أي تمييز بين “الترحيب” و”الإقرار”؟ المعنى اللغوي هو القبول… والعبارة أخفّ وطأة

أي تمييز بين “الترحيب” و”الإقرار”؟ المعنى اللغوي هو القبول… والعبارة أخفّ وطأة

الكاتب: منال شعيا | المصدر: النهار
7 أيلول 2025

ما الفرق القانوني بين “إقرار” الخطة و”الترحيب” بها، ولاسيما إذا كان الترحيب يستند الى قرار سابق صادر عن سلطة مجلس الوزراء نفسها؟

إنه الترحيب الذي استلزم أكثر من جدل وتفسير. فبعد عرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل أمام مجلس الوزراء خطة الجيش، جاء حرفيا في مقررات الحكومة: “رحّب المجلس بخطة الجيش ومراحلها المتتالية بحسب الطائف والاتفاقيات وإعلان وقف الأعمال العدائية وخطاب القسم والبيان الوزاري”.

فما الفرق القانوني بين “إقرار” الخطة و”الترحيب” بها، ولاسيما إذا كان الترحيب يستند الى قرار سابق صادر عن سلطة مجلس الوزراء نفسها؟

لا يرى الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك أي تناقض أو مفعول عكسي للكلمة.

يشرح لـ”النهار”: “حاولت الحكومة نزع الفتيل والحؤول دون انفجار هذه الحكومة واستقالة وزراء الثنائي. من هنا، سعت إلى الالتفاف على العبارات وتدوير الزاوايا بها. فعندما قالت إنها “رحبت” بخطة الجيش فإن الترحيب بالمعنى اللغوي هو القبول. بالتالي، المعنى الآخر المخفي أو المستتر هو أن مجلس الوزراء قبل بخطة الجيش”.

هكذا، يكون اختيار التعبير وكأن له “رسالة معنوية – نفسية”، اكثر منها تقنية، إذ لا اختلاف في التفسير.

يعلق مالك: “اتت كلمة “الترحيب” اقل وطأة من كلمة “اقرّ مجلس الوزراء”. انما ارى ان المعنى هو نفسه والاتجاه لا يزال سالكا وفق المسار الذي سبق أن اتبعته الحكومة في جلستي 5 و7 آب، وهي تشكل محاولات يبذلها، تحديدا رئيس الجمهورية، من اجل تنفيس الاحتقان داخل مجلس الوزراء”.

تسوية طبعت “ترحيب” الحكومة بخطة قيادة الجيش… برّي أوّل “المتلقّفين” وخمس مراحل ولا مهلة معلنة
بدا طبيعياً أن تتفاوت التقديرات الفورية والتفسيرات لطبيعة القرار الذي انتهت إليه جلسة مجلس الوزراء الثالثة في سياق الجلسات المفصلية السيادية التي عقدها في الخامس والسابع من آب والخامس من أيلول إذ يفترض أن تكون جلسة الأمس “الثالثة الثابتة” والحاسمة لجهة إطلاق المسار التنفيذي لحصرية السلاح في يد الدولة على كامل التراب اللبناني.

تدرّج مقصود

لعلّه من اللافت أن يعاد التذكير بخطاب القسم والبيان الوزاري، بحيث تمّ ربط “الترحيب” “بالتزام اتفاق الطائف والاتفاقيات وإعلان وقف الأعمال العدائية وخطاب القسم والبيان الوزاري”، فهذا التدرّج في تعداد هذه الثوابت، لم يأت من عبث، بل كان مقصودا لايصال الرسائل السياسية، بأن لا تنازل عما سبق أن أقر، ولاسيما القرار الوزاري السابق الذي اتخذ في جلسة 5 آب الفائت.

سياسيا، لا تمييز بين “الترحيب” و”الاقرار”، إذا ما ربط الامر بالشق العملي او التنفيذي لمضمون الخطة، بمعنى ان الخطة ستنفذ في الحالتين.
نفسيا، تشكلّ كلمة “الترحيب” “اريحية” اكثر من كلمة “اقرار”.

وفي الدستور، يتوقف الخبير الدستوري الدكتور جهاد اسماعيل عند “مصطلح كلمة “رحب”، قائلا لـ”النهار” : “لا اطار دستوريا له في مواد الدستور او في مقدمته”.

يفنّد: “في المادة 65 من الدستور التي تعدد صلاحيات مجلس الوزراء، لا ذكر لاصدار تمنيات او توصيات من الحكومة، كما هو الحال بالنسبة الى مجلس النواب، والذي يحددها النظام الداخلي للبرلمان. لذلك، فان المادة 65 من الدستور تحدد، من ضمن صلاحيات مجلس الوزراء، وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها”.

فهل كلمة “رحب” هي قرار؟

يجيب: “لا، هي ليست قرارا اداريا، فهي ليست قرارا حتى تكون تطبيقا للسياسة العامة التي اقرت في جلستي 5 او 7 آب.

ربما كلمة “رحب” هي بمعنى “اطلّع” على الخطة الصادرة عن قيادة الجيش، فهل مجلس الوزراء اتخذ، بالامس، قرارا؟ دستوريا، ان كلمة “رحب” لا ترقى الى مستوى القرار الاداري، والا لكانت استعملت عبارة: “قرّر مجلس الوزراء” الموافقة على خطة الجيش”.

قد يكون الامر “التفافا” على الكلمات، انما في النتيجة القرار اتخذ، وليس بالامس، وانما قبل شهر تحديدا. وربما ما يخدم في هذه المسألة، ان المعجم اللغوي العربي يساعد على الاحاطة بكثير من المفردات، اذا كان القصد ايصال رسائل محددة…وفي اتجاه معيّن!