تحذير غربي من فرض إسرائيل بالقوة نزع سلاح “الحزب”

تحذير غربي من فرض إسرائيل بالقوة نزع سلاح “الحزب”

الكاتب: سمير تويني | المصدر: النهار
10 أيلول 2025

يستلزم إحراز الحكومة اللبنانية تقدماً في مساعيها لحصر السلاح بيد الدولة ضغطاً من إيران على “حزب الله”. فهل ذلك ممكن من خلال مفاوضات أميركية – إيرانية حول دور طهران إقليمياً؟ أم هو يحتاج إلى تواصل السلطات اللبنانية مع السلطات الإيرانية لتحديد دور الحزب في المستقبل؟

ترك قرار مجلس الوزراء الأخير حول حصر السلاح بيد الدولة ارتياحاً في الأوساط السياسية لأنه نزع فتيل التصعيد. وأدت المفاوضات بين الرئاسات الثلاث إلى التوصّل إلى صيغة يستكمل فيها سحب السلاح جنوبي نهر الليطاني ومنع حمل السلاح ونقله في بقيّة المناطق. فاستمر الحزب برفضه تسليم سلاحه بغطاء إيراني لأن دوره ما زال المحافظة على نفوذ داخلي وخدمة لأجندات إقليمية. فهل وافقت واشنطن على انتظار مفاوضات إقليمية بعد الإعلان عن نفاد صبرها تجاه الحكومة؟ كان المبعوث الأميركي توم براك زاد الضغط على السلطات اللبنانية معتبراً “أن الشعب اللبناني رهينة الوضع القائم المتعثر”، حتى إن باريس المتفهّمة صعوبة هذه العملية أصرّت على نزع هذا السلاح لأنه يشكل مفتاح انطلاق العجلة الاقتصادية وفتح أبواب المساعدات الدولية، رغم إعلان ترحيبها بخطة الجيش لحصر هذا السلاح.
وتعتبر مصادر غربية أن لبنان يخضع في الوقت الراهن لوصاية دولية فعلية حيث تدفع جهات خارجية المسؤولين اللبنانيين إلى اتخاذ قرارات تجنبوا اتخاذها منذ أكثر من عقود لاستعادة سيادة الدولة، وهذا مؤشر على مكامن الضعف القاتلة التي يعاني منها لبنان. فالسلطات عاجزة عن ابتكار الحلول ولا تمتلك سوى ورقة ضغط واحدة في مواجهة الحزب وهي أن إسرائيل ستواصل استهداف الحزب وكوادره ومستودعاته إضافة إلى القرى التي يوجد فيها إذا أصر على رفض نزع سلاحه.
فالأطراف الدولية وعلى رأسها واشنطن تطالب اللبنانيين بالإسراع في التوافق على نزع سلاح الحزب. وقرار الحكومة بتحديد مهلة نهائية للجيش بحلول نهاية العام لم يكن منطقياً بعدما مضى على القرار أكثر من شهر دون أي تنفيذ بانتظار الخطة.
ومن جهة أخرى، تعتبر إسرائيل أنه ما لم تترجم وعود الدولة بنزع سلاح “حزب الله” إلى إجراءات مهمة فلن تنسحب من التلال المحتلة وهي لا تعتبر أن الانسحاب شرط مسبق لاتفاق لبناني لنزع السلاح. ولدى إسرائيل العديد من الحوافز لتشجيع الحزب على تسليم سلاحه. غير أنه سُجّلت بعض الليونة في الموقفين الأميركي والإسرائيلي ورحبت واشنطن بالخطة لنزع السلاح ودعت إسرائيل إلى تبنّي خطوات إيجابية مقابل الخطوات اللبنانية.
وتضيف المصادر أن عملية نزع السلاح تحتاج إلى مسار آخر، التفاوض مباشرة مع إيران لأنها الجهة صاحبة القرار النهائي في هذا الشأن، فلا يمكن معالجة نزع السلاح مع تجاهل الجهة المتحكمة به. وعدم خوض لبنان هذه المفاوضات قد يؤدي إلى إرغام لبنان على القبول بنتيجة لا رأي للبنان فيها. وهذا الحوار سيؤدي إلى تحديد النيّات الإيرانية بالنسبة إلى لبنان، وكيفية إقامة علاقة طبيعية مع طهران تحترم سيادة البلد لأن من مصلحة لبنان الحدّ من التدخل الإيراني في شؤونه، ولبنان لا يستطيع واقعياً قطع روابط الطائفة الشيعية مع إيران.
وتتابع أن هذه الاتصالات يمكنها تحديد الأجندات المختلفة داخل إيران حيال مستقبل الحزب، لأنه رغم كل ما يشاع فإن هامش مناورات الحزب يتراجع تدريجاً في لبنان ومن المهم معرفة إلى أيّ مدى طهران مستعدة للقبول بهذا التغيير. ويمكن للسلطات اللبنانية في هذا السياق الاستعانة بالقنوات السعودية والإماراتية والقطرية لتحقيق هذا الهدف.
وتختم المصادر أنه يجب على إيران والحزب توخي الحذر، فإن كان الهدف إعاقة نزع السلاح فالكلفة قد تكون مرتفعة والرئيس الأميركي دونالد ترامب منح إسرائيل شيكاً على بياض لتثبيت موقعها الإقليمي، وينبغي أن يعي اللبنانيون عموماً والحزب خصوصاً أن إسرائيل قد تحتلّ المزيد من الأراضي اللبنانية وأن تدمّر مناطق الحزب وأن تغتال قادته إن لم تحرز الدولة اللبنانية أيّ تقدّم ملموس بشأن نزع السلاح. وعندئذ يمكنها فرض نزع سلاح الحزب بالقوة ثمناً لانسحابها من الأراضي اللبنانية.
قد يشعر الحزب بأن التصعيد الإسرائيلي قد يمدّه بطوق نجاة لإعادة إحياء المقاومة ولكن لا يمكن لـ”حزب الله” أن ينخدع وأن يخدع اللبنانيين فغالبيتهم غير مستعدة للتورّط في حرب جديدة، والنظرة إلى “الحزب المقاوم” تغيّرت حتى العداء عند أطراف لبنانية.