهمّ، ومع محطّة سياسيّة وشعبيّة فعليّة. إنّه استحقاق الانتخابات النّيابيّة في العام المقبل. إنّها محطّة كي يُمثّل الشّعب اللّبنانيّ خير تمثيل بمجلس ينسجم مع متطلّباته وطموحاته المستقبليّة. ولذلك نحن نتمسّك أوّلًا بإجراء الانتخابات في موعدها ونرفض أيّ تفكير أو توجّه إلى التّمديد للمجلس النّيابيّ تحت أيّ ظرف أو ذريعة. زمن التّمديد ولّى إلى غير رجعة، فالتّمديد كان من سِمات العصر البائد وعلاماته، عصر الهيمنة والوصاية، وسنقاوم بشدّة أيّ محاولة لوقف مسيرة التّغيير عند أبواب المجلس النّيابي وتمديد الواقع الرّاهن”.

وأشار الى اننا “نتمسّك ثانيًا، بإجراء انتخابات ناجحة وتوفير أفضل الشّروط والظّروف لها وأوّلها إعطاء المغتربين حقوقهم في التعبير والتصويت للنّواب الـ128، مثلهم مثل اللّبنانيّين المقيمين. فلا يجوز أن يحرم الذين اضطرّوا إلى مغادرة ⁧‫لبنان‬⁩ قسرًا ودفعتهم إلى ذلك الدولة الفاشلة وظروف الحرب والبطالة، أن يحرموا من أبسط حقوقهم المواطنيّة وأن يوضعوا على الهامش وخارج وطنهم. نريد مجلسًا نيابيًّا حرًّا وسلطة تشريعيّة متحرّرة تواكب النّهضة التي يشهدها لبنان”.

وتابع: “الانتخابات المقبلة هي الامتحان والتّحدّي والاستحقاق، ولتكن موعدًا حاسمًا مع التّغيير وحسن الاختيار لِمَن ينسجم مع المرحلة الجديدة وتحوّلاتها ومتطلّباتها ولِمَن هو أهل للثّقة وتمثيل اللبنانيّين وأخذهم إلى آفاق مستقبليّة. وإذا كنّا قد أحدثنا فرقًا ملحوظًا مع المجلس النّيابي الحالي، فإنّنا سنُكمل ما بدأناه مع المجلس القادم، وسنحدث الفرق الكبير والتّحوّل الحاسم، مُدركين أنّ الوسائل الدّيمقراطيّة والسّياسيّة هي أقصر الطّرق وأكثرها فعّاليّة وأقلّها كلفة للتّغيير باتّجاه الأفضل، وأنّ ما يمكن تحقيقه بواسطة صناديق الاقتراع لا يمكن تحقيقه بواسطة صناديق السّلاح والذّخيرة”.

واكّد انّ “صوتكم أيها اللبنانيون هو سلاحكم، فلا تفرّطوا به لا لمصلحة صديق أو قريب أو مقدّمي الخدمات، وليكن في الانتخابات النيابية الآتية صوتًا مدوّيًا، حاسمًا، ناطقًا باسم الحقّ والحقيقة، وهادفًا إلى التّغيير والوصول إلى الدّولة الفعليّة”.

وتابع جعجع: “أيّها اللبنانيّون، “ما تقولوا طوّل هاللّيل، قولوا بكرا جايي نهار”، تحية للشاعر طلال حيدر.” وفعلا طالع علينا نهار جديد”. آن الأوان وبدأت الهيبة تعود للدّستور والقوانين، وبدأت الرّهبة تعود للجيش والقوى الأمنيّة، والاحترام والشّفافيّة للإدارة العامّة. وطبعًا المقدّمة لهذا كلّه هي عودة السّلاح، كلّ السّلاح، حصرا للدولة اللبنانيّة، وبالتالي عودة الدولة إلى ذاتها”.

ولفت الى انّ “الأوان قد آن ليعود اللبنانيّون متساوين أحرارًا. آن الأوان ليحصل اللبنانيّ على حقوقه بقدر ما يلتزم بواجباته، فلا يدفع ضريبة من هنا، لتذهب هدرًا وفسادًا أو دعمًا من هناك. ولا يتعب ويشقى ليُسدّد رسومًا يتمّ تحويلها لخدمة من لا يُسدّد لا رسومًا ولا ضرائب. وكما نجرؤ حيثما يُنادي الحقّ، على أهل الدولة أن يجرؤوا حيثما تنادي السيادة والدولة الفعلية. إنّ دول العالم قاطبة، عربية وأجنبيّة، ومن المرّات النادرة جدًا في تاريخنا الحديث، ملتفّة حول لبنان ومستعدّة لمساعدته هذه المرّة، فلا نُضيّعنّ الفرصة من جديد، ولنتحمّل مسؤوليّاتنا كرجال دولة لتكون لنا دولة فعليّة وأصدقاء فعليون”.

وتابع: “رفاقي الشّهداء، إنّي أشعر بحضور طاغ أكثر لكم هذا العام، يفوق بكثير حضوركم الطّاغي دائما أبدًا في كلّ يوم من مسيرتنا. أقول لكم اليوم فعلا: ناموا قريري العين، لأنّنا في أكثر الظّروف صعوبة وأكثر الأيّام سوءًا وفي أكثر التجارب قسوة، لم نلن لحظة، ولم يرفّ لنا جفن ولا سايرنا ولا استكنّا، فكيف بالحريّ الآن مع بداية مرحلة جديدة أقلّ قساوة وصعوبة ومرارة مع المراحل السّابقة. ناموا قريري العين لأنّنا في النّضال مستمرّون”.

وختم جعجع: “نهر الحياة بالنّسبة لنا دافق هادر دومًا أبدا. وبعد كلّ محطّة هناك محطّة، وإن كنّا اليوم قد وصلنا إلى المحطّة التي نحن فيها، فقبل أن نبلغها حتّى، أصبحت عيوننا شاخصة إلى المحطّة التي ستلي. فكما الحياة مستمرّة، كذلك المواجهة مستمرّة، وسنجرؤ دائمًا أبدًا، ليبقى لبنان إلى أبد الآبدين آمين. المجد والخلود لشهداءنا الأبرار. عاشت القوات اللبنانية. ليحيا لبنان”.